تزدحم الطريق المؤدية إلى نهر العاصي، بالسيارات المتوافدة لتمضية نهار في واحد من أجمل المعالم السياحية في لبنان.

وبالإقتراب قليلاً من المطاعم والفنادق، ترتد لك روحك، ما إن تشعر بأن اللبنانيين من عائلات وأفراد، إلى جانب السياح الأجانب والخليجيين قد خرجوا للإستجمام بعيداً عن الضوضاء والأزمات.

فعلى الرغم من الأوضاع السلبية التي تحيط بلبنان، إلا أن منطقة العاصي كسرت القاعدة هذه السنة، فهل ستؤثر على الموسم السياحي في لبنان عموماً؟

للإطلاع أكثر على الموسم السياحي في النهر الوحيد الذي يسير في واد مخالف لكل الانهر اللبنانية الجارية جنوباً ، أجرت "الإقتصاد" مقابلات ميدانية مع عدد من أصحاب المطاعم والفنادق والمنتزهات، إلى جانب بعض رواد المنطقة.

فقد أكد صاحب "مطعم الغابة" حسن دندش أن الوضع الأمني في العام الفائت كان سيئاً على صعيد لبنان بشكل عام والبقاع بشكل خاص، مما أثر سلباً على الموسم السياحي وأدى إلى تراجع العائدات.

كما أن الزبائن من كافة الأراضي اللبنانية كانوا يحتاطون ويمتنعون عن زيارة المنطقة.

أما هذه السنة فقد أشار دندش إلى أن الوضع الأمني ممتاز، مما انعكس إيجاباً على الموسم الأمر الذي  كان واضحاً في من خلال الزبائن الذين كانوا متوافدين إلى "مطعم الغابة" من كافة المناطق اللبنانية.

في هذا السياق يقول المواطن القادم من الجنوب لزيارة نهر العاصي أسامة ياسين: "نحن اعتدنا في السنوات الماضية أن نزور المنطقة لتمضية بضعة أيام في ربوع الهرمل، باسثناء السنة الماضية، لكن هذه السنة الوضع أفضل بكثير ونحن هنا لتمضية 4 أيام".

أما عن السياح الأجانب، فقد أشار دندش إلى أن الخليجيين لا تزال نسبتهم نادرة، أما الأجانب من غير الخليجيين، فهم متواجدين وبكثرة، لافتاً إلى أن سبب قلة أعداد السياح الخليجيين قد يكون بُعد نهر العاصي عن العاصمة بيروت.

ولفت إلى أن الموسم السياحي هذه السنة تحسن بنسبة 80% عن السنة الماضية، وقال: " أستقبل في اليوم هنا الواحد 1000 شخص وهي السعة القياسية للمطعم، وهذا العدد يبقى ثابتاً طيلة أيام الأسبوع".

Displaying IMG_0599.JPG

وعن رياضة الرافتينغ، فقد أكد دندش أنها مشجع أساسي، تدفع بقسم كبير من الناس لزيارة نهر العاصي، كونها رياضة جميلة جداً وغير موجودة سوى على هذا النهر، داعياً كل المقاهي المتواجدة على كافة أنهر لبنان كالليطاني، إلى تفعيل ممارسة هذه الرياضة وتقديمها لكافة اللبنانيين والسياح الأجانب.

في هذه الأجواء أوضحت المواطنة هبة سليمان البالغة من العمر 37 سنة، والقادمة من بيروت أنها المرة الأولى التي تزور فيها نهر العاصي وتمارس رياضة الرافتينغ، لكنها أكدت أنها لن تكون الأخيرة وستدعو أصدقائها لتكرار هذه التجربة معها.

لكن صاحب "الغابة" شدد على أن الموقع السياحي للمنطقة والنشاطات الرياضية وغيرها ليست السبب الأول التي تدفع  الناس لزيارة العاصي ، فقد أكد أن الأسعار المدروسة هي محفز قوي.

فالوجبة الأساسية الكاملة للشخص لا يتعدى سعرها الـ15$ ما يجعل مطاعم العاصي مطاعم منافسة في محيطها ومقصداً للزوار وحتى من المنطق البعيدة.

Displaying IMG_0627.JPG

من جهته رأى مالك "مطعم وأوتيل شلالات الدردارة" هاني محفوظ أن الوضع السياحي السنة الماضية -بسبب سقوط الصواريخ على المنطقة- كان سيئاً جداً، لكنه أبدى ارتياحه للوضع هذه السنة واصفاً إياه بالممتاز والواعد.

أما عن سبب التحسن الكبير، فيرى أنه يعود بالدرجة الأولى إلى الوضع الأمني المستتب.

لكنه أكد أن الوضع لم يعد إلى حالته التي كان عليها في الفترة التي سبقت الأزمة السورية، حيث أن الوضع بالرغم من كل تحسنه، لا يزال يتأثر سلباً بالأزمة.

