عميد كلية الأعلام في الجامعة الأنطونية جو مكرزل للأقتصاد: " إذا لم يشعر الصحافي  بأنه يريد تغيير العالم فعلا .. فهو ليس صحافيا وطالما وجد صحافيون لديهم "هذه الشعلة" فلبنان لن يموت!

كليات الاعلام في لبنان وسوق العمل الأعلامي..أين كليات الأعلام من متطلبات سوق العمل ؟ كم تخرج من الطلاب كل عام وكم يستوعب منهم  سوق  الاعلام اللبناني خصوصا  في ظل الازمة التي تعيشها الصحف الورقية ؟كم من الخريجين يعملون في وسائل اعلام عربية ضمن مكاتبها في لبنان أو في الخليج هل من متابعة للطلاب بعد التخرج ؟ هل تهتم الجامعات بضرورة مواكبه متطلبات سوق العمل في لبنان ؟ هل من تحديث للمناهج بشكل يواكب التطور التكنولوجي ماذا عن التدريب ؟هل يحتاج الطالب بالضرورة الى دورات باللغة العربية وتدريب على الالقاء والتلقين؟كم تنفق كليات الاعلام على وسائل الاتصال الحديثة كميزانية مخصصة للتطوير تطبيقا لقاعدة من لا يتطور فهو متراجع حكما في عالم سريع التطور لدرجة انك مهما سارعت للحاق به ترى نفسك مقصرا ونقصد ثورة التكنولوجيا والأتصالات.(تجديد كمبيوتر برامج سوفتوير وسائل اتصال)

الاقتصاد"جالت على كليات الاعلام في الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة واللقاء الثاني كان في الجامعة الانطونية مع العميد جو مكرزل:الحوار  بدأ بالاكاديمي مرورا بعلاقة الجامعة بسوق العمل واما الختام  فوقفة وجدانية وموقف أعلنه لدى سؤاله عن موضوع "الصدمة" التي يتعرض لها الصحافي الذي يأتي من الجامعة بذهنية أنه يريد تغيير العالم وقول الحقيقة كما هي لكنه يصطدم دائما  في حياته العملية بالممنوعات والمحاذير المتعلقة بأعتبارات ومصالح  أصحاب وسائل الاعلام  هنا شدد د.جو مكرزل على " إن لم يشعر الصحافي  بأنه يريد تغيير العالم فعلا .. فهو ليس صحافيا، يجب على طالب الإعلام أن يهدف الى التغيير، وحتى لو إصطدم بعوائق عليه أن لا يتخلى عن هذا الهدف.

مؤكدا "نحن نزرع في الطلاب هذه الرغبة في التغيير، حتى وإن كان سيتعرض الطالب لصدمة في سوق العمل ... فالمثالية ليس خطأ ... ومن يحلم بجمهورية أفلاطون ليس مخطئا .. فمن الضروري أن يكون طالب الإعلام مندفعا ونحن نساعدهم على هذا الأمر فإذا إنطفأت الثورة في داخل الصحافيين .. إنتهى البلد وإنتهت الحريات والديمقراطية، يجب أن نعبر دائما عن عدم رضانا لكي نصل الى الأفضل .. وطالما وجد صحافيون لديهم "هذه الشعلة" فلبنان لا يموت ولن يموت .. ولن يستطيع أحد إطفاء هذه الشعلة".

أما تفاصيل الحوار مع عميد كلية الاعلام في الجامعة الأنطونية فبدأ بأقراره بان ::في لبنان هناك تخمة في كل شيء .. فسوق عملنا صغير .. وطلابنا والجامعيون والأشخاص الذين يريدون فرص عمل في لبنان كثيرون .. وهذا الأمر يجعلنا نجزم بانه لا يوجد أي سوق عمل في لبنان قادر على تغطية كل المتخرجين مهما كان الإختصاص الذي نتحدث عنه، (أطباء، مهندسون، صحافيون ... ).

فكيف بالحري اذا كانت الصحافة اللبنانية تعاني من مشكلة كبيرة، حيث كنا نصدر إعلاميين بأعداد كبيرة الى السوق العربي، ولكن اليوم أصبح هناك مضاربة كبيرة في هذا السوق ... والمشكلة أن السوق اللبناني لا يستطيع تحمل كل الأعداد الموجودة، وبالتالي فإن كل المؤسسات الإعلامية وقعت في أزمة إقتصادية خانقة، هناك بعض المؤسسات التي مازالت تعتمد على ممولين لها، ولكنها لا تستطيع الإستمرار بمفردها بمجرد رحيل هؤلاء الممولين. فالمؤسسة لوحدها لا تستطيع تغطية الأعباء التشغيلية إن كانت مكتوبة او مرئية أو مسموعة أو حتى إلكترونية.

