بعض الشركات غيرت مسارها بعد عمليات الإستحواذ والإندماج، إلا أن شركات الأدوية حققت نجاحات بارزة عبر موجة عقود صفقات الإندماج عالمياً بشكل ملحوظ.

في الأشهر الـ10 الاولى من هذا العام، شكلت عمليات دمج شركات الأدوية بحسب مؤشر "ستاندرد آند بورز"  500 سهم، وبلغت القيمة الإجمالية 328 مليار دولار وفقاً لـ"شركة ديلوجيك".

أما بالعودة إلى العام الماضي كانت صناعة الأدوية من أكثر الصناعات فعالية في مجال الصفقات بالولايات المتحدة، في حين تراجع هذا القطاع ليتقدم عليه مجال التكنولوجيا هذا العام.

ولكن هذا كان قبل الأنباء التي شاعت يوم 29 تشرين الأول التي توضح أن شركة "فايزر" و مقرها دبلن تتفوق في مجال البوتوكس والعلاجات المضادة للتجاعيد. ولو كان توقيت هذا الخبر مناسباً لكانت الشركة اليوم من أكبر شركات الأدوية عالمياً بقيمة سوقية تتجاوز الـ300 مليار دولار.

وتعود دوافع موجة الإندماج الحاصلة في شركات الأدوية إلى أسباب غير محددة منها مثلاً معدلات الفائدة المنخفضة تاريخيا، مما يجعل العوائد على شراء الأصول أكثر جاذبية نسبياً. ويقدم مفهوم الإندماج العديد من الوعود –أكثرها غير واقعي- منها خفض التكاليف وتحسين  آلية التسعير. اما الدافع الآخر فهو الرغبة في تحقيق "إنعكاس" أو "إنقلاب" عبر التحايل على الضرائب فعلى سبيل المثال إذا كانت الشركة  متواجدة في بلد بمعدلات ضريبية مرتفعة و أرادت الإندماج مع أخرى في بلد يتمتع بمعدلات ضريبية منخفضة، تستطيع الشركة تغيير محل إقامة المجموعة الجديدة للبلد الأنسب.   

لم يُخفِ رئيس شركة "فايزر" الواقعة في أميركا، إيان ريد إحباطه من معدلات الضرائب المرتفعة في البلاد، حيث أكد أن الإندماج الناجح الذي حصل بين شركته و "أليرغان" ساعد "فايزر" على توفير 25% من معدلات الضرائب أي ما يُقارب الخُمس. كما ان شركة "أليرغان" نفسها إنتقلت إلى مدينة دبلن للإندماج مع شركة "Actavis" التي بدورها انتقلت الى ايرلندا عن طريق شراء شركة أخرى.

فوائد الإندماج لا تنحصر فقط  بالتوفير في الضرائب وزيادة الكفاءة بل هي عديدة، قطاع الأدوية فضلا عن العديد من الصناعات الأخرى يندرج تحت عوامل التكاليف الباهظة و  المخاطر الكبيرة التي تتجلى في تطوير منتجات جديدة.

في السنوات الماضية إتضح أن العوائد على إنفاق البحوث والتطوير تتضاءل، وأنه بات العثور على الأدوية الرائجة أكثر صعوبة، مما يزيد من جاذبية شراء شركات أخرى تعِدُ بإصدار أدوية جديدة. و لهذا السبب العديد من الشركات الكبيرة كـ" سانوفي"، و"ميرك" و"شركة غلاكسو سميث كلاين" مبنية، إلى حد ما على خلافات حول صفقات الإندماج والإستحواذ.

حديثاً قررت شركة " فايزر" الإستحواذ على شركة" أسترا زينيكا"، وهي شركة بريطانية، رغبةً منها بتحقيق إنقلاب في مجال صناعة الأدوية. 

أما شركة " Valeant of Canada" فإستخدمت مفهوم الإندماج للتحايل على نفقات البحوث الباهظة الثمن عبر إستراتيجيتها المثيرة للجدل المسماة  "شراء، وليس بناء"، و التي تتمحور حول رفع أسعار الادوية القديمة، و قالت الشركة مؤخرا انها ستواصل السعي لخفض نسبة هذه المعاملات. ومع ذلك أعلن مجلس الشيوخ الأميركي هذا الأسبوع أنه يتأكد من بيانات " Valeant" وسيحقق في موضوع تسعير الأدوية.

شركة "شاير" ومقرها إيرلندا، تقدم 5.9 مليار دولار للإستحواذ على شركة "دياكس" وهي شركة أميركية متخصصة في الأمراض النادرة، وتسعى لإكتشاف العلاجات المكمّلة للأمراض المتعارف عليها. و تسعى "شاير" أيضاً لشراء "بكسالتا" مقابل  30مليار دولار، بسبب المزايا الضريبية التي ستتمكن من الحصول عليها في حال تغيير محل إقامتها -كما أنها أيضا جزء من استراتيجيتها للحصول على نطاق أوسع في سوق علاج الأمراض النادرة. 

وفي إطلاع على الأرقام العالمية، إتضح أنه بين العام 2010  و2014 خسرت المبيعات السنوية العالمية لقطاع الأدوية 78 مليار دولار، وتشير دراسة أعدتها " GlobalData" و هي شركة للأبحاث أنه إبتداءاً من الآن و حتى العام 2019 ستعاني صناعة الادوية تراجعاً إضافياً في مبيعاتها لتسجل 65 مليار دولار فقط.

هل تساعد هذه الإندماجات الضخمة المستثمرين على كسب المال؟ ناقش تقرير صادر عن " شركة ماكينزي الإستشارية" هذا الموضوع ذاكراً أن قطاع الأدوية خلق قيمة كبيرة للمساهمين من جهة، و من جهة أخرى لوحظ بحسب الأرقام أن بعد عامين من الإعلان عن أي عملية إندماج في مجال صناعة الأدوية تفوز أسهم المجموعة الجديدة بـ5%، بالمقارنة مع العوائد الهامشية للصناعات الأخرى، فمثلاً شكلت عوائد عمليات الدمج في مجال التكنولوجيا -19%.  

في أغلب الأحيان عمليات الإندماج مخيبة للآمال، إلا أنه في قطاع المستحضرات الصيدلانية أثبتت جدارتها.