وراء كل إنجاز عظيم رجلٌ أصرّ على النجاح، من منا لم يستخدم خدمة "ويسترن يونيون" على الأقل مرة، ومن منا لم يصادفه أحد فروع هذه الشركة العملاقة في كل منطقة وحيّ ، ولأن الشركات لا تبنى بالحجر والأساس، إستطاع رجل لبناني أن يكون من ركائز هذه الشركة.

هو رئيس "ويسترن يونيون" في الشرق الأوسط وأفريقيا، جان كلود فرح.

من مواليد  كفرمسحون عام 1970، درس في مدرسة "الفرير" فرن الشباك، بعدها إنتقل إلى "مدرسة المون لا سال" ، وفي دراسته الجامعية تخصص فرح في مجال إدارة الأعمال في الجامعة اليسوعية، وبعد 4 سنوات إتجه إلى فرنسا ليتابع دروسه حيث حصل على فرصة لدراسة "ESCP Europe".

في فرنسا تعوّد على الإعتماد على ذاته، فكما ذكر في مقابلة سابقة :"لم تكفني الـ24 ساعة في فرنسا لإنجاز جميع المهام إلى جانب دروسي." فأخذ فرح موضوع الدراسة على محمل الجد لأبعد الحدود لأنه إعتبر أن أهله ضحوا من أجل تعليمه في الخارج ذاكراً:  "لم الفشل خياراً فإما النجاح أما التفوّق" حُبّ فرح للسيارات دفعه للسعي للعثورعلى وظيفة في هذا المجال و بالفعل توظف في شركة "رينو" بالتحديد في قسم التسويق، وكان اللبناني الوحيد في قسمه، وحتى الآن لا تزال هذه الهواية ترافقه في حياته العادية.

يعتبر جان كلود من خلال تجربته أن الشركات الفرنسية من أفضل الشركات التي يمكن للمرء أن يعمل فيها من حيث الخبرة والبيئة المناسبة للعمل، وقد تمكّن من تحديد نقاط الإختلاف ما بين الشركات الفرنسية والأميركية التي تتمثل بالدور الوظيفي، الدخل و المسؤوليات، لأنه عمل في الإثنتين.

ويقول فرح أن توجّه "رينو" لأسواق الشرق الأوسط كان خجولاً، و كأنه كان يبحث عن فرصة للتقرب من السوق الذي يحمل جذوره، ومع الزمن تمكّن من الوصول لهذا الهدف من خلال منصبه في شركة  "اورنجينا " كمسؤول عن الشرق الأوسط و أفريقيا في قسم التسويق وتطوير الأعمال.

ساعدت هذه التجارب فرح على التعرف إلى عقلية السوق والمستهلك في كل من اوروبا، الشرق الأوسط، وآسيا، ولم ينقص الرجل اللبناني حينها الخبرة إلا في السوق الأميركي وتحديداً أميركا الشمالية.

ومن بعد "اورنجينا " دخل في عالم "وستيرن يونيون"  الواسع عام 1999، و كانت النقلة النوعية في حياة جان كلود فرح المهنية، ويعتبر أن سبب إنتقاله كان الصدفة، فلم يكن حينها يبحث عن فرصةٍ للعمل.

في هذه الأثناء كانت شركة "كوكاكولا" تسعى للإستحواذ على "اورنجينا " و عادة عندما تتجه شركة أميركية للحصول على أخرى فرنسية تكون الأمور معقدة وطويلة الأمد، في هذا الوقت لم يكن بمقدور "اورنجينا " القيام بأي إستثمار أو تطوير ، وعندها تلقى فرح إتصالاً من شركة توظيف عملاقة لإستلام منصبٍ في الشرق الأوسط، و لم يكن يعلم لأي شركة سيتجّه سوى أنها شركة اميركية.

ودامت مقابلة العمل بين شركة التوظيف و فرح 4 ساعات عوضاً عن 45 دقيقية، وفي المقابلة التالية علم أنه سيعمل في شركة "وستيرن ونيون" الأميركيّة لتحويل الأموال و عُيّنَ مسؤولاً عن قسم التسويق في الشرق الأوسط و شمال افريقيا وتسلّم منصبه في26 نيسان 1999.حيث بدأت المسيرة من مكتب باريس لمدة عام، ثم  توجه إلى دبي لتأسيس فرع للشركة  في 21 ايار من العام2000 .

علماً أن عُمر الشركة يتجاوز الـ160 عام، موضوع تحويل الأموال كان جديداً على الأسواق، خاصة أن "وستيرن ونيون" لم تخرج من شمال أميركا إلا من 30 عام فقط، لكن موضوع تحويل الأموال كان سارياً منذ العام 1994 ولكن بطريقة فردية بين البنوك وعاملي الصيرفة خاصة في دبي لأنها تضمّ عمال من مختلف الجنسيات بحاجة لتحويل الأموال لذويهم.  وكانت "وستيرن ونيون" السباقة من حيث العالمية لتقديم هذه الخدمة وخلال 3 سنوات تمكنت الشركة الأميركية في الشرق الأوسط من تحقيق نقلة نوعية في سوق تحويل الأموال، فبحسب فرح "التحويلات التي تحققها الشركة في أسبوع من العام 2015 تساوي تحويلات عام كامل في الـ2000."

إستنتج فرح خلال خبراته السابقة أن من يستثمر كل وقته وجهده في الشركات الأميركية يتمكن من إنجاز الكثير لذا إستطاع فرح من تحقيق انتشار لـ"وستيرن ونيون"  في اكثر من 133 بلد .

جان كلود فرح كان مؤسساً لنمو حركة تحويل الأموال في الشرق الأوسط وأفريقا، و وأثبت أن الرجل اللبناني يستطيع تحويل طاقاته إلى إنجازاتٍ عالمية.