تنعكس مهنة رب المنزل في الكثير من الأحيان على أولاده، ليخوضوا تجارب مماثلة لقدوتهم الأولى في الحياة.

عائلة من البقاع الشمالي، كانت من إحدى مؤسسي معمل مياه "الريم"، لتبيع بعدها حصتها في المعمل، على أمل تحقيق ما هو أفضل في وقت أنسب.

لم يطل الحلم ليتحقق، فظهر مع الجيل الثاني لعائلة شمص، رائد في الأعمال، استطاع في فترة زمنية قصيرة تأسيس معمل "shafa water"، بالتعاون مح خبير من العائلة.

وللإطلاع أكثر على انطلاقة شركة "shafa water"، وعملها في السوق اللبناني والإقليمي كان للإقتصاد مقابلة خاصة مع مديرها العام محمد شمص.

ماهي المحطات التي خضتها بداية من حياتك الأكاديمية وصولاً إلى حياتك العملية وتأسيس شركة "shafa water"؟

بدأت تعليمي في اليسوعية في زحلة، ثم انتقلت إلى الليسيه فردان في بيروت، ومن ثم إلى  الـ"College Protestant Francais"، لأتابع بعدها علومي في الجامعة الأميركية في بيروت والتي نلت منها شهادة في ريادة الأعمال.

هذا الإختصاص يركز على تعليم أسس إنشاء شركة، تطويرها ثم بيعها، لأن أي شركة لها مدى حياة ،تبدا من فكرة، ثم مرحلة الإنطلاقة، لتليها مرحلة النمو، وتصل إلى مرحلة الإستقرار وهي أطول مرحلة من عمر الشركة. بعد كل هذه المراحل من الإزدهار لا بد للشركة من مواجهة مرحلة السقوط، لتأتي شركة تشتريها أو تبدا عملية بيع الحصص.

والهدف من البيع هو الحصول على مبلغ أكبر من قيمة الشركة، ففي مرحلة النمو يكون نصيب بيع الشركة أكبر من مرحلة الإستقرار.

من أين انطلقت فكرة معمل مياه "shafa water"؟

أنا أعمل منذ عمر الـ13 سنة، فكنت أتاجر بالأقراص الإلكترونية على مستوى ضيق محصور برفاقي، فحس التجارة موجود عندي بالأساس وبدأ يكبر معي.

بعد تخرجي من الجامعة عملت في شركة تسويق واكتسبت منها خبرة في هذا المجال لأن أساس الربح في المصالح الإقتصادية يأتي من التسويق الجيد .

عملت بعدها في شركة "Transmed" التي أعطتني خبرة في مجال المبيعات إلى جانب التسويق أيضاً.

لكن لعائلتي مصالح زراعية في البقاع، وهذه المشاريع بحاجة إلى مياه خاصة وأن منطقة الهرمل هي منطقة جافة. مياهنا تم فحصها سنة 2005 وحصلنا على مرسوم جمهوري يفيد بأنها مياه صالحة للشرب.

وعندما وجدنا أن منسوب استهلاك المياه في الزراعة عالي جدا مع وجود فائض في المياه. قررنا إنشاء معمل مياه للإستفادة منها.

ولأن أبي كان أحد مؤسسي شركة "الريم"  للمياه قبل أن يبيعها، فإن للعائلة خبرة في هذا المجال، شجعتنا أكثر لتأسيس الشركة، مع الإشارة إلى أن أبي كان يرغب منذ تأسيس "الريم" بتسميته "Shafa".

اجتمعت الخبرة، مع مورد المياه، إلى جانب المرسوم الجمهوري حينها أصبح عملنا يركز على كيفية تقديم المنتج في ظل وجود منافسين في السوق اللبناني.

وبالتالي فإن الدخول إلى هذا السوق، يتطلب طرح منتج مميز، مبني على دراسات دقيقة، تعنى بالسوق وبالمستهلك.

تبين حينها أن سوق المياه هو سوق مربح، ليس فقط في لبنان، إنما أيضا في الأسواق الخليجية، لأن مياه الشرب في هذه الدول هي مياه محلاة.

بالمقابل، مياه الشرب اللبنانية هي مياه طبيعية، غنية بالمعادن، والملوح الموجودة فيها منخفضة.لذا أصبحت المياه اللبنانية مرغوبة بالخليج، بالدرجة الأولى من اللبناننين المغتربين، وبالدرجة الثانية من الخليجيين.

أين صب تركيزكم بعد الإنطلاق بالفكرة، والمباشرة بالتطبيق الفعلي؟

ركزنا في الخطوات الأساسية،على تصميم العبوة على صعيد الشكل الخارجي وعملانيتها.

فهي مصممة بشكل إلتوائي، تساعد المستخدم على حملها بطريقة سلسة، إلى جانب التوازن في قوة دفع المياه من داخل العبوة إلى خارجها. وهو الأمر الذي حققناه عن طريق دراسات وليس بالصدفة.

بالإضافة إلى ذلك، يفرض شكل عبوة "shafa"كمية إضافية من البلاستيك المستخدم في العبوة ذات الشكل التقليدي، علما بأن التوفير في المياه يكون عن طريف تخفيف وزن العبوة.

