لم تزده الغربة سوى إصرارا على الحياة، وقدمت له خبرة كافية ورأس مال استفاد منه لاحقاً... خبرته في مجال تصنيع الألبان والأجبان كانت دافعا لتأسيسه ووالده مصنعا مستقلا في هذا المجال.. ليتطور المصنع لاحقا ويخرج بعلامة " ألبان وأجبان الشقيف" التجارية.

علامة، استطاعت أن تدخل السوق اللبناني منذ عام 1985، لتنافس أهم المعامل الرديفة، وتحرز علامة متميزة عن الآخرين.

وللإطلاع أكثر على مراحل تأسيس المصنع وانتقاله من بيروت إلى الجنوب.. كان "للـ"إقتصاد" مقابلة خاصة مع محمود عنان صاحب مصنع "ألبان وأجبان الشقيف".

أين تلقيت تحصيلك العلمي وما هي الشهادات التي حصلت عليها؟

تلقيت تعليمي الأساسي في بيروت، ثم انتقلت للدراسة في المجال المهني في التبريد والتكييف لأن وضعنا العائلي وقتها لم يكن مستقرا بسبب الحرب في لبنان. فكنا نختاراختصاصنا بحسب المعهد أو الجامعة التي نستطيع الوصول إليها.

ولأن الحرب اللبنانية شردت وهجرت الكثيرين، كان نصيبي أيضا بالسفر إلى دول الخليج والعمل في اختصاص دراستي.. لكنني في الوقت عينه تعرفت على مهن أخرى منها ما يتعلق في مجال عملنا الحالي "الألبان والأجبان" .

بعد أن أمضيت سنين في الخارج، عدت إلى بيروت، وكان والدي أيضا يمتلك خبرة في مجال الألبان والأجبان. فاقترحت عليه، أن نؤسس عملا صغيرا للعائلة كون الخبرات المطلوبة باتت موجودة.

وفعلاً، برغم الأوضاع غير المستقرة أنشأنا معملا متواضعا في بادئ الأمر في بيروت.. وأصرينا على التطور والاستمرار من خلال الدورات المكثفة في هذا المجال.

لكن العلامة التجارية "ألبان وأجبان الشقيف" أسست فعليا عندما انتقلنا إلى الجنوب سنة 1985 واستقرينا بعدها هناك.

من أين تلقيتم الدعم المادي؟ وهل تعاملتم مع بنوك محلية للحصول على قروض بهدف بناء المصنع؟

إن رأس المال الذي بدأنا به كان نتيجة المجهود الذي بذلته في الخليج، إلى جانب مجهود أبي في الداخل اللبناني في العديد من المجالات التجارية.

وتمكنا من افتتاح المصنع الخجول، لكن ما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة العمل الدؤوب والتفاني في عملنا. فنحن نعمل كثيرا للمحافظة على السمعة الطيبة، إلى جانب المحافظة على العلاقة الجيدة المبنية على الثقة مع عملائنا.

برأيك ما هو الأهم الخبرة أم رأس المال؟

الخبرة في مجال عملنا، هي الأهم، لأنها تتطلب معرفة معمقة في الأمور التقنية والعملية.. وهذا الأمر أعطانا دفعة قوية في التقدم.

إلا أننا لا نستطيع إنكار الدور الذي يلعبه رأس المال في هذا المجال، كغيره من الأعمال الصناعية والتجارية. فالخبرة ورأس المال هما عنصران مكلان لبعضهما.

ما هي العقبات التي واجهت مسيرتكم؟

في بداية الأمر- عند انطلاقتنا في بيروت- كان الوضع الأمني يشكل العائق الأساسي، إذ إن تعرض بيروت لنكسات أمنية كانت تجبرنا في الكثير من الأحيان للتنقل بين بيروت والجنوب، حسب ما يفرضه أمن المناطق.

لكن رغم هذه العقبات استمرينا في عملنا، لا بل تطورنا أيضاً.. لكن التحديات اليوم تكمن في المحافظة على علاقتنا الجيدة مع عملائنا والاستمرار في التقدم، لتقديم الأفضل دائماً.

ما هو سر استمراريتكم في عملكم، منذ إنشاء علامتكم التجارية إلى اليوم؟

أي نجاح في أي عمل يحتاج إلى الصدق في التعامل مع الزبائن وتقديم نوعية جيدة سواء أكن منتج أم خدمة.

وفي مجال عملنا تحديداً، تتطلب الإستمرارية تقديم نوعية جيدة أولاً، والمحافظة على الإحتكاك الكباشر مع الزبائن والتعامل معهم كأسرة واحدة، للأخذ بعين الإعتبار آرائهم والعمل على تحسين أي خطأ قدر الإمكان.

ما هي مشاريعك المستقبلية.. وهل ترون إمكانية تأسيس مصانع في لبنان في ظل هذه المرحلة الإقتصادية؟

نحن نسعى اليوم بالدرجة الأولى للتطور على الصعيد المحلي، كما هناك جهود تبذل للتصدير والتعامل مع الدول في الخارج.

كما أن الإنسان مهما بلغ من النجاح، يجب دائما أن يفكر في التحسين، لأن الإكتفاء بمستوى معين، قد يؤدي إلى تراجع العمل.

وفيما يخص قطاع الألبان والأجبان، فإنه في لبنان قادر على تلبية الإحتياجات المحلية.

أما عن إمكانية تأسيس مصانع حاليا في لبنان، فهذا الأمر –بالرغم من صعوبته- ىلا يزال ممكنا إذا توفر أشخاص يتمتعون بالخبرات الكافية، إلى جانب الإصرار والتصميم.

كما أن على كل من يريد الدخول في مشروع ما، أن يضع دائما احتمالية تأزم الوضعين في لبنان - الإقتصادي والأمني- وبالتالي أن يكون مهيئا لمواجهة الأزمات.

ما هي نصيحتك للشباب اللبناني؟

على الشباب اليوم أن يخططوا للمدى البعيد، وبالتالي أن يرسموا  خطة مستقبلية قبل المباشرة بأي عمل. كما أود هنا أن أشير إلى أن مجال الدراسة قد لا يكون حكما، المجال الذي سيبرع الإنسان فيه خلال حياته.

فعندما يبدأ التلميذ المرحلة الجامعية، قد يرغم على اختصاص معين، لظروف محددة، لكنه في الحقيقة يبرع في مجالات مختلفة عن دراسته، وتكون حسب ميوله واهتماماته.

ومهما تتفاقم الأوضاع الإقتصادية والأمنية، يستطيع الإنسان تحقيق أحلامه، وخططه المرسومة من خلال المثابرة.