يحمل المغترب اللبناني هموم الوطن معه أينما ذهب... يجد راحة في الشقاء والعمل من أجل الوطن وشقاء في البعد عنه.

"لبنان من دون انقطاع  في التيار الكهربائي".. هذه الرؤية التي شكلت الحافز الأكبر لمؤسس شركة " Energy 24" أنطوان صعب، والذي وجد راحة في خدمة الوطن والتضحية من أجله والسهر على حل المشاكل التي يعاني منها.

و"Energy 24" هي شركة  ابتكرت تكنولوجيا "ESS" أي "Energy Storage Solution"، والتي تسمح بتخزين كميات كبيرة من الطاقة في نوع جديد ومبتكر من البطاريات التي تهدف إلى تزويد البيوت أو المنشآت  بالطاقة خلال انقطاع التيار الكهربائي.

وللتعرف أكثر على مسيرة نجاحه وانجازاته المهنية والشخصية، كان لـ "الإقتصاد" حديث خاص مع صعب:

ماهي المحطات التي خضتها بداية من حياتك الأكاديمية وصولاً إلى حياتك العملية وتأسيس شركة "Energy 24"؟

حصلت على شهادة في الهندسة الكهربائية من "الجامعة الأميركية في بيروت" (AUB)، ومنذ ذلك الوقت دخلت في مجال ريادة الأعمال إذ كنت أمتلك عمل خاص بي، وفي عام 2001، قمت بالإنتقال إلى كندا حيث كنت مسؤولاً عن كافة الأمور المرتبطة بهندسة المشاريع في شركة عملاقة في كندا.

ومن ثم، زادت مسؤولياتي وأصبح عملي يرتبط بتطوير الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وبعد كندا، انتقلت إلى السعودية في عام 2008 وتسلمت منصب الرئيس التنفيذي لشركة ناشئة أطلقتها العائلة الحاكمة في المملكة، وما شجعني على الإنتقال إلى منطقة الشرق الأوسط هو الأزمة الإقتصادية العالمية التي عانت منها خاصة أميركا مما صعّب عملية القيام بالأعمال في هذه المنطقة في ذلك الوقت.

عدت إلى لبنان في أوائل عام 2011 حيث لاحظت أن ملف الكهرباء والطاقة أسوأ مما كان عليه حين تركت لبنان في عام 2001، والمشاكل التي يعاني منها اللبنانيون نتيجة انقطاع الكهرباء المتواصل دفعتني إلى التفكير بطريقة لحل هذه الأزمة.

الخبرة الكبيرة التي كنت امتلكها في مجال الطاقة ساعدتني على البحث عن حل بديل لمولدات الكهرباء التي تلجأ إليها البيوت اللبنانية عند انقطاع التيار الكهربائي والتي يدفع اللبنانيون مبالغ كبيرة للحصول على خدماتها الرديئة في المقابل.

وعلى مدى 3 سنوات واستثمار ربع مليون دولار، استطعت أن أبني لمشروع وأطور تكنولوجيا منخفضة التكلفة تساعد لبنان على حل مشكلة الكهرباء التي يعاني منها. ومع الوقت، عملت على توسيع نطاق هذه التكنولوجيا إذ أصبحت الآن تتبنى الطاقة الشمسية إضافة إلى تطوير الطاقة الشمسية الهجينة وصولاً إلى 70-80% وفورات في كلفة الطاقة السنوية.

ما هي الصعوبات التي واجهتها لتأسيس "Energy 24"؟ وكيف عملت على تخطيها؟

التحدي الأول الذي واجهته الشركة هو عقلية الأفراد التي رفضت تصديق فكرة الشركة في البداية إذ أنه كان من الصعب أن يؤمنوا بأن شركة لبنانية قادرة على أن تصبح من أكثر الشركات المتطورة عالمياً في هذا المجال.

ولكن الأمر غير مستحيل، فوجود المشكلة هو أكبر محفز للعمل على إيجاد حلول لها، وهكذا استطعنا عبر الشركة أن نجد حلولاً للكهرباء والمولدات وبسعر منخفض يستطيع كافة الأفراد أن تحمل نفقاته.

أما التحدي الثاني، فكان كلفة البنية التحتية المرتفعة جداً إن كانت تكلفة استئجار المكاتب أو فاتورة الكهرباء المرتفعة، ولذلك لا يمكن البدء بتأسيس شركة من دون وجود رأس مال كبير مخصص للهيكلية الأولية الخاصة بالشركة.