قال :في جامعتنا قررنا أن توقف بعض الإختصاصات وننتظر لنرى سوق العمل ... وطلابنا معظمهم يجدون فرص عمل في السوق اللبنانية، خصوصا أن أعداد المتخرجين من كليتنا  ليست كبيرة جدا، فنحن لا نأخذ أعدادا كبيرة في كل الإختصاصات، ولا يتخطى عدد المتخرجين سنويا 15 طالبا .. وإجمالا أكثر من 90% من طلابنا يحصلون على فرص عمل.

ونحن نستمر في متابعة طلابنا حتى ما بعد التخرج ... لكي نؤمن لهم فرص عمل اذا أتيحت لنا الفرصة. فنحن نعرف إمكانات كل طالب ونستطيع أن نجد له مكانا باستطاعته أن يتطور فيه.

المشكلة الأخرى أنه في سوق العمل في مهنة الصحافة المؤسسات تتأخر كثيرا في الدفع، ووصلنا الى درجة التفكير والسؤال (هل يستطيع خريج الصحافة أن يعيش من خلال مهنته؟) ... فالصحافيون القادرون على العيش من مهنة الصحافة اليوم هم إما من عداد الصحافيين "النجوم" على مستوى العالم العربي ولبنان، وإما أشخاص يرتهنون للمال السياسي.

لكن هناك عدد من الأشخاص في لبنان لايزالون  يؤمنون بأن هذه المهنة هي رسالة ..

*نحن في الجامعة الأنطونية إعتمدنا طرق مختلفة في التعليم، فقد أدخلنا "علم التواصل" وسيشكل 90% من الفرص المتاحة في مجال عملنا

وأوضح مكرزل للأقتصاد"نحن في الجامعة الأنطونية إعتمدنا طرق مختلفة في التعليم، فقد أدخلنا "علم التواصل" .. فالتواصل اليوم هو علم ومهنة كبيرة جدا، وينقصنا في لبنان متخصصين في مجال "علم التواصل".

علم التواصل أوسع بكثير من الإعلام لأنه يستخدم كل وسائل الإتصال والتعبير، من إلكترونية الى مسموعة الى مكتوبة... ويساهم علم التواصل في تعليم الطلاب طريقة التعامل مع كل وسيلة للتواصل، لأن كل وسيلة من الوسائل التي ذكرناها لديها طريقة خاصة للتعامل معها ..

أن المتخصصين بالتواصل في العالم يزيدون يوما بعد يوم، واليوم نحن كأفراد لا نستطيع الإهتمام بكمية المعلومات والرسائل التي تصل إلينا يوميا بالسرعة المطلوبة ... فتصبح الإلكترونيات سيف ذو حدين .. من جهة تساهم في تسهيل أعمالنا ومن جهة أخرى تؤخرنا عن عملنا بسبب الكمية الكبيرة من الرسائل والمعلومات... من هنا يجب أن نجد طريقة لإدارة هذه الوسائل وشبكة التواصل الهائلة التي نتعامل معها بالطريقة الصحيحة .. فهناك ضغط رهيب وكبير .. ومن هنا جاءت الحاجة لمتخصصين يكون عملهم الأساسي الإدارة السليمة لوسائل التواصل على المستوى المؤسساتي... فكل مؤسسة أو شركة اصبحت تخصص موظفين لأدارة إستراتيجية التواصل..

والعمل التواصلي لا يقتصر فقط على البريد الإلكتروني وإدارة العلاقات .. بل يذهب الى أبعد من ذلك فيصل الى عالم الدعاية والإعلان .. فليس هناك شركة ليس لديها اليوم مدير للإتصالات (director of communication) ... وبسبب الضغط الكبير تتوسع مكاتب إدارة الإتصالات فيصل فيها عدد الموظفين الى 50 موظفا في الشركات الكبيرة.

الجامعات لا يمكنها الإستمرار بدون مكتب تواصل، المؤسسات الصغيرة والكبيرة أيضا بحاجة لمكاتب تواصل ..

لذلك نحن نركز في الجامعة على هذا الأمر بالذات .. فنحن نعلم الطلاب أسس الصحافة من جهة، ولكن في الوقت نفسه نعلمهم أسس "علم التواصل" .

فالرسائل لا تشبه بعضها .. فاذا  كان هدف الرسالة ترفيهيا لا يمكن أن تكون الرسالة جدية مثلا .. والعكس صحيح، فنحن مجبرون  الدخول في هذا الإختصاص لنستطيع التحكم بالتواصل الخاص بنا.

- هل يجد الطلاب المتخرجين في هذا الإختصاص الجديد فرص عمل في السوق اللبناني؟

اليوم في عالم التواصل هناك مجالات عدة في لبنان .. بالطبع لم تدخل كل الشركات والمؤسسات الى هذا العالم بعد، ولكن هناك شركات مهمة وكبيرة في لبنان عرفت أهمية وجود مكتب تواصل .. ولكن على الرغم من أن عدد من المؤسسات لم تعرف بعد أهمية هذا الإختصاص، ولكن هذا لا ينفي بأن "هذا هو المستقبل"..

