فتحت المسابح الخاصة أبوابها، وبدأت التحضيرات لإستقبال رواد البحر والشمس، مع العلم أن الفترة الممتدة بين 6 حزيران حتى 6 تموز ستشهد حركة إقبال أقل قليلاً من بقية الأشهر بحكم حلول شهر رمضان المبارك.

وعلى الرغم من حلول شهر رمضان وبالرغم من تردّي الأوضاع الإقتصادية وتراجع معدلات السياحة في لبنان وصرف عدد من العمال والموظفين من أشغالهم،  رغم كل هذه العوامل التي لا تشجّع  الفرد على التمتع والترفيه،  إلا أن أسعار المسابح لم تتراجع بتاتاً، لا بل هناك مرافق بدأت بتحديد أسعار جديدة حملت إرتفاعاً ترواح بين الطفيف والـ40% زيادة على "الدخولية" الماضية.

أغلب المسابح الممتدة بين شاطئ خلدة – السعديات –الجيّة رفعت أسعاره الدخول بشكل جنوني، ترافق مع رفع أسعار الأطعمة والمشروبات لدرجة أن أصبح الدخول لمسبح متوسط الدرجة يكلّف الفرد بين رسم دخول+ وجبة طعام خفيفة+ قنينة مياه واحدة =  65 ألف ليرة لبنانية، وهو سعر باهظ جداً وفي حال دخلت عائلة مؤلفة من 4 أفراد فقط سيدفعون أقله 400 ألف ليرة لبنانية أي نصف راتب موظف في الشهر.

حساب بالورقة والقلم

إذا أردنا تفنيد تكلفة الدخول إلى أي مسبح شعبي او متوسط أو راقي  سنجد أن جزءاً كبيراً من المسابح تتراوح تعرفتها بين 10 و50 دولاراً، فلنحسب أنّ التعرفة المتوسطة هي 30 دولاراً.

وبذلك التعرفة لعائلة من خمسة أشخاص هي 150 دولاراً. تُضاف إليها كلفة الغداء التي لن تقل عن 10 دولارات للشخص الواحد، أي 50 دولاراً للعائلة. هذا مع العلم أن سعر زجاجة الماء في المسابح والمنتجعات يصبح أضعاف ما هو عليه ويمكن أن يتخطّى الـ10 آلاف ليرة.

أما محبي النرجيلة  (وهم كثر) فيصل سعرها إلى 25 و30 ألف ليرة. في المحصلة، تصل تكلفة يوم في المسبح لعائلة من خمسة أشخاص إلى ما يقارب 350 ألف ليرة،  هذا طبعاً من دون أن ننسى أن الحد الأدنى للأجور هو 675 ألف ليرة، ونسبة البطالة تتخطّى الـ25 %.

كما أنّ معظم المسابح الخاصة تمنع إدخال المأكولات والمشروبات، وبالتالي يضطر المواطنون إلى شراء المأكولات من مطاعم المسابح، ذات الأسعار الحارقة، تماماً كحرارة الصيف.

سيقول البعض، ومنهم السياسيين وزعماء الشعب "لما لا تذهبوا إلى الشواطئ المجانية أو الشعبية ذات التعرفة البسيطة"، الجواب الروتيني هو "لا توجد شواطئ مجانية، فحتى رملة البيضاء التي كانت مقصداً للفقراء المعدومين مهدداً بان تباع رماله مستقبلاً، وفي بيروت ليس هناك شاطئ مجاني إلا هذا، كذلك الأمر في جونيه وجبيل حيث لا توجد مساحات كافية للسباحة المجانية وأصلاً لا توجد سلامة وقائية صحيّة على الشواطئ الفارغة من جبيل وجونيه والسعديات وصيدا".

شاطئ صور الشعبي  تحوّل إلى بازار للنهب

إذا توجهنا جنوباً وأخذنا الخط البحري الممتد من الجيّة حتى مدينة صور، لا يوجد أي مسبح شعبي مؤهل لإستقبال الناس مجاناً بشكل يؤمن لهم السلامة والنظافة، مع العلم أن دور البلديات هنا هو تحسين الشواطئ وتأمين اماكن لائقة للشعب الفقير جراء الضرائب التي تحصّلها منهم، ولكن حدث ولا حرج.