هل تلقيت أي نوع من المساعدة أو الدعم من عائلتك أو أصدقائك؟  

الدعم المعنوي دائماً متوفر من قبل العائلة إذ أنها تقوم بدور المحفز، إلا أنه، وعلى الصعيد المالي، الأموال التي استثمرتها في الشركة هي الأموال التي جمعتها من خلال عملي خارج لبنان، وكنت محظوظاً في هذه النقطة لأنه من الصعب على الشركات الناشئة أن تستثمر مبلغ ربع مليون دولار في مشروع نجاحه غير مضمون.

وشركة "Energy 24" تطلبت مني الكثير من التضحية والإيمان إذ تركت عملي في السعودية لأستثمر مبلغ كبير في شركة ناشئة، وهنا تأتي أهمية أن يؤمن الفرد بقدراته، وإن لم يفعل لن يؤمن أحد به أو بأفكاره.

كما وأن الشركة حصلت على دعم من بعض المؤسسات معنوياً ومادياً برهن أن هناك بعض الأشخاص يؤمنون بالعمل الذي نقوم به ولديهم ثقة بالمشروع.

ما هي الصفات التي تتميز بها شخصيتك والتي ساعدتك على تحدي الصعوبات وتحقيق النجاح؟

في عالم ريادة الأعمال، من الصفات التي تساعد على النجاح هي تمتع الفرد ببعض من الجنون.

ويتطلب النجاح في تأسيس شركة ناشئة الكثير من العمل، فأنا أعتقد أنه لا دور للحظ في نجاح أو فشل أي شركة ناشئة، إلا أن بذل الجهد والعمل الشاق، إضافة إلى المثابرة والتنظيم والنزاهة، يضمن النجاح.

وما شكل دعماً للشركة كان استخدام الشبكات الإجتماعية الأمر الذي أمّن التواصل مع الأفراد وتعريفهم على الشركة، ما لعب دوراً مهماً نجاح عمل الشركة.

ما هو العامل الأساسي للنجاح في رأيك؟ المال أم الخبرة والموهبة؟

الخبرة هي العامل الأهم، فعدم توفر عامل الخبرة عند رائد الأعمال، حتى لو كان يمتلك رأس المال الكافي، سوف يؤثر على عملية تأسيس الشركة.

لهذا السبب، لا يجب على من لا يمتلك الخبرة الكافية أن يخوض هذه التجربة، عليه أن يحصل على المعرفة التي تخوله القيام بهذه الخطوة أولاً.

على الفرد أن يتعرف على المجال الذي يريد العمل به والسوق والمستهلك والمنافس والأهم أن يتعرف على نفسه وقدراته قبل القيام بأي خطوة.

ما هي خططك المستقبلية؟

انتهت الشركة مؤخراً من جولتها التمويلية الأولى وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا إذ نعتقد أنها ستفتح الكثير من المجالات والأبواب أمام نجاح العديد من الشركات الناشئة.

وقد خاضت الشركة هذه الجولة التمويلية لتبرهن للبنانيين أنهم قادرين على النجاح بمشاريعهم وبشركاتهم الناشئة الأمر الذي يشكل عامل أساسي في عملية التغيير، فالنجاح لا يرتبط بالمكان أو الزمان بل يتوقف على إرادة الفرد وإيمانه بعمله.

هل تعتقد أن "Energy 24" تقدم حلاً نهائياً لمشكلة الكهرباء في لبنان؟ 

استناداً إلى الدراسات التي قمنا بها في شركة "Energy 24"، وجدنا أن مشكلة الكهرباء في لبنان معقدة ومن الصعب حلها وتزداد صعوبة هذه المشكلة مع مرور الوقت.

لبنان ليس البلد الوحيد الذي يعاني اقتصاده من أزمة الكهرباء، فكافة البلدان تواجه نفس المشكلة إن اختلفت المستويات، وذلك يرجع إلى النمو السريع في عدد السكان بما يستهلك طاقة أكبر من ما تستطيع الحكومات توفيره. والسبب الثاني هو النمو والتطور الإقتصادي والذي يزيد من الحمل على مصادر الطاقة.

"Energy 24" تمتلك التكنولوجيا الكفيلة بحل مشكلة انقطاع الكهرباء والمولدات من دون تدخل الحكومة وصولاً للإكتفاء الذاتي من الطاقة إذا قام كل منزل باعتماد هذه التكنولوجيا.

وفي النهاية،  طمأن صعب اللبنانيين بشأن مشكلة انقطاع الكهرباء مؤكداً أن تكنولوجيا "Energy 24" قادرة على توفير راحتهم في هذا المجال، كما وبعث برسالة للشركات الناشئة طالبهم فيها بالعمل والمثابرة لأن النجاح ليست بمستحيل.