هل دفعت ازمة اليورو ببعض الدول بالعدول عن فكرة إعتماد عملة موحدة؟ ..لا يوجد شيء من هذا القبيل..

منذ عام 2009، عندما انكمش الناتج المحلي الإجمالي في ​منطقة اليورو​ بنسبة 5%، 4 بلدان؛ سلوفاكيا استونيا لاتفيا وليتوانيا انضموا الى منطقة اليورو والتي تشير تجربتهم الى أن اليورو لا يزال له فوائد كثيرة، ولكن أيضا بعض المخاطر المألوفة.

يعتقد الكثيرون أن الانضمام إلى منطقة اليورو من شأنه أن يحفز التجارة الخارجية لتلك الدول المنضمة حديثاً، عن طريق إزالة احتكاك تبادل العملات. على سبيل المثال، توقع البنك المركزي السلوفاكي انطلاقة اقتصادية بنحو 50 %، وكان هذا التفاؤل مبالغ فيه بشدة.

لم يحقق اليورو سوى القليل من صادرات وواردات سلوفاكيا، قد تكون الدوافع مشكلة الخلط بين السبب والنتيجة، لأن نمو التجارة بين الدول هو احتملا إلى أن يؤدي إلى تشكيل اتحاد نقدي وليس العكس. شركات البلطيق، -في الوقت نفسه، لم تزد كثيرا من صادراتها إلى منطقة اليورو، على الرغم من إغلاق أكبر أسواقها، روسيا، وذلك بفضل العقوبات بين عامي 2014 و 2015- أجبرت الكثيرين للبحث عن شركاء تجاريين جدد، وبدلا عن ذلك صدروا أكثر إلى أماكن مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.

لحسن الحظ،الخوف من سلبيات اليورو كان مبالغ فيها بعض الشيء، القلق كان من أن أصحاب المتاجر الذين سيستخدمون التحول النقدي ذريعة لرفع أسعار، لا سيما ان كان ذلك سيوصلهم الى اسعار تنتهي بـ0.99 ، لكن التحول في سلوفاكيا يبدو أنه عزز التضخم بـ0.3  نقطة مئوية، في استونيا انضم كبار تجار التجزئة الى حملة سريعة بعنوان  "اليورو لن يرفع الأسعار"، - في الواقع، الغمز من قناة التضخم لا يمكن أن يكون سيء للدول الأربعة التي اتجهت إلى الانكماش في العام الماضي، وذلك بفضل تراجع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

يبدو أن اليورو ساعد على الاستقرار المالي للدول الأربعة المنضمة حديثاً، فبنوكهم المركزية ومصارفهم الآن اصبحت قادرة من الحصول على تمويل طارئ من البنك المركزي الأوروبي، كما أنهم أقل عرضة للاضطرابات المرتبطة بـعدم تطابق العملة، في المعدل حوالي 70% من ديون القطاع الخاص كانت مقومة بالعملات الأجنبية لا سيما "اليورو" الى حد كبير قبل الإنضمام للإتحاد النقدي. لذلك، فإن أي انخفاض في قيمة عملاتها سوف تجعل من الصعب ان تتحمل تلك الديون –ولكن بعد اعتماد اليورو زال هذا الخطر نهائياً.

يقول وزير مالية ليتوانيا ريمانتاس سادزيوس، ان عضوية اليورو تسمح لحكومته من الإقتراض بتكلفة أقل، دفعات الفوائد على الديون قد تراجعت بالفعل، ولكن لو انضمت ليتوانيا قبل عقد من الزمن، من المحتمل أن يكون السيد سادزيوس سعيداً جداً الآن. في بدايات القرن الحالي، ووفقاً لصندوق النقد الدولي، ارتبطت عضوية اليورو بدرجتين تحسن في تصنيف ستاندرد آند بورز الائتماني، ولكن منذ بدء الأزمة كان هذا التمييز قد تقلص بشكل كبير.لكن على الرغم من تضاءل بعض الفوائد، الى أن بعض السلبيات قد ازدادت بالفعل.

كشرط من شروط الإنضمام الى منطقة اليورو، من المفترض أن تساهم الدول الأربعة في أموال الإسعاف المالي في منطقة اليورو،الحد الأدنى للأجور فيها أعلى بنسبة 70%من سلوفاكيا وأغنى من دول البلطيق. في الواقع معظم أعضاء منطقة اليورو لا يقومون بدفع الأموال مباشرة في عمليات الإسعاف المالي. بدلا من ذلك، يقومون بتوفير القروض أو تقديم ضمانات لهم، لذا بإمكان الدول الأربعة العودة اليهم في حال وقوع اي مشاكل مالية في المستقبل.

يبقى السؤال الكبير رهناً للمستقبل هو ما إذا كانت هذه الدول قادرة على تجنب الاخطاء التي ارتكبت من قبل دول اخرى منطقة اليورو.

في سنوات الألفية الثانية ساعدت التكاليف المنخفضة للإقتراض على تضخيم فقاعة الائتمان في جنوب أوروبا. لحسن الحظ، الدول الأربعة  الآن ليست منغمسة في الاقتراض، مثل ما كانت دول البلطق، حساباتهم الجارية في حالة توازن تامة، وديون القطاع الخاص قد انخفضت في الواقع منذ بداية الأزمة، بنوكهم الكبرى الآن يشرف عليها من قبل البنك المركزي الأوروبي، والإدارة المحلية تحسنت بشكل ملحوظ جداً، يقول إريك بيرغلوف من كلية لندن للاقتصاد.

على الرغم من هذا، تواجه الدول الأربعة مشكلة مألوفة: تراجع القدرة التنافسية الدولية، ارتفاع نسبة الشيخوخة والنقص الحاد في العمالة المهرة، من المتوقع أن ينخفض عدد السكان بنسبة 4% بحلول عام 2030، والنتيجة هي أن الأجور ترتفع بوتيرة أسرع من الإنتاج. في العام الماضي ارتفع الحد الأدنى للأجور في الدول الأربعة المنضمة حديثاً بنسبة 9% على المعدل،الانضمام إلى النادي قد ساهم من خلال حث العمال للضغط بإتجاه رفع أجل الأجور أكثر من التماهي مع بقية منطقة اليورو، كما يقول روبرت يودكا من مكتب PR1MUS للمحاماة في ليتوانيا.

تقول حكومات تلك الدول انها تحاول الرد عن طريق جلب إصلاحات هيكلية، مثل تحرير أسواق العمل والمنتجات لزيادة الإنتاجية، وبالتالي الحفاظ على القدرة التنافسية مع عدم توافر انخفاض القيمة كخيار، تولت هذه الإصلاحات أهمية جديدة، هناك الكثير يمكن القيام به. ورثت ليتوانيا الكثير من قوانين المتعلقة بالعمل من العهد السوفياتي يقول روكاس غراوجاسكاس من بنك دانسكي الأمر الذي يجعل من التوظيف والطرد صعباً للغاية. سوق العمل في سلوفاكيا أصبح بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة أقل قدرة على المنافسة، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي، وذلك بسبب التغييرات الضريبية المضللة.

قد يتجنب الأعضاء الجدد في منطقة اليورو المشاكل نفسها التي حلت بدول أوروبا الجنوبية في سنوات الألفية الثانية ولكن نادي العملة الموحدة لا يزال يدفع بأعضائه بإتجاه دفع مستحقاتهم.