رغم تسبب أحداث ​الربيع العربي​ في تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة في عدد من الدول العربية المتأثرة بالأحداث خلال العام الماضي، إلا أن تحويلات العمالة العربية في الخارج قد شهدت في مجملها ارتفاعا، ارتبط جانب منها بمشاعر الوفاء والرغبة في مساندة الاقتصادات المتضررة في دول الربيع العربي.

وخلال العام الماضي بلغ إجمالي تحويلات العمالة 42 مليار و874 مليون دولار، بزيادة 2ر2 مليار دولار عن العام الأسبق بنمو 4ر5 %، حيث زادت التحويلات الواردة إلى سبع دول عربية هي: مصر والمغرب واليمن والسودان بالإضافة إلى السعودية والعراق وجيبوتي، بينما انخفضت قيمة تحويلات العمالة الواردة إلى: الأردن وسوريا وتونس والجزائر.

 وتصدرت مصر قيمة تحويلات العمالة الواردة عربيا بنحو 2ر14 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق في ضوء سعى كثير من المصريين العاملين ب​دول الخليج​ لمساندة اقتصاد بلادهم، من خلال إيداع مبالغ بالبنوك المصرية في محاولة لإيقاف نزيف الاحتياطي من العملات الأجنبية، مع الاستفادة من ارتفاع فائدة الإيداع بالبنوك المصرية بالمقارنة لأسعار فائدة أقل على الودائع في دول عملهم.

وجاءت لبنان في المركز الثاني عربيا بنحو 6ر7 مليار دولار، في ضوء كبر حجم الجاليات اللبنانية بالخارج ومد يد العون إلى أسرهم بالداخل اللبناني، وفي المركز الثالث المغرب بنحو 7 مليارات دولار، ثم الأردن 6ر3 مليار دولار وكل من سوريا وتونس والجزائر بنحو 2 مليار دولار لكل منهم، ثم اليمن 6ر1 مليار والسودان 5ر1 مليار وفلسطين 1ر1 مليار دولار.

وترتبط تلك التحويلات بوجود عمالة عربية بالخارج منها العمالة المصرية التي تتراوح تقديراتها ما بين 7ر3 مليون شخص إلى ما يقرب من ثمانية ملايين حسب تقديرات جهات حكومية، وهناك أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر مغربي في أنحاء العالم خاصة في دول غرب أوروبا ومثل ذلك بالنسبة للمهاجرين الفلسطينيين.

وتسهم تحويلات العمالة العربية في إعالة آلاف الأسر بالدول العربية، وإمكانية استمرار أبنائها في التعليم والحصول على الخدمات الصحية الخاصة، كما تسهم في توفير المأوى السكني وفي إقامة مشروعات صغيرة تستوعب جانبا من البطالة.

 إلا أن الجانب الأكبر من تلك التحويلات يتجه إلى الجوانب الاستهلاكية، سواء في المجالات التي تتجه إليها تلك التحويلات كشراء الغذاء والكساء ونفقات التعليم والصحة، أو من خلال الهدايا والسلع الاستهلاكية التي تقوم العمالة العربية بشرائها لإرسالها إلى ذويهم، ومازالت التحويلات تفتقد إلى وجود مشروعات تنمية وطنية تستوعب جانبا منها، خاصة مع حدوث تجارب فاشلة لاستثمار جانب من تلك الأموال في بعض الدول العربية.

وعلى المستوى الدولي بلغت تحويلات العمالة خلال العام الماضي 501 مليار دولار، مقابل 453 مليار بالعام الأسبق بنمو 6ر10 %، وتصدرت الهند دول العالم كأعلى قيمة للتحويلات الواردة بنحو 7ر63 مليار دولار، في ضوء وجود أكثر من 11 مليون مهاجر هندي بالخارج، وفي المركز الثاني جاءت الصين بنحو 5ر62 مليار دولار مع وجود أكثر من ثمانية ملايين مهاجر صيني بالخارج.

وفي المركز الثالث المكسيك بنحو 6ر23 مليار دولار مع وجود حوالي 12 مليون مهاجر مكسيكي بالخارج، وفي المركز الرابع الفلبين بنحو 23 مليار دولار مع وجود أكثر من أربعة ملايين مهاجر فلبيني بالخارج، وفي المركز الخامس فرنسا بنحو 4ر16 مليار دولار مع وجود حوالي 2 مليون مهاجر فرنسي بالخارج.

وفي المركز السادس مصر ثم باكستان وألمانيا وبنجلاديش وبلجيكا بالمركز العاشر، يليها إسبانيا ونيجيريا وكوريا الجنوبية وفيتنام وإنجلترا ولبنان وبولندا وإيطاليا والمغرب وإندونيسيا في المركز العشرين، وهكذا تصدرت مصر المركز الأول بين الدول العربية والإسلامية، واحتلت باكستان المركز السابع وبنجلاديش المركز التاسع دوليا.

وترتبط تحويلات العمالة بالخارج بوجود أكثر من 215 مليون شخص، يعيشون خارج بلدان مولدهم يمثلون نسبة 3 % من سكان العالم، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر بلد مستقبل للمهاجرين، يليها الاتحاد الروسي ثم ألمانيا والسعودية وكندا، ولهذا تعد تلك الدول من أكثر الدول المرسلة للتحويلات المالية من قبل العمالة الأجنبية العاملة بها.

ويواكب كثرة عدد العمالة الوافدة في بلدان العالم ارتفاع نسب السكان الوافدين إلى إجمالي السكان في بعض البلدان، وهي النسبة التي تصل إلى87 % لنسبة المهاجرين إلى إجمالي السكان في قطر، و70 % بدولة الإمارات العربية و69 % بالكويت، وهكذا مما يجعل لتلك البلدان نصيبا ملحوظا في قيمة تحويلات العمالة الخارجة منها إلى بلدان العالم