مثل زومبي في فيلم رعب ذي ميزانية منخفضة، يرفض نمو الطلب على النفط أن يموت. وبما أن منطقة اليورو في أزمة، بينما يعاني النمو في ​الولايات المتحدة​ ضعفا، إضافة إلى أن الصين متعثرة. لكن نمو الاستهلاك العالمي للنفط في ارتفاع، وبالتالي ترتفع أسعار النفط، بشكل ملحوظ.

ووصفت منظمة أوبك، والتي تأخذ عادة وجهة النظر المحافظة بشأن توقعات الاستهلاك العالمي للنفط، بيانياً المناخ المتفائل في تقريرها الشهري الأخيربقولها إنه ''قد ينقلب الطلب العالمي على النفط على الفكرة السابقة وهي تراجع الزخم حيث سينتقل إلى اتجاه أكثر استقرارا''.

كما عدلت وكالة الطاقة الدولية هذا الشهر، وهي الجهاز الرقابي النفطي التابع للدول الغربية، تقديراتها بالزيادة الخاصة في نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام إلى ما يقرب من 900000 برميل يومياً، وهي نسبة أقل من متوسط العشر سنوات السابقة بـ1.1 مليون برميل يومياً.

''على الرغم من ضعف النمو الاقتصادي العالمي، إلا أن الطلب على النفط يظهر جيوب قوة الطلب المتجدد '' طبقاً لما ذكرته وكالة الطاقة التي مقرها باريس في أحدث تقرير شهري لها عن سوق النفط.

ويأتي هذا النمو في الطلب أفضل مما كان متوقعا في لحظة صعبة بالنسبة للسوق، والذي يعاني تعطل الإمدادات، بدءاً بالصيانة في حقول النفط الرئيسية في منطقة بحر الشمال وانتهاء بتأثير العقوبات الغربية على الصادرات الإيرانية.

وتزيد مجموعة من التوقعات أكثر اعتدالا للاستهلاك مع مشاكل ضخمة في الإمدادات من الضغط على السوق وانخفاض مخزون ومنتجات النفط الخام ، التي تدفع أسعار النفط الخام إلى الارتفاع الحاد.

وقد أكسب خام برنت، المؤشر العالمي، ما يقرب من 30 في المائة على مدى الأسابيع الثمانية الماضية، وجرت عمليات تداول أخيرا بما يقرب من 117 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ شهر مايو. وفيما يتعلق بمنطقة اليورو، ارتفع سعر البرنت إلى 93،40 جنيه استرليني للبرميل، تقريباً بنفس المستوى في شهر يوليو 2008، عندما كانت أسواق النفط والسلع الأساسية مزدهرة.

وقفز سعر المؤشرات الأخرى أيضاً، بما في ذلك ​ويست تكساس انترميدييت​ في الولايات المتحدة والأورال في روسيا ودبي في منطقة الشرق الأوسط.

وعلاوة على ذلك، فقد ارتفعت الأسعار الفورية بمقدار فرق كبير في العقود الآجلة، وهي حالة تعرف في لغة الصناعة بأنها ''الميل إلى التراجع''، والتي تعكس عادة حالة السوق المضغوط. كما ارتفع حجم الميل إلى التراجع بين العقود الآجلة لبرنت في الشهر الحالي والشهر التالي إلي 2.05 دولار للبرميل، وهو ثاني أعلى مستوى منذ بداية أزمة الإمدادات الناجمة عن الحرب الأهلية في ليبيا العام الماضي.

هناك دلائل على قوة الطلب في صناعة التكرير أيضا، والتي أظهرت تحسنا للهوامش الربحية. وقد تحسن المقياس التقليدي البسيط للهوامش في كل منطقة، والمعروفة بالفرق بين سعر النفط الخام ومنتجات البترول 03:02:01. فهي ثابتة عند 13.20 دولار للبرميل في أوروبا مقارنة بـ 7.60 دولار للبرميل في كانون الثاني (يناير). وفي الولايات المتحدة، فقد وصلت إلى 29.80 دولار للبرميل مقارنة بـ 14.80 دولار للبرميل في بداية العام. وفي آسيا، ارتفع الفرق بين سعر النفط الخام ومنتجات البترول إلى 15.55 دولار للبرميل، بأكثر من 1.60 دولار للبرميل في كانون الثاني (يناير).

ويسلط تجار النفط والمحللون الضوء على المناطق حيث يظهر الطلب العالمي على النفط علامات جديدة من الحياة. ويتعافي استهلاك النافثا، وهو المادة الخام الأكثر أهمية في صناعة البتروكيماويات، بعد النصف الأول السيئ من العام. وإضافة إلى ذلك، تحسن بشكل قوي استهلاك الولايات المتحدة من النفط، بينما أصبح ما يسمى مركبات نواتج التقطير المتوسطة، والتي تشمل منتجات مثل وقود الطائرات وزيت التدفئة ووقود الديزل.

تعد الولايات المتحدة، المستهلك الأكبر في العالم للنفط، دولة مهمة بشكل خاص لأنها تصدر بيانات عالية التردد تفيد بأن بعض المشاركين في السوق استخدم - خطأ – أحد المؤشرات للاتجاهات العالمية. وأظهرت البيانات الأولية الأسبوعية الصادرة أخيرا من وزارة الطاقة الأمريكية أن الطلب على النفط يتزايد بشكل أكبر من مستوى العام الماضي في شهري يوليو وأوائل أغسطس . وتبين بيانات شهرية أكثر مصداقية لشهر مايو - أحدث البيانات المتاحة - أن الاستهلاك ارتفع بنسبة 1.9 في المائة على أساس سنوي، وهي أول قراءة إيجابية منذ مارس (آذار) 2011.

ولكن يمكن أن تكون فترة التعافي في الطلب قصيرة، حيث إن ارتفاع استهلاك النفط بشكل جزئي يرجع إلى عوامل موسمية، بما في ذلك موسم عطلات القيادة في نصف الكرة الشمالي وطلب تكييف الهواء في منطقة الشرق الأوسط وآسيا. وستنتهي قريباً الزيادة الموسمية قبل تعافي الطلب مرة أخرى مع بداية فصل الشتاء في الشمال.

وتدفع أسعار البيع بالجملة، جنبا إلى جنب مع ضعف العملات في بعض البلدان، أسعار البيع بالتجزئة إلى مستويات مؤلمة. ''نحن نرجع إلى منطقة تدمير الطلب''، على حد قول أوليفر جاكوب من بتروماتريكس الاستشارية النفطية السويسرية. حتى الزومبي الأكثر قدرة على المقاومة يموت في نهاية المطاف.