عند كل إنسان شيء يخفيه، أو يحاول أن يخفيه. لكن هناك راصِدٌ يتكفّل بفضحه وكشف سريرته، رغمًا عنه، ولا طاقة له على منعه، لأنه غالبًا ما يكون خارج السيطرة.

ولكن ليس كل موظّف أو مدير قادرًا على التقاطها وفهمها الفهم الصحيح. لأن عدم فهم إشارات الجسد، والتقاط معانيها"على الطاير"قد تكون نتائجه بحجم كارثة، أو تعاسة، خسارة وألم في معظم الأحيان.

الإعتماد على الوسائل التقليدية بجمع المعلومات عن الآخرين: الذين نودّ شراكة معهم بالعمل، أو ما إلى ذلك من العلاقات الإجتماعية والإقتصادية، لم يعد ذا معنى في هذا العصرالمتسارع في كل شيء.

فلا سؤال الجيران عن فلان أو فلانة يُجدي نفعًا. ولا سؤال المختار ولا الحلاّق الرجالي أو النسائي، ولا استخدام رجلٍ تحرٍّ خاص كما يفعل الأوروبيون أو الأميركيون.

الثقة بالنفس​:

أنت تدير مؤسسة، أو مسؤولاً فيها عن التوظيف، وتتطلّب الوظيفة التي أعلنت المؤسسة قبول طلبات أن يكون المتقدّم إليها يتمتع بثقة تامة في نفسه، فكيف تتوصل لمعرفة ذلك من عدمه؟

الأسئلة هنا عن الخبرة العملية في المجال الوظيفي المطلوب وعددها، قد لا يوصل إلى النتيجة المرجوّة، فهذا أصبح شيئًا قليل القيمة إزاء ما يمكن أن تقرأه أنت في حركات أعضاء جسم طالب الوظيفة. كما لا يعني أبدًا أن أولئك الذين يتدربون على بعض تمارين الإيهام بالثقة بالنفس، مثل الدخول بخطوات ثابتة، كالمشية العسكرية والشدّ على الكتفين أثناء المصافحة، والإجابة بصوت أعلى من طبقة المتوسط، هم واثقون من أنفسهم. فقد تكذبهم أفواههم ليس بما ينطقون، بل بما لا ينطقون. أي بما لا يوحي به الفم الصامت!

تراه مصغيًا إليك بانتباهٍ شديد، ثمّ فجأة، في سياق حديثك، يضع يده اليُمنى على خدّه في شكل نصف قبضة: الأصابع الثلاث، الخنصر والبنصر والوسطى مضمومة إلى الكف، والسُبّابة إلى الأعلى، والإبهام إلى الأسفل تحت الحنك بقليل.

هذه الوضعية قد توحي لقليل الخبرة أنه مهتم بحديثك، يتشرب معانيه كالإسفنجة ومتفهّم لمراميه، ولديه استعداد ليكون مطواعًا ينفِّد بإخلاص... فإيّاك والتسرّع بمثل هذا الإستنتاج السطحي. لأنّ هذه الحركة غالبًا ما تكون تعبيرًا عن القلق والحذر، بل وربما الخوف من ألا يكون أهلاً لهذه المهمة.

ركِّز على وضعية اليد على الخدِّ هذه، وراقب ما إذا تغيّر وضع اليد ذاتها وانحدرت لتخفي الفم: الإبهام والسُّبابة منفرجتان ما بين الشفة العُليا والأنف (موضع الشاربين) وبقية الأصابع على الذقن، مع التركيز أيضًا على النظرات، وخصوصًا ما إذا أوحتا بالقلق.

وهنا توجب عليك أن تضع علامة (-) كوكيل على عدم توفر الثقة بالنفس، ومهما بدا لك من جدية النظرة وصرامتها، فهذه أيضًا دليل قلّة، لا كثرة ثقة بالنفس. وتذكّر، أيها السيّد المدير المسؤول، أن وضع اليد على الفم بهذه الطريقة، هي حركة لاواعية لإخفاء حركة الشفتين عند الارتباك أو الإحراج (صاروا يرجفو شفايفي، يقول الناس عادةً عند التعبير عند حالة الغضب أو الخوف).

والملاحظة هنا موجهة إلى طالب الوظيفة، بأن يحاول السيطرة، بأمر عقلي صادر من الدماغ للسيطرة على حركة الفم لئلا ترتجف الشفتان نتيجة إرباكٍ ما. ومعروف في هذا المجال أن حركات الفم والشفتين يمكن قياس نسبة الثقة بالنفس من خلالهما.

ويتطلّب إجراء المقابلات مع طالبي الوظائف غرفة واسعة قدر الإمكان لكي يتاح للمسؤول مراقبة طريقة مشية الأشخاص بدقة، لما لها من دلالة على الثقة بالنفس من عدمها. والملاحظات أدناه موجهة للسائل والمسؤول على السواء.

إذا دخلتِ، دخلتَ وأنت تسير بخطوات قصيرة وسريعة نزقة، فستوحي حتمًا بأنك متوتر (وقد يكون التوتر مبعثه المقابلة نفسها مع المسؤول عن التوظيف)، إمّا لأنك غير واثق من قدراتك، ومن نفسك تاليًا، أو لأنك تعاني من عدم استقرار اجتماعي أو مادي.

تنبيه: إذا واجهك سؤال صعب أو يتطلب جوابًا قاطعًا لا مجال فيه لحالةٍ وسط، فقد يلجأ أحدكم إلى التريُّث، وتعديل جلسته بإرجاع ظهره إلى الوراء قليلاً مع حَكِّ ما وراء أذنه بأصبعيه (كما يفعل وليد جنبلاط أثناء مقابلاته الإعلامية حين يواجه بسؤال حسّاس فيحكّ صدغه الأيمن بأصبعيه). إن هذه الحركة العفوية والتي"يرتكبها"الكثيرون لا إراديًا، لا يُخفى معناها على الخبير في لُغة الجسد، وهي تعني أن الشخص غير صادق في الإجابة إلى حدّ كبير أو يمهد السبيل، بالتبواطؤ، والحكِّ ليزوغ عن الحقيقة مع إضمار الغش.