هي امرأة ذات شخصية عصامية، بنت نفسها بنفسها، ووصلت إلى أهدافها بجهدها وتعبها. تميزت برقي فكرها ومعرفتها، وباتزان شخصها وثقافتها. نجحت بتحقيق طموحاتها، وحددت مسارها برصانة، فتركت بصمتها المهنية محفورة في تاريخ الإعلام الإذاعي.

كان لـ"الاقتصاد" لقاء خاص مع الإعلامية ومديرة البرامج في "اذاعة لبنان"، ريتا نجيم الرومي، دار خلاله هذا الحديث الشيّق:

- ما هي المراحل التي مررت بها في حياتك المهنية حتى وصلت إلى مكانك اليوم؟

تخصصت في مجال الإعلام في "الجامعة اللبنانية"، وبعد التخرج بدأت بالعمل الإذاعي، لأن البرامج الإذاعية هي هوايتي.

ومنذ العام 1992، أعمل في "إذاعة لبنان"، التي تعتبر الصرح الإعلامي الأكبر في لبنان، وواحدة من أهم مرافق الإعلام في العالم العربي ككل.

لقد حضنتني هذه الاذاعة منذ حوالى أربع وعشرين سنة، وقدمْتُ من خلالها برامج عدة، وعشت تجربة البث المباشر الذي يتطرق إلى مواضيع منوعة منها فنية، إجتماعية، وثقافية. بالإضافة طبعا إلى عملي كمذيعة للأخبار.

ومؤخراً حصلت على الحظ والشرف لاستلام إدارة برامج "إذاعة لبنان" في مديرية البرامج، ومن هنا بدأنا بمرحلة جديدة من العمل، وبمسؤوليات أكبر. إذ إنّ لدي فرصة كبيرة للعطاء والإبداع في هذا الموقع، وأنا أعمل بالطبع بمساعدة زملائي، وبالتنسيق مع مدير "إذاعة لبنان" محمد ابراهيم، وبتوجيهات من مدير عام وزارة الإعلام د. حسان فلحة، وبرعاية وزير الإعلام رمزي جريج.

وبالتالي نثابر جميعنا من أجل وضع لمسات جميلة على برامجنا، ونعمل بقوة وبتصميم لكي تؤدّي "إذاعة لبنان" دورها الريادي مجدداً، الذي أدّته منذ أن نشأت في العام 1938، وعندما لمع نجمها في الأربعينات والخمسينات.

- ما هي التغيّرات التي حصلت في "إذاعة لبنان" منذ أن استلمت منصبك الجديد؟

لقد كرمنا المرأة في يومها العالمي، والسيدة فيروز في عيدها الثمانين، كما كرمنا سلام الراسي كأديب لبناني كبير، للتأكيد على احترامنا للأدب الشعبي، وتمكسنا بجذورنا. ولدينا اليوم برنامج في "إذاعة لبنان" تحت اسم "سلام الراسي يتذكر"، يبث يوم السبت عند الواحدة.

وبالإضافة إلى ذلك، أدخلنا عنصر الشباب إلى الاذاعة، ووضعنا أيدينا بأيديهم، وقلنا لهم إن هذه الاذاعة لكم، وهذا الصرح الإعلامي هو منزلكم، وهذا المنبر هو صوتكم، قولوا ما تريدون قوله، تكلموا على أفكاركم وتطلعاتكم، أظهروا إبداعاتكم عبر هذه الإذاعة... كما خصصنا لهم برامج عدة، مثل برنامج "مبدعون"، وصفحة "فيسبوك" تحت اسم "إذاعة لبنان Radio Liban"، وطلبنا منهم أن يضعوا بصماتهم، ولقد قام متخرجو كلية الفنون الجميلة في "الجامعة اللبنانية"، بالفعل بعمل رائع.

ولا بد من الاشارة إلى أن أبواب إذاعتنا مفتوحة دوماً لاستقبال أفكار الشباب التي تزيدنا ثراءً.

- ما هي المعايير التي انطلقت منها من أجل تحقيق هذا التغيير في "إذاعة لبنان"؟

لقد أخذت بآراء المسؤولين الذين أرادوا تحقيق قفزة نوعية في برامجنا وفي طلتنا على المستمع، وبالتالي أنا في تعاون دائم معهم ومع زملائنا، ونحن نعمل كفريق من أجل تقديم عمل جميل يرضي المستمع. إذ إن هدفنا الأساسي هو أن تعود "إذاعة لبنان" لتحتل مركز الصدارة في قلوب جميع المستمعين، مثلما كانت في الماضي إذاعة آبائنا وأجدادانا، وتربوا عليها.

واليوم نهتمّ كثيراً بمحبة جيل الشباب، ونقدم لهم المواضيع الجميلة، ونركز على الحفاظ على الأصالة في الأغنية والمواضيع والبرامج.

- الى أي مدى شعرت بالتجاوب مع العاملين في الاذاعة، وخاصة عنصر الشباب؟

شعرت بتجاوب كبير من كل العاملين في الإذاعة، لأننا متعطشون إلى الأجمل، ونسعى إلى تنفّس روح الشباب، لذلك من الطبيعي أن يتعاون الجميع.