اليوم طلابنا يعملون في عدد من الشركات التي تمتلك مكاتب للتواصل .. وهناك عدد أخر يتجه نحو المؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية .

ولكن أعتقد بعد سنوات قليلة .. سيشكل "علم التواصل" أو إدارة التواصل 90% من الفرص المتاحة في مجال عملنا.

*إذا إنطفأت الثورة في داخل الصحافيين .. إنتهى البلد وإنتهت الحريات والديمقراطية

- ما مدى الدعم الذي تقدمونه في الجامعة من ناحية التطور التكنولوجي في طرق التعليم والتدريس والدورات .. وغيرها.

بالطبع نحن نؤمن كل التقنيات والتكنولوجيات المتطورة التي تدخل في مجال عملنا .. فنحن لا يمكننا العمل على "التواصل" إلا من خلال التقنيات المطلوبة .. فـ"علم التواصل" مرتبط ومتشابك بـ"علم التقنيات" .. فالجامعة ألأنطونية تمتلك مختبرات مجهزة بكافة التقنيات المطلوبة، ولدينا أساتذة متخصصين بهذا المجال، ويزودون  الطلاب كل ما يحتاجونه من تدريب ومعلومات ليتمكن التلاميذ من مواكبة التطور.

ولكن هناك دور أيضا على الطالب بعد التخرج في مواكبة كل التطورات التقنية والتكنولوجية التي تدخل في مجال عمله .. وتلاميذ وطلاب اليوم قريبون جدا من التقنيات ومن التكنولوجيا الحديثة بشكل عام.

- هناك جامعات يضعون ميزانية معينة أو يخصصون نسبة معينة من الميزانية للتطوير والتحديث ... في جامعتكم كم تعطون هذا الأمر من أهمية؟

الميزانية المخصصة للتطور في هذا المجال في الجامعة أكبر من المطلوب .. فكل عام نقوم بإدخال آلات جديدة وحديثة وبرامج متطورة، وأدوات التصوير .. فالمطلوب من الإعلامي والصحافي اليوم ليس فقط كتابة مقال .. بل يجب أن يعرف كيفية التصوير والمونتاج وغيرها من الأمور ... (one man show).

فنحن نمتلك مختبرات مجهزة بكل التقنيات اللازمة لتعليم الطلاب أسس التصوير والمونتاج وكل الأمور الضرورية لتعليم الطالب كل شيء.

- كل صحافي عندما يدخل سوق العمل يكون لديه نوع من أخلاقيات المهنة مثل فكرة بأنه يريد تغيير العالم .. ولكن عندما يبدأ بالعمل يشعر بالصدمة خصوصا عندما يعمل في جريدة يومية ... فهناك ضوابط معينة، وهو يشعر بأنه غير قادر على أن يكون حرا، وغير قادر على إيصال صوته أو قول الأمور التي يريدها ... هل طلاب اليوم يشعرون بهذا الشعور  برأيك؟

إن لم يشعر بأنه يريد تغيير العالم فعلا .. فهو ليس صحافيا، يجب على طالب الإعلام أن يهدف الى التغيير، وحتى لو إصطدم بعوائق عليه أن لا يتخلى عن هذا الهدف.

ونحن نزرع في الطلاب هذه الرغبة في التغيير، حتى وإن كان سيتعرض لصدمة في سوق العمل ... فالمثالية ليس خطأ ... ومن يحلم بجمهورية أفلاطون ليس مخطئا .. فمن الضروري أن يكون طالب الإعلام مندفعا ونحن نساعدهم على هذا الأمر.

إن لم نشجعهم خلال سنوات الجامعة فلن ينجحوا في سوق العمل ... نحن نريد صحافيين طموحين حتى وإن كانوا غير سعيدين في عملهم وملتزمين بضوابط معينة داخل المؤسسات التي يعملون فيها .

فإذا إنطفأت الثورة في داخل الصحافيين .. إنتهى البلد وإنتهت الحريات والديمقراطية، يجب أن نعبر دائما عن عدم رضانا لكي نصل الى الأفضل ...

ولكن يجب النويه الى أن الحرية التي نملكها كصحافيين في لبنان من النادر أن نجدها حتى في بعض البلدان المتطورة .. مشكلتنا تكمن في المال السياسي الذي يهيمن على المؤسسات .. وبالطائفية التي تهيمن على المؤسسات، وبالعقول المتحجرة .. ولكن مع كل هذا مازلنا نرى صحافيين يكتبون دون خوف .. وهذا يعني أن لبنان لا يموت.

طالما نحن موجودين فلبنان لا يموت .. إذا لم يمت لبنان فلا نستطيع دفنه.

طالما وجد صحافيين لديهم "هذه الشعلة" فلبنان لا يموت ولن يموت .. ولن يستطيع أحد إطفاء هذه الشعلة.