يعاني إنتاج التفاح في السنوات الأخيرة  في لبنان من عدم وجود أسواق تصدير الى الخارج، فالأسواق التي يعتمد عليها لبنان هي: مصر وليبيا والخليج، وفي حين أن مصر تعاني بعد الإطاحة بمبارك من إنكماش إقتصادي ما أثر سلباً على استيراد التفاح، وليبيا تعاني الحرب الطاحنة وعدم الاستقرار، كلها عوامل فتحت المجال أمام التفاح الصيني والتركي كمنافس للتفاح اللبناني في سوق الخليج، عدا عن دخول التفاح الأوروبي كمنافس جديد في هذا السوق، خاصة بعد الحصار الإقتصادي المفروض على ​روسيا​ فبدلاً من تصريف الإنتاج الأوروبي من هذه الثمرة داخل الدول السوفيايتة يتم بيعها في الخليج.

في ظل هذه العوامل والتغييرات السياسية والإقتصادية ، يطلق المزارعون اللبنانيون صرخة حول أحوالهم السيئة حيال عدم تصريف إنتاجهم فيما قام التجار بحجز كميات كبيرة من التفاح التي لم تلقى مصيرها إلى السوق الخارجي في البرادات لئلاً تجد من يشتريها فيما بعد بسعر مقبول.

وفي هذا السياق الخاص  بأحوال مزراعي التفاح وأصحاب الأراضي،  فالقسم الأكبر منهم  لم يقبض حتى الآن مستحقات العام الماضي (2014) من التجار الذين ضمنوا منهم محاصيل التفاح،  في وقت لا مرجعية لهم تطالب بحقوقهم، فيما التجار يتحكمون بالسوق، كما أن كميات كبيرة من منتوج العام الماضي قد تلف، والديون تراكمت على المزارعين من دون تعويضات.

في حديث مع "الإقتصاد" أكّد رئيس جمعبة المزارعين أنطوان حويك أن "سبب تراجع سوق التفاح وتصديره إلى الخارج منوّط بعدم إقبال التجار هذه السنة لضمن أشجار التفاح، يقيناً منهم أن السوق العربي متراجع نوعاً ما، وبالتالي فإن عملية التصدير تحمل مجازفة خطيرة للتجار قد تقودهم إلى خسائر مالية كبيرة".

تبلغ نسبة التفاح المصدّر إلى الدول العربية في الأيام الطبيعية عادة نحو 40% من مجمل الإنتاج المحلي، أي أن 60% من هذا الإنتاج يتوزع داخل لبنان فيما الباقي يتم تصديره إلى الدول العربية فقط.

و بحسب حويك فإن السوق المصري يعتبر الوجهة الأساسية لتصدير التفاح اللبناني إذ يمثّل 70% من السوق العربي فيما 30% من قيمة هذه الصادرات تتوزع على السوق الخليجي، تأتي في مقدمتهم السعودية.

خسارة لبنان للسوق العربي من ناحية تصدير التفاح يرجع إلى الحظر الجوي والإقتصادي الذي فرضته الدول الأوروبية على روسيا، هذا الحظر جاء بالفائدة الكبيرة بالنسبة إلى الدول الأوربية التي رأت في الأسواق العربية مقصداً إقتصادياً مهماً لتوزيع فائضها من التفاح، وبالتالي أدى هذا الأمر إلى ضرب السوق اللبناني.

أما بالنسبة إلى رئيس تجمّع تعاونيات التفاح في لبنان غابي سمعان  فيعتبر أن "المشكلة  تكمن في عملية التصدير والتسويق، فالسوق يغرق بالتفاح اللبناني، لكن السوق مهمل  وهو يعاني منذ أكثر من 3 سنوات، والحالة مزرية لاسيما هذا العام في ظل إقفال المعابر البرية والكلفة المرتفعة للتصدير البحري".

بالنسبة إلى نوعية التفاح اللبناني فقد تحسنت  جودته وزادت زراعته في السنوات الأخيرة ، وكثر المستثمرون في هذا القطاع، إلاّ أن الافق مسدود. فبحسب سمعان "كنا نصدّر بين 30 و40 ألف طن، ويستهلك لبنان نحو 40 ألف طن، أي ما معدّله نحو 100 ألف طن سنوياً، لكن هذا العام يتراوح الانتاج بين 160 و170 ألف طن، ولم مؤشرات حتى اللحظة على إمكانية تصريفه".

 وتجدر الإشارة هنا إلى أن  "التصدير لم يتخطَ الـ70 الف طن في العام الماضي.

حويك وسمعان إتفقا على فكرة واحدة إقفال الحدود مع سوريا أثر نفسياً على المصدرين، مع العلم أنه يمكن لهؤلاء إضافة إلى التجار العرب إستيراد التفاح من لبنان عبر البواخر.

أما رئيس لجنة الاقتصاد في "غرفة تجارة وصناعة وزراعة زحلة والبقاع" طوني طعمة فقال الى أن "هذا العام عوامل الطقس أثّرت بشكل خاص على العنب والتفاح الذي تراجع إنتاجه بنسبة تفاوتت بين الـ50% الى الـ70% حسب المناطق".

ورأى أن  "إنتاج التفاح في لبنان معدّله 10 مليون صندوق سنوياً، وكل صندوق يحتوي على 20 -22 كيلوغراماً، لكن هذا العام بلغ الانتاج بحده الاقصى، من 5 الى 6 مليون صندوق".

بدوره يؤكد طعمة أيضاً على فكرة إقفال المعابر مع سوريا أثر أيضا على تصريف الانتاج، إضافة الى تأخُّر إنطلاق التصدير البحري الذي بدأ عمليا منذ نحو أسبوع، حيث يتم دعم كل شاحنة تفاح مُبرّدة بـ2150 دولار، ما قد يساهم في تنشيط التصدير".

بالنسبة إلى سعر صندوق التفاح تراوح هذا العام بين 10 و20 ألف ليرة بحسب نوعيته، أي بمعدل 15 ألف ليرة للصندوق، مسجلا تراجعا عن العام الماضي حيث كان يبلغ سعره 30 ألف ليرة، أي أن معدل الكيلوغرام الواحد كان يبلغ 1500 ليرة (سعر الجملة)، بينما تراوح معدّله هذا العام بين الـ500 والـ1000 ليرة.

وبين الحظر الإقتصادي على روسيا وإقفال الحدود مع سوريا يخسر لبنان واحدة من أهم وأبرز مصدراته الزراعية، والتي سيقبع قسماً كبيراً منها في البرادات حتى يأتي التاجر المناسب والسوق المناسب أيضاً لتصريفها وإلا ستصلح الخسارة أكبر في حال أتلفت.

كل ذلك يترافق مع ذكريات عن مسؤلين سابقين كان همهم لقمة عيش المزارع، إذ يروي معظم المزارعين في البترون (تنورين وبشري تحديداً) إلى "الإقتصاد" أن "الرئيس كميل شمعون عندما كان رئسا أجبر أميركا على شراء التفاح ورميه بالبحر لأن لبنان يشتري منها المنتوجات الصناعية فيما هي ملزمة على شراء انتاج لبنان، أما الآن فان الحكومة والمسؤلين غير مبالين بمعاناة الشعب ويترحمون على عهد شمعون".