كما أشار إلى أن الإقبال في هذه السنة لا يقتصر على أبناء المنطقة كما السنة الماضية، وإنما هناك إقبال من كافة المنطق اللبنانية، كالجنوب والشمال.

وفي هذا السياق أكد محفوظ أن السياح الخليجيين في لبنان نسبتهم قليلة  جداً بينما نسبة الأجانب من غير الخليجيين، هي أعلى بقليل.

وأرجع محفوظ السبب إلى الدعاية التي تفتقرها منطقة بعلبك الهرمل، لافتاً إلى أن هذه المهمة تقع على عاتق وزارة السياحة التي من شأنها، تحسين صورة المنطقة السياحية، كونها تتمتع بطبيعة جميلة، إلى جانب رياضة الرافتينغ والمخيمات الصيفية.

وعن المخيمات الصيفية ، كشف محفوظ أنها من أجمل الهوايات التي يمارسها الأجانب في منطقة جرود الهرمل وصولاً إلى القرنة السوداء.

إلى ذلك أكد أن وجود الشاليهات في العاصي تعتبر نقطة إيجابية لصالح المنطقة. فهي أولاً تضمن راحة الزبون من جهة، ليتم دورة متكاملة من العناصر السياحية التي تتضمن تناول الوجبات الثلاثة في المطعم، والمنامة إلى جانب رياضة الرافتينغ ومختلف النشاطات السياحية في المنطقة.

وأشار صاحب "مطعم وأوتيل شلالات الدردارة" أنه يستطيع استقبال حوالي 500 شخص، لكنه لفت إلى أن عدد الزبائن لا يصل إلى مستوى قياسي سوى أيام الجمعة والسبت والأحد، وخلال أيام الأسبوع يستقبل ما بين الـ100 والـ200 شخص.

Displaying IMG_0565.JPG

لكن لصاحب "مطعم وأوتيل سمكة الترويت" وشاح محفوظ رأي آخر، فيما يخص الوضع السياحي في منطقة العاصي مقارنة بالوضع السياحي أثناء وقبل الأزمة السورية.

فبالنسبة لمحفوظ إن الإقبال السياحي الكثيف في هذه السنة وخصوصاً فترة عيد الفطر السابق والفترة التي تلته فاجأت أصحاب المطاعم والفنادق.

ولفت إلى أن هذه الموجة من السياح لم تشهدها المنطقة حتى في الفترة ما قبل الأزمة السورية، وقال:"إن مطاعم وأوتيلات نهر العاصي كافة من من أول مطعم إلى آخر مطعم، شهدت في الكثير من الأيام التي تلت العيد نسبة إشغال قصوى."

وعن نسبة تحسن الوضع السياحي عن السنة الماضية، أعلن أنه من غير الممكن تقدير نسبة مئوية نظراً لأن المستوى السياحي السنة الماضية كان منعدماً.

كما قال أن في هذه السنة وبعد زوال الخطر عن منطقة الهرمل، أصبحت العاصي تشهد إقبالاً واسعاً وسياحة ممتازة، مشيراً إلى أن السياح الذين يتوافدون إلى المنطقة هم من كافة المناطق اللبنانية، من الشمال إلى الجنوب وبيروت، وصولاً إلى منطقة بعلبك الهرمل.

كما أشار إلى أن السياح يتنوعون من كافة الجنسيات كالجنسية العراقية والإيرانية إضافة إلى السعودية.

وشدد على أن عملية وجود السياح في هذه المنطقة هي عملية متكاملة، تؤمن بالإضافة إلى عائدات المنامة والأكل ورياضة الرافتينغ، موارد إضافية إلى سوق منطقة الهرمل.

إلى ذلك أكد أن المستثمرين في منطقة الهرمل لا يرفضون أية إستثمارات خارجية في المنطقة، مرحبين بالأجانب واللبنانيين الراغبين بالاستثمار.

أما عن نسبة السياح الأجانب المتوافدين إلى المنطقة فقد أكد محفوظ  أن  الموسم السياحي لا يزال في بدايته وليس هناك نسب جازمة في موضوع السياح الأجانب، لكنه أبدى تفاؤله اتجاه هذا الموضوع، لافتاً إلى أن أهالي المنطقة الذين يزورون العاصي، يصطحبون معهم بأغلبيتهم أشخاص من خارج قضاء بعلبك الهرمل.

على ما يبدو، فلنهر العاصي ليس فقط استثناء خاص في مجراه، إنما استثناء في عدد زواره قد يغير معادلة الركود التي تعيشها أغلبية المناطق السياحية في لبنان.

فهل يستمر الإنتعاش.... وتنتقل العدوى إلى باقي المناطق اللبنانية؟