السلع هي المواد الخام التي يستند إليها كل ما يحيط بنا، وتلعب السلع دوراً كبيراً في حياتنا اليومية. فمن الناحية العملية، تؤثر سوق السلع على الجميع – من خلال الثمن الذي تدفعه لتعبئة خزان سيارتك بالوقود، أو حتى تكلفة تناول فنجان من القهوة في المقهى المحلي،  وحجم الفاتورة الشهرية لاستهلاك الطاقة الكهربائية. للسلع أهمية كبيرة بالفعل.

هناك ثلاث مجموعات رئيسية من السلع هي: المعادن، والسلع الزراعية، والطاقة.

وتنقسم المعادن، التي تعرف أيضاً بالسلع "الصلبة"، إلى اثنين من القطاعات الفرعية؛ المعادن الصناعية كالنحاس، والنيكل، والرصاص، والألمنيوم؛ والمعادن الثمينة كالذهب، والفضة، والبلاتين، والبلاديوم.

كما يمكن تقسيم السلع الزراعية إلى ثلاثة قطاعات فرعية؛ السلع الخفيفة مثل الكاكاو والبن والسكر؛ الحبوب والبذور الزيتية كالذرة والقمح وفول الصويا والمواشي. وأخيرا سلع الطاقة، أي النفط والغاز بالدرجة الأولى.

وفي حين يمكن دخول سوق السلع بذات الطريقة التي تمكنك من الوصول إلى سوق الأسهم والسندات، للسلع عدة مزاياً رئيسية تميزها عن غيرها من الاستثمارات ومن المهم أن يأخذها المستثمر بعين الاعتبار. ويمكن لسوق السلع أن تكون متقلبةً للغاية، مع أسعار متغيرة بصورة متسارعة في أوقات هامة. ولذلك، من المستحسن أن يقوم المستثمرون الجدد في مجال تداول السلع بقضاء الوقت الكافي لفهم وإدراك المزايا والمخاطر التي تتسم بها عملية تداول السلع قبل البدء بالاستثمار.

هناك أربع مزاياً رئيسية لتداول السلع لا تنطبق على غيرها من الاستثمارات كالتداول في سوق الأسهم:

1.السياسة:باعتبارها مواد خام، تكون السلع عرضةً لمخاطر النظام السياسي في بلد المصدر. ونظراً لكون 66% من إمدادات النفط الخاصة بمنظمة ’أوبك‘ تأتي من الشرق الأوسط وكون ما يقارب 30% من حبوب الكاكاو يتم توريدها من ساحل العاج، يمكن للقضايا الجيوسياسية في تلك البلدان والمناطق أن تحمل تأثيراً بالغاً على العرض وبالتالي التكلفة الإجمالية للسلع الرئيسية.

2.السلع لا تعطي دخلا:في تناقض مباشر مع أمثال الأسهم والسندات، لا يحقق المرء أي أرباح أو فائدة من امتلاك السلع كالذهب مثلاً. وفي حين قد يرتفع السعر خلال فترة استثمارك، لا تعتبر معظم السلع مصدراً للدخل.

3. تعتمدمسألة التسعير وجاذبية السلعبشكل كبير على مدى توافر المواد الخام الفردية. وفي الأسواق التي تشهد فائضاً في العرض، يمكن العثور على اقل الأسعار في السوق الفورية، في حين يواصل السعر مسيرة صعود تدريجية مع مرور الوقت. ويطلق على هذا السيناريو اسم التأجيل، ويتسبب عادة بتقويض العائد على الاستثمار،  حيث يؤدي التدوير الشهري إلى نتائج سلبية في العوائد بسبب بيع العقود الآجلة منتهية الصلاحية بأسعار أقل من أسعار الشراء للعقود المستقبلية التالية.

4. يعتبرالنقل والتخزيناثنين من أهم العناصر الرئيسية عند تسعير السلع المادية.

