لم يعد خفياً على أحد الوضع المادي المزري الذي آلت إليه نسبة كبيرة من الوسائل الإعلامية في ​لبنان​، وهناك عدد كبير من الصحفيين، وتحديداً في الصحف المكتوبة، أصبحوا قاب قوسين من ترك وظائفهم قسراً والبقاء في منازلهم يصارعون مصيرهم المجهول في مهنة المتاعب.

في معلومات خاصة بدأت تتسرب إلى موقع "الإقتصاد"، أشارت إلى أن هناك صحيفتين عريقتين تمهدان للتخلي جديا عن الموظفين ليدهما للتحول إلى نسخات الكترونية فقط، وذلك نتيجة الخسائر المادية التي تتكبدها كلا الصحفيتين منذ سنة ونصف.

وفي هذا السياق تتحضر صحيفة عريقة جداً للتخلّي فعلياً عن 40 موظفاً او اكثر بقليل، وتجهيز تعويضاتهم من اجل هذه الغاية، وحسب المعلومات فإن هذه الصحيفة التي تتعثر منذ 8 أشهر متتالية بدفع الرواتب في وقتها إلى جميع العاملين لديها، باشرت بإرسال إنذارات إدارية الى عدد كبير من الموظفين والصحافيين بذريعة أنهم يتأخرون عن دوامات عملهم، لا بل حسب المعلومات المؤكدة انها منعتهم من العمل في مؤسسات أخرى، إلا ان البعض كان يعمل فعلياً تحت إسم مستعار كي يتجنب طرده من المؤسسة.

وتقول مصادر من داخل المؤسسة، إن بعض الموظفين الذين يعملون منذ سنوات في المؤسسة لكنهم غير مثبتين مهددين بعدم دفع أي تعويض لهم، وأن الإدارة أرسلت لهم 3 إنذارات إدارية وتم إبلاغ وزارة العمل بها، وقد إستنكر عدد من الصحفيين في المؤسسة هذه الطريقة المجحفة بحقهم محملين وزارة العمل ونقابة المحررين الذنب بعدم متابعة قضيتهم والدفاع عنهم، وهم أصلا صبروا كثيرا في اوقات سابقة على تأخر المعاشات.

أما صحيفة أخرى لا تقل أهمية وعراقة عن الأولى فقد إنتهجت المسلك ذاته عبر إرسال مذكرة إدارية إلى موظفيها تعلمهم بها أنهم قد يتوقفون عن الإصدار الورقي لظروف مادية بحتة.

وبحسب ما نقل أحد الصحفيين في المؤسسة عما جاء في المذكرة الإدارية للصحيفة، أن النص الذي ورد في المذكرة هو "عشية العيد الثالث والأربعين لإطلاق هذه الصحيفة المميزة وذات الدور التاريخي نواجه ظروفاً وتحديات صعبة". هذه الجملة كانت تمهيداً للمفاجاة في المقطع التالي: "في مواجهة هذا الواقع الصعب نطرح الاحتمالات جميعا للنقاش بما فيها التوقف عن الصدور... المرشح بأن يزداد صعوبة، في المرحلة المقبلة، كان من الطبيعي أن يبادر مجلس الإدارة وفي انتظار تبلور القرار تستمر الصحيفة بالصدور حاملة شعاراتها ومواصلة التزاماتها...".

اما الصحيفة الثالثة وهي قديمة نوعا ما، لكنها لا تحظى بمبيعات وافرة ولا إعلانات كافية، فقد أبلغت موظفيها، بمذكرة مطبوعة عن فتح باب الاستقالات، جاء فيها "عطفاً على إجراءت التقشف الأخيرة، وافساحاً للمجال أمام الزملاء لاتخاذ الخيار المناسب لكل منهم... تقرر فتح باب الاستقالة أمام من لا يستطيع الاستمرار في العمل في هذه الظروف القاسية".

وفي هذا المضمار ، قامت صحيفة اخرى وهي جديدة العهد مقارنة مع تاريخ الصحف الاخرى، بالتحضيرات للإستغناء فيما بعد عن طبعتها الورقية، وهي منذ أسابيع فقط بدأت رحلة عالم "الإنترنت" بحيث بدأت تركز في نشر الأخبار والمتابعة والرصد على قسم الإنترنت، وهي بذلك تستعد للتخلي عن موظفين إداريين وتقنيين كذلك صحفيين قدماء، وتنوي التركيز على الموقع مع التعامل مع بعض الكتاب والصحفيين الميدانيين في وقت ستقوم بالإعتماد على خريجي جامعات للعمل كمحررين في الموقع بمعاشات بسيطة نوعا ما ودون تسجليهم في الضمان الإجتماعي وهذا الأمر سيخفف من الإحتقان المادي التي تمر به الصحيفة حاليا.