مدينة صور التي تتميز بشاطئ رائع، لا بل حصل على لقب  أفضل شاطئ وأنظفه في لبنان، كان الدخول إلى مجمّع "رست بالاس" الشعبي نوعاً ما، لا يكلّف أكثر من 10 ألف ليرة إيجار طولة وكرستين وكان يُسمح دخول الأطعمة والمشروبات، منذ سنتين وتحديداً هذه السنة، أصبح دخول الفرد الواحد يكلّف بالتحديد 20 ألف ليرة وهي موزعة على إيجار طاولة وكرسي وقنينة مياه نرجيلة، ومن يريد شراء وجبة طعام صغيرة سيدفع 20 ألف ليرة زيادة عن العشرين التي دفعها فيكون دفع 40 ألف ليرة بفرده، فماذا إذا كان معه عائلته؟ وهنا نتحدث عن شاطئ عام تم تحويله بواسطة السياسة إلى شاطئ خاص.

تلفت  مصادر من وزارة السياحة  إلى أن هناك أزمة سنوية تنشأ مع بداية موسم البحر تتمثل في تسعير مياه الشرب، اذ تختلف الأسعار بشكل غير مبرر بين مختلف أنواع المسابح وفقاً لاختلاف الطبقة التي تستهدفها.

ومع اعتماد لبنان على النظام الاقتصادي الحر، قد يصل سعر مياه الشرب في بعض المسابح إلى 18 ألف ليرة لبنانية وفق ما أشار إليه امين عام نقابة المؤسسات السياحية البحرية غسان عبدالله، في إتصال مع "الإقتصاد" الأمر الذي اعتبره "جنوناً" يتحمل مسؤوليته المستهلك أولاً.

واللافت أيضاً أن هناك قراراً صدر منذ خمس سنوات يقضي بالزام كافة المسابح بالزامية تأمين مياه صالحة للشرب للجميع داخل المسابح، وهو ما أكدته وزارة السياحة التي بررت عدم تطبيقه بأن "لا وجود لمياه صالحة للشرب" في أغلب المناطق اللبنانية.

وزارة السياحة تطلب سنوياً من جميع أصحاب المسابح والحمامات البحرية ومرافئ الاستجمام التقدم من وزارة السياحة بلوائح أسعار الدخول إلى المسابح، ولوائح أسعار المأكولات والمشروبات داخل المؤسسات.

إلاّ أن بيانات كهذه وإن كانت مفيدة معنوياً، إلاّ أنه وفق الاقتصاد اللبناني الحرّ، فليس هناك أية آلية لتحديد الأسعار أو زيادتها.

تبرير غير مبرر

أحد أصحاب المسابح المعروفة في منطقة الجيّة يقول في حديث مع "الإقتصاد" إن "هذه الأسعار الغالية يمكن تبريرها بأنّ تكاليف المسابح ليست بقليلة، لناحية الاهتمام بالمياه والنظافة، إضافةً إلى الموظفين والكهرباء وغير ذلك"، مشيراً إلى أنّ "المسابح تفتح خلال الصيف فقط، أي خلال أشهر قليلة من السنة، فيما تقفل أبوابها في الأشهر الباقية، وبالتالي، عليها أن تحافظ على استمراريتها".

تجدر الإشارة إلى أن معظم المسابح التي تصنف ذاتها أنها راقية لا تستوفي شروط السلامة الصحيّة، بدءاً من المراقبين المسؤولين بمراقبة الشواطئ والاحواض لمنع حالات الغرق أو القفز الجنوني في الأحواض فهؤلاء أغلبهم لا ينتبهون لهذه المخالفات، إذ يبقون منشغلين بهواتفهم أو تدخين نرجيلتهم. وقد سمعنا عن حوادث كثيرة ذهب ضحيتها أطفال بشكل خاص نتيجة الإهمال.

وهذا لم نتحدث عن سلامة الطعام، والذي تسمم جراء تناوله عدد من رواد المسابح، وحتى نظافة الحمامات تكون مهملة في بعض الاماكن. مع العلم أن أرقى شواطئ العالم لا يصل سعر الدخول إليها إلى ما هي الحال في لبنان، وفوق ذلك تؤمن الدول في العالم السلامة والنظافة، فلما لبنان دائماً مميزاً بالنواحي السلبية فيما خص شؤون المواطن.

الجدير ذكره أن وزارة الاقتصاد والتجارة، حذرت اصحاب المسابح من التلاعب بأسعار الدخول وأسعار المواد الغذائية التي تباع فيها، مؤكدة أنها ستتشدد بمعاقبة المخالفين.

ودعت الوزارة المواطنين الى ضرورة "إرسال الشكاوى على 1739".