- كيف تصفين مسيرتك المهنية الطويلة؟

عندما يسعى الإنسان إلى النجاح، عليه أن يكد، ويتعب ويقوم بمجهود كبير، إذ لا يمكن الوصول إلى أهدافنا بسهولة. وفي الوقت ذاته، عندما نضع هدفاً أمامنا، سنصل إليه مهما كان الطريق صعب. فصعوبات العمل متوقعة، لكن الإرادة بتقديم أعمال جميلة، تجعلنا نتخطى كل العوائق، وتشعرنا بالفرح عندما نعيش هذه المصاعب لأننا نحب عملنا.

- ما هي الصفات التي تتمتعين بها والتي أسهمت في نجاحك في العمل الإذاعي؟

يجب أن يتمتع المذيع أو المذيعة بمقومات عدة منها الفكر، والثقافة، والصوت القريب من المستمع، وروح المسؤولية، والانضباط...

* نسعى لكي تصل "إذاعة لبنان" إلى كل نقطة من الأراضي اللبنانية

- ما هي تطلعاتك وأهدافك المستقبلية؟

نسعى لكي تصل "إذاعة لبنان" إلى كل نقطة من الأراضي اللبنانية، ولكي تصل مجدداًإلى جميع اللبنانيين في كل بلدان العالم، وكل العرب والأجانب الذين يحبون لبنان.

هذا هو حلمي الكبير الذي أتمنى أن يتحقق، وأعتقد أنه حلم كل العاملين في "إذاعة لبنان"، وكل من يحب هذه الإذاعة.

- ما هو الدور الذي أدّاه الرجل في مسيرتك المهنية؟

والدي كان داعما إلى أقصى الحدود، وأنا محظوظة لأنه كان يحب العلم والمعرفة والثقافة، ولطالما آمن بأننا سنصل بعلمنا إلى مراحل متقدمة. هو من عشاق الكتاب، وأكثرها الشعر والأدب، وكان يتمتع بفكر نيّر، وبحكمة بالغة، لذلك هو مثالي الأعلى في الحياة، وقد شجعني وشجع أخواتي دوماً على النجاح.

كما أن زوجي الذي أعيش معه منذ سبعٍ وعشرين سنة، هو من أكبر الداعمين لي. إذ يقف إلى جانبي دوما، مثلما أقف إلى جانبه، وأعتبر أن دعمه أساسي بالنسبة لي. فإذا عملت المرأة وحدها، أي بدون دعم الزوج أو بتجاهل أو بعرقلة منه، سيكون من الصعب عليها الإستمرار. لذلك لا بد من القول:إنني محظوظة للغاية، لأن زوجي عوض الرومي وأولادي، أعطوني دعمهم الكامل، ولطالما شجعوني على النجاح، ووقفوا إلى جانبي. فنجاح المرأة لا يحصل، إلا بدعم كل أفراد عائلتها. كما أن موقع المسؤولية، يتطلب الكثير من الوقت والجهد، وإذا لم تتفهم العائلة هذا الواقع، ستتضاعف صعوبة المهمة.

- ما هو الإنجاز الأكبر الذي حققته في مسيرتك المهنية؟

أكبر انجاز بالنسبة لي يتمثل في عائلتي الجميلة التي أفتخر بها، وفي الدعم الذي تقدمه لي على الدوام. فقد بقيت عائلتي إلى جانبي ودعمتني عندما تحملت مسؤولية أكبر، لذلك أشعر أنه إنجاز كبير وضخم.

- كيف تقيمين وضع المرأة في لبنان اليوم؟

لا ننكر أن مجتمعنا ذكوري، لكن المرأة في لبنان جريئة، وشخصيتها قوية، ولديها فكر حاضر، والبرهان أنها تؤدّي دوراً كبيراً في مجال الإعلام. كما أن حضورها واضح في المجالات كافة، خاصة مايتطلب المعرفة والثقافة.

لذلك نحن بحاجة إلى المزيد من حضور المرأة في كل المجالات، وخاصة في مجلس النواب، والوزارات، ومراكز المسؤولية، لأن الله أعطاها نعمة ميزها بها، فهي تتمتع بعطف أكبر لأنها أم وزوجة وأخت. وبالتالي يجب أن يستفيد المجتمع من إضافات المرأة.

لكن السيدة لا تستطيع إثبات وجودها إذا وصلت من خلال رجل معين أو "واسطة" معينة، لأن المرأة التي تثبت وجودها وتتمكن من الإستمرار، تكون متكلة كليا على نفسها، وعلى ذاتها وفكرها وحكمتها.

- ما هي نصيحتك إلى المرأة اللبنانية انطلاقا من مسيرتك المهنية الخاصة؟

أحب أن تحافظ المرأة اللبنانية على كل الصفات الجميلة التي ميزها بها الله، فهي تتمتع بمظهر جميل، وبفكر نيّر، لكنها قادرة على الجمع بين الإثنين، وبهذه الطريقة ستتمكن من تشكيل ثروة في هذه الحياة؛ فجمال على جمال، ووعي على وعي، وفكر على فكر، تشكل عوامل تؤدي إلى تميز المرأة في هذا المجتمع.