يُعتبر شهر أيلول "شهر الرعب" للأهل في لبنان، فطوال فترة الصيف يحتسبون المبالغ التي سيدفعونها لمدارس اولادهم مع حلول فصل الخريف. وكما كل سنة دراسية لا تبدأ إلا مع زيادة، ولو كانت طفيفة، تثقل كاهل الأهل.

لا توجد أرقام رسمية بعدد المدارس التي قررت زيادة رسوم أقساطها، كما لا توجد نسبة محددة للقسط، فكل مدرسة لها وجهة نظرها وقواعدها لفرض الزيادة على القسط.

بحسب بعض الأهل وفي حديث لهم مع "الإقتصاد" أكدوا أن إدارة المدارس فرضت 10%، ومنهم 20% على قيمة القسط للعام 2015 -2016، فعلى سبيل المثال سوزان إبراهيم كانت تدفع مليون و600ألف ليرة عدا الـ100 ألف ليرة تسجيل لإبنتها في إحدى مدارس المريجة (الضاحية الجنوبية)، هذه السنة طٌلب منها دفع مليون و950 ألف ليرة مع 130 ألف تسجيل، هذا عدا عن رفع سعر المريول من 30 ألف ليرة إلى 45 ألف، مع العلم أن المريول هو ذاته للعام الماضي، لكن المدرسة فرضت واحداً جديداً لا يحمل إلا تعديلات طفيفة جدا عليه، ما إعتبرته الوالدة كما سائر الأهل أن إدارة المدرسة تريد "نهبهم" وانها تجد أي طريقة لفعل ذلك.

الحال ليس أفضل بالنسبة إلى المدارس الكاثولكية، فبعض المدارس التابعة لها عمدت إلى رفع القسط ولو بنسبة أقل من العام الماضي، لكن هذه المدارس عزت السبب إلى تحسين البنى وترميم الصفوف، في وقت يرى بعض الأهل الذين يضعون أولادهم في هذه المدارس أن الإدارة تتحجج بهذه الأامور كل سنة ولكن لا نرى تحسينات واضحة.

فمثلاً السيدة ندى خليفة لديها 3 أولاد في مدرسة خاصة بالراهبات في بعبدا، تقول بأن القسط زاد بين الـ150 و200 ألف عن كل ولد، ولما حاولت مع بعض الأهل مراجعة الإدارة "اخبرونا بأن هناك تصليحات طرأت على عدد من الصفوف، ولكن نحن لم نلاحظ هذا الأمر بل على العكس وجدنا أن الصف الذي يستوعب 30 طفلاً كحد أقصى يتم وضع 40 طالباً فيه، وهذا الأمر غير منطقي تماماً، كما أننا تأكدنا من بعض المعلمات بانهن لم يحصلن على زيادة في الراتب، فكيف يفرضون "زودة" على القسط دون أي مراعاة لظروف الأهل، وفي حال إعترضنا يقولون لنا ضعوا أولادكم في مدارس آخرى".

إذا المشكلة لم تعد محصورة لا بقضية سلسلة الرتب والرواتب التي لم تقر بعد، ولا بتحسين معاشات المعلمين والمعلمات، وقد صادفنا عدد منهم واكدوا لنا أن أي زيادة على راتبهم قد حصل، ولاحتى بترميم الصفوف، فمشكلة تكديس الطلاب داخل صف واحد هو بحد ذاته تصرّف إقتصادي من قبل الإدارة لتوفير فتح صفوف وإضافة معلمين، وهكذا بدل من توزيعهم على 3 صفوف يمكن حصره بصفّين وبذات العدد من الأساتذة.

حتى اللحظة، لا يوجد جواب أو تبرير عن زيادة الأقساط، مع العلم ان كل مدرسة وحسب إسمها تفرض "الزودة" ولكن أين المعيار القانوني لفرض هذه الزودة؟

في حديث مع "الإقتصاد" رأى رئيس "المركز الكاثوليكي للإعلام" الأب عبدو أبو كسم أن "هناك قوانين قديمة موجودة في المدارس تسمح زيادة الأقساط لتطوير المدرسة، أوبسبب غلاء المعيشة وزيادة بعض رواتب المعلمين، وهذه زيادة روتينية لكنها مقبولة على ما أعتقد".

ويؤكد أبو كسم أن "هذه هذه الزيادة ليس لها علاقة بسلسلة الرتب والرواتب، ولا أقبل ربط هذا الموضوع بمسألة زيادة الأقساط".