وعلى الرغم من أن بعض هذه الميزات يمكن أن تجعل السلع بمثابة استثمار أكثر خطورة، من شأن حالة التقلب في السوق أن تجعل تداول السلع بمثابة تجربة مشوقة ومربحة مع الفهم الصحيح لإدارة المخاطر.

وتعتمد كيفية دخولك إلى سوق السلع على نوع المستثمرين الذي تمثله أنت. وغالباً ما يتم إجراء التداول المؤسسي أو تجارة الجملة بواسطة بورصات العقود الآجلة المتخصصة مثل بورصة نيويورك التجارية (NYMEX)، أو بورصة لندن للمعادن (LME)، أو مجلس شيكاجو للتجارة (CBOT)، أو بورصة شيكاجو التجارية (CME).

وبالنسبة للمستثمرين الأفراد، من الممكن شراء السلع المادية، ولكن ما لم تكونوا قد اشتريتم بعض العملات الذهبية لن يتسم هذا الأمر بالعملي. لا يمتلك العديد من الناس مكاناً مناسباً لتخزين طن من الرصاص أو ألف برميل من النفط! وبدلاً من ذلك، يستخدم معظم مستثمري السلع من الأفراد المشتقات المالية كصناديق الاستثمار المتداولة (ETFs)، والعقود الآجلة والعقود مقابل الفروقات (CFDs) للدخول إلى سوق السلع.

وتمثل صناديق الاستثمار المتداولة صناديقاً يتم تداولها بنفس الطريقة التي يتم من خلالها تداول الأسهم. فهي تكون مدرجة في أحد البورصات وغالباً ما يتعقب كل واحد من هذه الصناديق سلعة محددة أو مجموعة محددة من السلع. كما أنها توفر للمستثمرين الأفراد ميزة تتمثل بأنهم يتداولون على أداء سوق السلع دون الحاجة لامتلاك السلع الأساسية بشكل مادي.

وتعتبر الصناديق المتعلقة بالنفط والمعادن الثمينة الأكثر شعبيةً من بين صناديق الاستثمار المتداولة في سوق السلع. كما أن أكبر ثلاثة صناديق استثمار متداولة في العالم هي "اس بي دي ار جولد ترست" (GLD) و’آي شيرز جولد ترست" (IAU) و"آي شيرز سيلفر ترست" (SLV). في حين يعتبر صندوق الولايات المتحدة النفطي (USO) أكثر صنماديق الاستثمار المتداولة شعبيةً في قطاع الطاقة، حيث أنه يقيس أداء خام غرب تكساس المتوسط (WTI).

ومن جانبها، تعتبر العقود الآجلة واحدةً من أقدم أشكال المشتقات المالية، وتمثل هذه العقود طريقةً شائعةً لدخول سوق السلع. استخدمت العقود الآجلة بشكل تقليدي من قبل المزارعين للتمكن من التحوط على أسعار محاصيلهم من وقت زراعة البذور إلى الحصاد ومن ثم جلب المحاصيل إلى الأسواق. استخدمت العقود الآجلة في البداية بشكل رئيسي مع المحاصيل الزراعية، إلى أنها توسعت لاحقاً لتشمل المعادن الثمينة، والنفط، وسندات الخزينة. والآن، يتم استخدام العقود الآجلة بشكل تخميني من قبل صناديق التحوط والمدراء الماليين، وبشكل تجاري من قبل المنتجين والمتحوطين.

ومن ناحية أخرى، تعتبر العقود مقابل الفروقات أحد المنتجات المشتقة الأخرى التي تحظى بشعبية واسعة بين جموع متداولي السلع. وتسمح هذه الأدوات للمستثمرين بالحفاظ على تموضع أصغر في السوق قياساً بما كان سيتوجب عليهم فعله في سوق العقود الآجلة. ولذلك، نظراً لقيام أسعار العقود مقابل الفروقات بتتبع مستقبل السلع فهي تعتبر بمثابة الخيار المفضل بالنسبة للمستثمرين الأفراد الباحثين عن قدر أقل من التعرض. ويدرك المستثمرون مكاسب تداول العقود مقابل الفروقات من خلال التنبؤ بما إذا كان الأصل محل العقد سيشهد ارتفاعاً أو انخفاضاً في السعر، كما أن العقود مقابل الفروقات في أسواق النفط تعتبر بمثابة نشاط مفضل لتداول السلع.

