تقدر أسعار نفط خام الإشارة دبي عند 111.8 دولار للبرميل مقابل أسعار دبي في المستقبل عند 111.43 دولار للبرميل وهو ما يعني أن الأسعار الحالية أعلى مستوى من المستقبل أي أنها في حالة باكورديشين وهي تشير إلى متانة ​السوق النفطية​ في الوقت الحالي.

تعكس حالة السوق النفطية، تضافر العديد من عوامل السوق كما يذكر ذلك البيت الاستشاري أي أم سي والتي منها حاله عدم الاستقرار تصعيد العامل الجيوسياسية مع تركيز السوق على التصريحات التي تصدر من سوريا وإسرائيل وإيران وتحركات الأسطول الأمريكي في مياه الخليج العربي والبحر الأبيض المتوسط، تناقص المعروض من النفط الإيراني في السوق النفطي وأن هذا الوضع بدأ يتحسن مع عودة عدد من البلدان الآسيوية إلى استيراد النفط الإيراني عن المعدلات السابقة حيث تقدر مصادر السوق إلى ارتفاع مبيعات النفط الإيراني من 1.3 مليون برميل يوميا في شهر يوليو 2012 إلى 1.6 مليون برميل يوميا في شهر أغسطس 2012، تأثر الإنتاج في بعض مناطق الإنتاج والذي يشمل نفط بحر الشمال إضافة إلى مناطق أخرى مثل اليمن والسودان وسوريا ونيجيريا، ارتفاع معدل تشغيل عدد من المصافي في أوروبا للإيفاء بتنامي الطلب الموسمي على زيت الغاز، التصعيد السياسي خاصة في المناطق الغنية بالنفط أو قريبا منها، وانخفاض سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الرئيسية، ودور المضاربين في الأسواق الآجلة في إيجاد دعم إضافي للأسعار من خلال المخاوف من نقص الإمدادات رغم عدم وجود هذا الأمر على أرض الواقع إلى الآن، تذكر نشرة أرجوز جلوبل ماركتس أن مستوى المخزون النفطي من النفط الخام في أوروبا والولايات المتحدة وصل إلى 25 مليون برميل مع نهاية يونيو 2012 أعلى من الفترة ذاتها من العام السابق، بينما مستوى المخزون النفطي من المنتجات البترولية وصل إلى 40 مليون برميل أقل من العام السابق، ويذكر بنك باركليز أن المخزون النفطي من المنتجات البترولية في الولايات المتحدة حسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد وصل إلى أقل من المتوسط للسنوات الخمس الماضية.

يتوقع البيت الاستشاري جي بي سي أنه مع انتهاء موسم صيانة إنتاج نفط بحر الشمال في منتصف شهر أكتوبر 2012، فإن ذلك سيزيل الكثير من الضغوط على أسعار نفط خام الإشارة برنت ويسهم في الحد من ارتفاع الأسعار بصفة عامة، أضف إلى ذلك تعافي الإنتاج في ليبيا والعراق.

بينما هناك كفاية من المعروض من النفط الخام في السوق النفطية وهو أمر يتبين بشكل واضح عند مقارنة الطلب على نفط الأوبك مقابل الإنتاج الفعلي للأوبك المقدر حسب مصادر السوق، إلا أن السوق النفطية تدعم أسعار النفط الخام، ولعل يمكن أن تتضح الصورة بالنظر إلى أسواق المنتجات البترولية كما تذكر ذلك نشرة بتروليوم إنتلجنس ويكلي حيث تعاني أسواق زيت الغاز والديزل خصوصا في أسواق الغرب تناقصا نسبيا والذي يتزامن مع اقتراب موسم الطلب عليه هناك مع الحاجة الموسمية للتدفئة حيث يعاني المخزون في عدة بلدان من انخفاض في مستوى المخزون، كذلك فإن صادرات الولايات المتحدة الأمريكية من زيت الغاز تدعم أسعار زيت الغاز في الأسواق الآجلة حيث يسهم ذلك في تعزيز أرباح عمليات التكرير في الولايات المتحدة وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتصدير قريبا من مليون برميل يوميا من زيت الغاز إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا وهو ما يبقي المخزون هناك أي في الولايات المتحدة أقل بمقدار 30 مليون برميل، وتحولت الولايات المتحدة لتلعب كمصدر فعال مع انخفاض في مستوى الاستهلاك وهو ما وفر كميات للتصدير، في المقابل فإن إغلاق العديد من المصافي في أوروبا عزز الحاجة إلى الواردات من زيت الغاز هناك. ولابد من الإشارة هنا إلى أن أسعار الديزل يتم دعمها في أسواق الشرق مع معدلات عالية من الاستهلاك في منطقة الخليج العربي حيث نما بنسبة 5.7% خلال العام الحالي، وفي الهند بنسبة 8.5%، ولكن في الصين تباطؤ في معدل الاستهلاك من 13% في عام 2011 إلى انحسار بمقدار 0.3% خلال هذا عام 2012، ورغم ذلك يحذر المراقبون من أن هشاشة أداء الاقتصاد العالمي وسط عدة مخاوف وارتفاع أسعار النفط الخام أن هذا قد يهدد الطلب على زيت الغاز ولعل الوضع أيضاً يمكن أن يسوء إذا ما جاء فصل الشتاء دافئا وهي أيضاً تطورا لن تكون جيدة للأسعار أو الأسواق أو الاستهلاك العالمي.