يعتبر أبو كسم ان المدرسة التي تحترم ذاتها، سواء كانت تابعة للكاثوليك أو لغيرهم، عندما تزيد الاقساط عليها زيادة رواتب المعلمين وهذا حقهم وإلا لما رفع رسوم القسط؟".

وعن موضوع سلسلة الرتب والرواتب يقول" اذا أُقرت ستلتزم المدارس  برفع رواتب المعلمين والمدرسة التي ستخالف ذلك هي تخالف القانون".

وبحسب أبو كسم فإن معيار دفع الراتب للمدرس يتم حسب شهادته وخبرة عمله، فمثلاً الأستاذ الجديد صاحب شهادة ليسانس وأول سنة تدريس له، لا يجب يتقاضي أقل من مليون و88 الف ليرة لبنانية، ومن هنا يختلف المعاش بين كل سنة خبرة ومستوى الشهادة (مثلا المعاش لحاملي الماجستير هو ضعف المعاش العادي).

ويشير إلى أن "بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب فإن المدرسة التي تريد متابعة تعاونها مع الأستاذ (وهذا الأستاذ يتقاضى أقل من مليون) ستكون ملزمة  لاحقاً برفع رتبته 10 درجات دفعة وحدة، كي يصبح معاشه الشهري متوزان ومنطقي".

تجدر الإشارة ان ضمن هذا الإطار، تتجنب بعض المدارس دفع مستحقات الأساتذة خلال فصل الصيف، وهناك عدد من المعلمين والمعلمات الذين تحدث معهم موقع "الإقتصاد" أكدوا هذه النقطة، لكنهم يخافون الإفصاح عن إسمهم أو المؤسسة التي يعملون فيها كي لا يتم طردهم. فهناك مدارس تدفع الرواتب بشكل كامل خلال فصل العطلة المدرسية وهناك بعض المدارس تتنصل من هذه المهمة. وتعمل على تغيير أساتذتها كل عام (متسخدمة حجج تسيء للأستاذ) حتى لا تدفع لهم رواتب الصيف ولا حتى إدخالهم الضمان الإجتماعي.

يتساءل بعض الأهالي عن المعايير التي تضعها إدارة المدرسة لرفع فسطها، وعن هذا السؤال يردّ أبو كسم "كل مدرسة عندها سقف معين للزيادات ، حسب المدرسة، والموازنة المدرسية السنوية تحدد ذلك وهي ملزمة بها ولجنة الاهل لها دور بهذه الزيادات، وهناك لجنة بوزراة التربية تتولى التدقيق بهذه الزيادات، ثم توافق عليها".

بالنسبة إلى المدارس الإسلامية أو التابعة إلى جمعيات إسلامية، فهي لم تحبذّ خوض غمار هذا الموضوع، وكل مسؤول كان يطلب الحديث مع مسؤول آخر، إلا أن الجواب الوحيد الذي حصلنا عليه من هؤلاء الإداريين هو "ان لكل مدرسة مستوى، وبالتالي لا يمكن أن يكون القسط موحداً في جميع المدارس، وعلى الأهل تفهم هذا الموضوع، كون نوعية الأساتذة وصيانة الصفوف تختلف بين مدرسة وأخرى".

هذا الكلام يتطابق مع كلام أبو كسم الذي قال "أدعو الاهل إلى تفهم واقع زيادة الأقساط"، داعياً إياهم في حال شككوا بالمبلغ الكبير المضاف على القسط الأصلي  ان يعودوا إلى عدد من المرجعيات للتباحث في الموضوع مثلاً:  المدرسة، لجنة الاهل، وامانة عامة للمدارس الكاثوليكية او أي امانة بالنسبة إلى المدارس الإسلامية، ومصلحة التعليم الخاص بوزراة التربية، و التحكيم التربوي في الوزارة المذكورة".

بدوره رمى نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض في حديث مع "الإقتصاد" التهمة على "المدارس التي تزيد هذه الأقساط رابطة الموضوع بمسألة سلسلة الرتب والرواتب"، إلا انه إعتبر بان هذه السنة (2015 -2016) الأقساط لم ترتفع كثيراً ، عازياً السبب إلى أن إدارات المداراس متأثرة بتحركات الناس المطلبية ولا تريد رفع الأقساط في ظل الأزمةالإقتصادية الكبيرة التي تضرب البلد.

وقال ان "مهمة الأهل هي متابعة الموضوع وتحصيل حقوقهم بشتى الوسائل ومنع فرض الزودة عليهم".