تنطوي العقود الآجلة والعقود مقابل الفروقات على تواريخ انتهاء صلاحية منتظمة تتطلب من المستثمرين إدارة إيجابيةً للمراكز. وتشتمل القائمة الأكثر شعبيةً في الوقت الحالي للعقود الآجلة المتداولة في سوق السلع كلاً من خام برنت وخام غرب تكساس المتوسط (WTI)، واللذان يعتبران بمثابة نقاط مرجعية نفطية على مستوى العالم. ويمكن تداول هذين النوعين كعقود آجلة أو عقود مقابل الفروقات على حد سواء.

وتعتبر المرونة التي توفرها المشتقات المالية كالعقود الآجلة وصناديق الاستثمار المتداولة والعقود مقابل الفروقات أحد الأسباب الرئيسية في تنامي شعبيتها، وبشكل خاص، حقيقة أنه بإمكان المستثمرين الاستفادة من الأسعار المتصاعدة من خلال الشراء بانتظار صعود السعر، وأيضاً من الأسعار الهابطة من خلال البيع بانتظار هبوط السعر. ويعني هذا الأمر أنه حتى عندما يكون سعر أحد الأصول في مسار هابط، كالاتجاه الذي شهدته أسواق النفط في وقت سابق من هذا العام، لا يزال من الممكن الاستفادة من السوق لتحقيق الأرباح.

من المهم أن نتذكر أن تداول المشتقات المالية مع فائدة إضافية تتمثل بالرافعة المالية، فهي تفتح الباب أمام إمكانية تحقيق عوائد أعلى، كما يمكن أن يعني هذا الأمر إمكانية تعاظم الخسائر وينبغي على المستثمرين التداول بحذر. ومن منظور التداول، ينبغي أن تقلق أولاً وقبل كل شيء حيال مدى ما يمكنك أن تخسره في صفقة محددة. وقم دائماً باستخدام أوامر التوقف كوسيلة للحد من خسائرك، وحالما يذهب التداول في الاتجاه المأمول، يمكن اتخاذ قرار حول الوقت المناسب لجني الأرباح.

السلع الواجب متابعتها

استقطب الذهب والفضة مستويات اهتمام هائلة منذ شهر يناير الماضي. وفي المقام الأول، قام المستثمرون باستخدام صناديق الاستثمار المتداولة لكسب التعرض. ومع استمرار البنوك المركزية بكبح جماح أسعار الفائدةـ، ستبقى مستويات الطلب على المعادن الثمينة وفق الوتيرة.

سيشهد النفط الخام ارتفاعاً في الأسعار خلال العام القادم، وأدى هذا الأمر إلى نشوء اهتمام شرائي كبير من قبل صناديق التحوط الرئيسية. وكان هذا الاهتمام كبيراً إلى الحد الذي تجاوزت فيه صفقات شراء خام غرب تكساس المتوسط ، وعلى وجه الخصوص، خام برنت حاجز الـ 650 مليون برميل. وفي حين أننا نعتقد أن هذا التداول سيكون مربحاً على المدى الطويل، نحن نحذر من المبالغة في الشراء خلال هذه المرحلة وننصح المستثمرين أن يتحلوا بالصبر وأن ينتظروا حدوث تراجع في الأسعار خلال الأشهر القادمة.

وزادت حالة الجفاف التي تعانيها فيتنام والبرازيل من احتمالات الحصول على إنتاج أصغر للبن قياساً بما كان متوقعاً في السابق. وفي حال لم تشهد الظروف أي تحسن، قد نشهد ارتفاعاً إضافياً لأسعار البن خلال الأشهر القادمة.