"الروبوتات الذكية تهدد اَمان البشرية" هذا القول المأثور بات متداول وبشدة في يومنا هذا وبشكل خاص بعد أن غزت الكائنات الأوتوماتيكية عالمنا الحالي ويقال أنها ستسيطر على مستقبلنا...نحن على يقين أنها ستحقق ذلك في الدول المتطورة والمنتجة لها، ولكن ماذا عن لبنان القابع بين دول العالم الثالث والذي تأخر في إحتواء التقنيات الحديثة ولايزال مستورد لها؟ 

بعد مرور حوالي العقدين من الزمن على دخول الإنترنت ومعها التكنولوجيا الحديثة إلى لبنان بات بإمكاننا القول أن هذا البلد بإمكاناته البسيطة قادر على منافسة الدول المتقدمة في صناعة الروبوتات وذلك من خلال مبادرات فردية من قبل بعض الشبان الذين يطمحون إلى فتح اَفاق جديدة للأجيال القادمة وترك بصمة لبنانية في صفحة التطورات العلمية.

وبعد أن ادخلت الولايات المتحدة الاميركية تعديلات على المناهج الدراسية واضافت مواداً اساسية كعلوم الحاسوب ولغات البرمجة الى المدارس العامة لتسنح الفرصة لطلابها بتعلم "مهنة المستقبل"، قام أستاذ الإلكترونيات والروبوت محمد بيروتي بالاخذ على عاتقة مهمة تعليم "برمجة الروبوتات" إلى تلامذته والسعي إلى إنجاز أول جهاز روبوت من قبل طلاب يافعين وحمله إلى التحديات في المسابقات العالمية، وقام أيضاً بتوسيع عمله ليشمل فرق عديدة من فئات عمرية مختلفة تجمع أدمغة الإناث والذكور الخالقة للذكاء الإصطناعي. كما قام البيروتي بعد ذلك بإنشاء معهده الخاص في منطقة النبطية بهدف خلق بيئية مفكرة ومبتكرة ولجذب عقول الطلاب وتطويرها.

وللوقوف عند تفاصيل ذلك كان لـ"الإقتصاد" لقاء خاص مع الأستاذ محمد بيروتي الذي قال أن مركز "علوم الروبوت والتكنولوجيا" الذي إفتتح في تشرين الأول من العام 2015 يهدف إلى نشر علوم الروبوت من الجنوب إلى لبنان كافة من خلال مشاركة الأساتذة والطلاب بأنشطة في مدارس مختلفة. ويعمل على تعليم كيفية تصنيع وبرمجة الروبوت عبر دورات تُقام على مدار السنة للطلاب مع الأخذ بعين الإعتبار عدم تضارب دوام المعهد مع دوام المدارس حرصاً على وضع الطلاب الأكاديمي.

وأضاف بيروتي أنه بعد إكتساب الخبرة اللازمة لمدة 12 سنة في مجال الروبوتات التي حصدها والجوائز التي حصلت عليها الفرق التي دربها في المسابقات العالمية والعربية التي نُظمت، إرتأى أن يطور عمله لينشر هذا العلم في دائرة أوسع من خلال هذا المعهد الذي يدرب فيه 6 أساتذة يقومون بإتباع المناهج العالمية.

وينظم المركز سنوياً البطولة الوطنية للروبوت في الجامعة الأميركية بالتعاون مع شركة etc، والذي تعتبر أكبر حدث للروبوت في لبنان. وإستطاع المعهد أن يشكل فرق من 6 مدارس ويدربها وقد شاركت بدورها في هذه البطولة، كما قد وصل أحدها إلى البطولة العربية وفاز بالجائزة. بالإضافة إلى تنظيمه لبطولة في الجامعة اللبنانية بالتعاون مع جمعية كلمات، كما يتعاون المعهد مع البلديات والمدارس لنشر التقنيات الجديدة.

ومؤخراً نظم مركز "علوم الروبوت والتكنولوجيا" نشاط مع المدرسة الكندية ومدرسة المصطفى من ضمن أنشطته التي ينوي من خلالها إدراج مادة برمجة الروبوتات في مناهج التعليم اللبنانية وكخطوة أولى في هذا الطريق إقترح بيروتي على المدارس أن تحتضن الأندية التقنية التي تسهل أمامها عملية تعليم المادة في المستقبل.

وقد حاز بيروتي والمدربين العاملين في هذا المشروع على جائزة أفضل مدرب في أكبر بطولة عالمية أقيمت في أميركا عام 2016، ومن ناحية التحصيل العلمي تختلف الشهادات التي قد حصدوها في مسيرتهم ولازالوا يسعون لحصد المزيد بهدف تطوير سليم للمشروع القائم.

وفي المقابل فإن المعهد يقدم لطلابه الشهادات العلمية بحسب الفئة العمرية، بحيث أنه يقسم الطلاب حسب أعمارهم وقدراتهم الذهنية ويوظف إبداعاتهم في ضمن مستوى فريق معين.

ويشير بيروتي إلى أن الطالب يحتاج 12 ساعة ليتطور قدراته وينتقل من مستوى إلى اَخر. وتشمل الدورات على إختصاصات التقنيات والروبوتات تخول الطالب أن يطلع على كيفية تصميم وتنسيق وبرمجة الروبوت.

وكإجابة عن سؤالنا إذا ما كانت هذه الشهادة مصدقة من قبل وزارة التربية والتعليم اللبنانية فقد تأسف بيروتي لان الدولة لا تدرج هذه المقررات ضمن أولوياتها بالرغم من أن بلد كلبنان بحاجة ماسة إلى العلوم التي تساعد في نموه ولكنه قال أن "الموضوع لا يزال في بدايته وهناك متسع من الوقت لأن تسعي لتحقيق ذلك، ونكتفي بأن يكون لدى الطالب الخبرة والكفاءة الكافية ليصمم ويبرمج روبوتاً."

أما بالنسبة للمعدات والتجهيزات فهي مستوردة من الخارج بضعف ثمنها لعدم توفرها في لبنان، وهي من شركة "lego education"، "لذلك نحن بحاجة لممول حيث أن رسوم التسجيل في المعهد بالكاد تغطي تكاليف صيانة الاَلاَت"، بحسب بيروتي.

أين لبنان من تكنولوجيا الروبوت؟

ليس هناك صناعة تكنولوجية حديثة وبالرغم من ذلك إستطاعت الفرق التي تم تدريبها على مدى خمس سنوات أن تحصد جوائز عديدة، فقال محمد بيروتي "نحن اَخر دولة عربية إنتسبت لهذا المجال بعد الأردن والسعودية ومصر، ومع ذلك حصدنا جوائز أكثر نظراً لكفاءتهم العالية، والمطلوب من الدولة هو الإلتفات لهذا الأمر وبالتالي تأمين البيئة الحاضنة للمشاركين وتحويل الأفكار الخلاقة إلى مشاريع فعلية".

عاجلاً أم اَجلاً تسقتحم هذه التقنية حياتنا اليومية لذلك علينا خلق بيئة متقبلة لهذه التكنولوجيا ولديها الخبرة الكافية للتعامل معها والتحكم بها لتكون بدورها "أداة أمان لا مهددة للأمان".