وفي هذا الإطار، أجد من المنطق الإشادة بسلوك منظمة الأوبك في تحقيق ذلك التوازن والاستقرار، والذي يدعمه بلدان الخليج العربي وفي مقدمتهم السعودية وهو ما يسهم في الحد من ارتفاع الأسعار، لقد نجحت منظمة الأوبك منذ ذلك الحين، في دعم مرحلة تعافي الاقتصاد العالمي والسوق النفطية، من خلال ضبط المعروض مع ما يتناسب مع متطلبات السوق، كذلك يشير أكثر من بيت استشاري إلى أن المملكة العربية السعودية، بحجم إنتاجها من النفط الخام، تؤثر في مستويات الأسعار، وأن تقديرات توضح حاجتها إلى 100 دولار للبرميل لتغطية خططها في موازنتها. أضف إلى ذلك الحاجة إلى مستويات قريبة من 100 دولار للبرميل لإنجاز العديد من الاستثمارات خصوصا في تطوير النفوط الترابية والثقيلة جدا في العالم. ويذكر تحليل نشرته نشرة بتروليوم إنتلجنس ويكلي في عددها الصادر في 27 أغسطس 2012 من أن المنتجين في كندا يعلنون أن ارتفاع التضخم يجعل أسعار النفط الخام عند 80 دولارا للبرميل هي أسعار توفر جدوى اقتصادية لتطوير النفوط الترابية وهي تعادل وتكافئ الأسعار الحالية الخام مع خصم أجور الشحن والنقل، ويذهب التقرير إلى أن ارتفاع التكاليف يدفع بالتوقعات حول تضاعف إنتاج كندا من النفط بحلول عام 2021 في دائرة الشكوك، ولذلك فإن الأسعار لن تهبط عن 85 دولارا للبرميل إذا ما أخذنا في الاعتبار الحاجة في تنفيذ الاستثمارات النفطية اللازمة للإيفاء باحتياجات النمو في الطلب على النفط، ووسط هذه الاعتبارات فإن العلاوة السعرية الحالية في السوق النفطية والتي تعكس حالة التصعيد السياسي في المنطقة تدور حول 15 – 20 دولارا للبرميل، وهنا لا يجب أن نغفل أن الفترة الحالية يؤثر فيها فتره الانتخابات الأمريكية ولذلك فإن ارتفاع الأسعار إلى مستويات تفوق أو تقترب عند 120 دولارا للبرميل أو بلوغ أسعار الجازولين في الولايات المتحدة الأمريكية عند أربعة دولارات للبرميل فإن ذلك قد يدفع بشكل جدي الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة المعروض في السوق النفطية عن طريق استخدام المخزون الإستراتيجي وهو أمر غير مستبعد إذا ما توافرت الشروط لذلك.

كل هذا يدعو إلى مزيد من التعاون ما بين البلدان المستهلكة والمنتجة للوصول إلى حلول تقدم تطمينات للسوق بوفرة الإمدادات النفطية وبالتالي التأثير الإيجابي على الأسعار لتكون ضمن النطاق المقبول وفي مصلحة الجميع، وهو ما يتطلب ضبطا لسلوك المضاربين في الأسواق الآجلة بشكل منظم وحازم