على الرغم من إهنزاز الأوضاع الأمنية والإقتصادية في لبنان، و تراجع عدد السياح في الأشهر الأخيرة، رغم كل هذه العوامل السلبية إلا أن هناك أمالاً كبيرة يعوّل عليها القطاع الإقتصادي اللبناني للخروج من كبوته، وفي هذا السياق هناك مشروعاً ضخماً سيشكل نقطة إرتكاز مهمة في المجال السياحي والإقتصادي، ومن المتوقع أن يحقق هذا المشروع، حين الإنتهاء منه وإنطلاقه،  حركة إنتعاش سياحية قوية في لبنان عامةً ومدينة جبيل خاصةً.

المشروع الجديد الذي تعتزم بلدية جبيل إطلاقه بالتعاون مع شركة "بوما" الفرنسية هو عبارة عن مركز" تليفريك" سيتم بناءه وسط جبيل الآثرية وسيصل إلى دير مار شربل- عنايا، والوقت المتوّقع للإنتهاء منه هو سنة تقريباً.

عمليات التخطيط والحفر بدأت منذ أسابيع بحسب ما يقول رئيس بلدية جبيل، زياد حواط، في حديث مع "الإقتصاد"، وأن كلفة المشروع المرتقب ستصل نحو 25 مليون يورو، وهو مبلغ ضخم نوعاً ما لكنه سيعود بالفائدة الكبيرة على المنطقة وعلى لبنان كونه ليس فقط مشروع ترفيهي، وإنما هو بيئي أيضاً وسيحقق فرص عمل مهمة لن تقل عن الـ400 وظيفة، بيد أن هذا المشروع سيكون ملحقاً بمقاهي وإستراحات صغيرة تسمح للزائر من أخذ إستراحة وتناول الأطعمة والمشروبات قبل العودة من وإلى جبيل الآثرية.

وعن تفاصيل المشروع يقول حواط "سيمتد من المدينة حتى محمية بنتاعل، ثم الى دير مار شربل في عنايا، وقد زار جبيل الخبير الاستشاري الفرنسي، بيرنارد شوكرون، وهو خبير في مجال النقل بالكابلات من شركة بوما الفرنسية ، التي تجهّز كل وسائل النقل التي تعمل بواسطة الكابل، وتحظى بتقدير كبير في العديد من البلدان بفضل تجربتها وخبرتها في هذا المجال".

وقبل المباشرة بالمشروع كان حواط قد عقد  مع "شوكرون" اجتماعاً موسعاً ناقشا خلاله مع فريق  قسم الهندسة التابع للبلدية تفاصيل المشروع، وبعد لقاءات موسّعة قام الخبير مع الفريق الهندسي ورئيس محميّة بنتاعل ريمون خوري، بجولة ميدانية جويّة في  طائرة "هيليكوبتر" تابعة للجيش اللبناني، وتفقّد الوفد الخطوط التي سيسلكها "التلفريك" الذي سيصل مدينة جبيل، بمحميّة بنتاعل كمحطّة وسطيّة قبل الوصول الى المحطّة الثانية في "عنايا".

المشروع الجديد سيساهم في الدرجة الأولى بخفض زحمات السير للزوار الكثر الذين يقصدون دير ما شربل يومياً، والذي يزداد عددهم بكثرة أيام العطل.

ويضيف حواط " البلدية درست هذا المشروع بالتعاون مع شركة فرنسية، ووجدنا أنه سيفيد السياحة البيئية والدينية على السواء، وسيساهم في إيجاد فرص عمل جديدة وخفض أزمات السير التي تشهدها الطرق المؤدية إلى الصرح الديني في عنايا، إذ يصل عدد السياح الذين يقصدون الدير بالسيارات إلى 5 ملايين شخص".

وقد يستغرق تنفيذ المشروع الذي لا يزال قيد الاعداد، وفق حواط، نحو سنة أو أكثر بقليل تقريباً، نظراً إلى صعوبة نقل المواد الأساسية لانشائه إلى الوديان، ولا تزال البلدية تفكر في ما إذا كان سينفّذ وفقاً لقاعدة الـBOT، أو سيتم جمع الأموال الضرورية لذلك.

ويلفت حواط إلى أن فرنسا تساهم بشكل كبير في دعم هذا المشروع، على الرغم من مواجهتها أزمة مالية ، موضحاً في الوقت عينه إلى أنَّ المشروع قادر على جعل "التلفريك" من بين الأكبر والأهم في المنطقة، حيث لا توجد مشاريع مماثلة في الدول العربية المجاورة للبنان.

و من المؤكد أن "تلفريك جبيل" سيشكل منافساً قوياً لـ"تلفريك جونيه" والتي أسسته شركة فرنسية أيضاً منذ  55 سنة،  فمدينة جبيل التي تتميز بتاريخها الأثري وجذب عدد كبير من اللبنانيين والسياح العرب، تربعت منذ أشهر على قائمة أفضل مدينة عربية أثرية، كما انها حلّت في المرتبة الخامسة عن أفضل مدن العالم التي تستحق الزيارة، ومزار مار شربل هو أكثر المزارات التي يقصدها عدد كبير من اللبنانيين من كافة الطوائف معهم عدد آخر من العرب السوريين والأردنيين والمصريين وغيرهم.

و يرى حواط أن " المشروع يأتي في وقت تعيش فيه البلاد إفلاساً على مختلف الصعد، يبدأ في السياسة ولا ينتهي في السياحة، ليذكّر بقدرة لبنان على النهوض متى كانت الظروف سانحة، ومتى وُجدت الإرادة الحقيقية لذلك" .

أما نقيب أصحاب المؤسسات البحرية جان بيروتي يقول في إتصال مع "الإقتصاد" أنه على الرغم من أنَّ أسعار فنادق فئة الأربع نجوم في بيروت وصلت إلى مستويات لم تحققها في السابق، وهي 50 و55 دولاراً لليلة الواحدة، يرى أنَّ الجدوى من هذا المشروع ريفية بالدرجة الأولى، إذ انَّه كفيل بتنشيطها وبإبراز الشق الجمالي الذي يكتنفه لبنان، معتبراً أنَّه قادر على دفع السياح إلى إطالة عطلتهم وإمضاء أيام عدّة في المدينة للإفادة من هذه الخدمات الجديدة، فيما سيدعو اللبنانيين إلى تمضية عطلة نهاية الأسبوع فيه".

بالنسبة إلى الشركة الفرنسية "بوما" المتعهدة لهذا المشروع، فهي مؤسسة متخصصة بصناعة الكابلات الضخمة منذ 85 سنة، ولها مشاريع مماثلة ( بناء وصيانة التلفريك وغيرها) في 80 دولة.

تجدر الإشارة إلى أن "جبيل" تنتظر عدد من المشاريع الضخمة، وبداية العام 2016 بدأ مشروع "التلفريك" كأول خطوة لفتح باب المشاريع الأخرى، وأهم من ذلك كله انها ستحد من البطالة وتؤمن فرص عمل للبلد.