أنهت كل مؤشرات قطاع الاقتصاد الحقيقي شهر أيلول من العام 2015 على وتيرة منخفضة، وذلك ترجمة مباشرة لمسار الأوضاع السياسية المأزومة في البلاد، مع استمرار غياب انتاجية المؤسسات الدستورية وعدم التوافق على ملء الشغور الرئاسي.. الأمر الذي ترك الاقتصاد مشرعاً أمام أعتى العواصف، مما تسبب في المحصلة بضرب وتعطيل قطاعات أساسية في مقدمها القطاع السياحي والقطاع العقاري، اضافة الى انعكاس الوضع السياسي على المالية العامة التي ارتفع عجزها في النصف الاول من العام 2015 مقارنةً مع العام 2014، بما مقداره 313 مليار ليرة، وما نسبته 13.2%.
 
الى ذلك، كان من الطبيعي وفي ظل أوضاع سياسية وأمنية غير مستقرة أن يسجل ميزان المدفوعات خلال الأشهر السبعة الاولى من السنة الحالية عجزاً كبيراً مقداره 1317 مليون دولار، مقابل فائض فاق 30 مليوناً في الفترة ذاتها من العام 2014.
 
واستناداً الى المؤسسات الدولية وتوقعاتها لمؤشرات لبنان "الماكرو - اقتصادية" في غضون الفترة المتبقية من العام 2015، فإنه من غير المتوقع أن يسجّل الاقتصاد أي تقدّم يذكر ، لاسيما وأن هذه المؤسسات خفضت توقعاتها للنمو الى أدنى الحدود "0%"، وذلك بتأثير مباشر من توقف محركات مكونات الاقتصاد اللبناني الأساسية وهي الرساميل الوافدة التي شحّت في العام 2015، والصادرات، والقطاع السياحي.
 
في غضون ذلك، استمر الدين العام في التنامي مسجلاً نحو 70 مليار دولار أميركي، وما نسبته 134% من الناتج المحلي، كما تراجع الاستثمار الحقيقي الذي سجّل نسبة نمو 2% مقابل 11.4% في العام 2013. كما عانى ويعاني لبنان من ارتفاع مخاطره السيادية، وهو أمر بات مصدر قلق في القطاع المصرفي ، كون هذه المخاطر لها تداعيات سلبية على أداء القطاع المالي وكلفة تمويل البلد.
 
الهيئات الإقتصادية التي تراقب أداء القطاع تبدي قلقها من المخاطر المركزية التي باتت تلقي بثقلها على أداء مختلف القطاعات، وترى أنه على الحكومة وعلى القوى السياسية مسؤولية وقف الانهيار الاقتصادي، وهذا يكون فقط بانتخاب رئيس للجمهورية واعادة تفعيل المؤسسات الدستورية وتأمين الدعم للقطاعات التي تضررت بفعل تجاذبات وتقصير القوى السياسية. وتحذر الهيئات الاقتصادية من أن العام 2016 قد يشهد بداية انهيار لأكثر من قطاع اقتصادي ، اذا لم يبادر أهل السياسة لتصويب كل المسارات السياسية المشكو منها.