وعندما ينال المنتج إعجاب الزبون، يطلبه مرة أخرى، ليعيد التاجر هو بدوره أيضا طلب المنتج من مصدره، لتستمر عملية الطرح والبيع.

هذه المميزات، إلى جانب لون العبوة الغريب أدت إلى طرح منتج مميز وفريد من نوعه، يستطيع أن يتماشى مع السوقين الخليجي والأوروبي.

وإلى جانب كل هذه المميزات، هناك عامل أساسي للإنطلاق في العمل والإستمرار هو الصبر.. إذ يجب معرفة أن في الفترة الأولى هناك تضحيات في الأرباح، لبناء إسم الشركة ومن ثم تحقيق أرباح.

ما هي مصادر التمويل في مشروع شركة  "shafa water"؟

مولنا المشروع من مصدرين ، الأول هو رأسمال عائلي، والثاني عبارة عن قروض مدعومة من البنك المركزي، وهو قرض مقدم للمشاريع الصناعية، في لبنان.

بدأت فكرة المشروع عام 2012، لكنه انطلق فعليا أواخر الـ2013.

هل ينحصر عملكم في السوق اللبناني أم بدأتم بالتصدير إلى الخارج؟

إن سوق المياه هو سوق موسمي، بالتالي يجب التفكير بالتصدير لتتمكن الشركة دائما من الاستمرار.

كان التركيز بداية انطلاقتنا، في سوق البقاع، أما في بيروت، فعملنا مع عدة موزعين، لكن المنتج لم يدخل كثيرا إلى بيروت وبقي في المتن والشمال إضافة إلى منطقة البقاع حيث أصبحت "shafa " هي الغالبة في السوق.

لكن لغاية منتصف 2016، من المفترض أن تصل مياه "shafa " إلى كافة الأسواق اللبنانية.إنما يبقى التركيز الأساسي على التصدير.

ونحن نصدر حاليا إلى قطر والكويت ومن المفترض ان نبدا قبل نهاية السنة بالتصدير إلى السعودية. كما نعمل على 3 أسواق محتملة في أوروبا.

تجدر الإشارة إلى أن إستراتيجية التصدير من المفترض اتباعها في مصلحة المياه، لأن السوق اللبناني فيه الكثير من المنافسة ، والإعتماد على السوق عليه لا يطور ويكبر الشركة.

ماذا يتطلب النجاح.. الخبرة أم رأسالمال؟

النجاح مبني على عدة عوامل أبرزها المثابرة، لكن في مشروعنا الصناعي، يبقى لرأسالمال أهمية بالغة، نظرا لما يتطلبه المشروع الصناعي- الغذائي من موظفين، آلات متطورة، ومعدات بنوعية جيدة.

وأشير إلى أن معمل "shafa "  هو من أول المعامل التي كشفت عليها وزارة الصحة، وحصلنا على ترخيص من وزارة الصحة الحالية بإشراف وزير الصحة وائل أبو فاعور.

كما أن الخبرة الموجودة لدى والدي في مجال معامل المياه، أعطت أيضا دافعا قويا للنجاح. لذلك فإن الخبرة ورأسالمال هما عاملين متكاملين لا يمكن تحقيق النجاح بوجود عامل وغياب الآخر.

أضيف إلى ذلك التحصيل العلمي الذي بات عامل أساسي في الزمن الحالي، وأصبحت فرص نجاح صاحب الشهادات أكبر بكثير من غيره نظرا لكثرة المنافسة.

هل تتأثر شركتكم  بالخضات الأمنية التي دائما ما تؤثر على الإقتصاد اللبناني؟

المياه مادة إستهلاكية سريعة الحركة. بالتالي فإن شركات المياه قلما تتأثر بهكذا أزمات، كما أن سوق التصدير إلى الخارج يحافظ على استدامة حركة المبيعات في الشركة، فالشخص الذي نصدر إليه لا تهمه أحداث الداخل اللبناني، فهو فقط يهتم بنوعية المنتج المصدر له.

لذلك فإن شركات المياه تتأثر بالمواسم أكثر من الخضات الأمنية. إنما الوضع الأمني يؤثر على التوسع في الشركة، لأنه عادة ما يكون عبر إدخال مستثمرين جدد في الشركة. وبالطبع إن إقدام المستثمرين على قرار الإستثمار في شركة ما، يعتمد بشكل أساسي على الوضع الأمني للبلد الموجودة فيه.

ما هي المشاريع التي تحضرون لها، إلى جانب توسعكم بمعمل "shafa water"؟

إلى جانب معمل "shafa water"دخلت على الصعيد الشخصي مجال الإستشارات في شركة إستشارية مع أصدقاء لي من أيام الجامعة.

كذلك أعمل مع فريق عمل على تسجيل براءة إختراع  في المجال التكنولوجي، الذي بات في عصرنا الحالي من أكثر متطلبات الحياة..

فالإختراعات مهمة على صعيد الشركات العالمية، إذ تبحث هذه الأخيرة عن مخترعين، ليدخلوا مجال العمل فيها مثل "غوغل" أو "آبل" وغيرها.