هنري عسيلي، رجل الأعمال اللبناني ساهم في تأسيس صندوق "ليب فنتشرز" إيماناً منه برواد الأعمال والشباب اللبناني، ورغبة منه بتقديم يد المساعدة لهم.

ولد هنري عسيلي في بيروت،  وبسبب الحرب التي كانت تعصف بلبنان في ذلك الوقت، انتقل إلى فرنسا ليتلقى دراسته، ومن ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل على شهادة البكالوريوس  في الرياضيات والإقتصاد من "جامعة بنسيلفانيا" في مدينة فيلاديفيا، كما وحصل على شهادة الماجستير من "جامعة وارتون" في فيلاديفيا أيضاً.

يعتبر هنري أنه كان محظوظاً جدا،ً فخلال فترة دراسته ، بدأ العالم بالتوجه نحو الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات،  فقام عسيلي باستغلال بداية هذه الثورة وقرر تأسيس شركة "Bizrate" - والتي أصبحت لاحقاً تعرف باسم "Shopzilla" -  في سان فرانسيسكو، بالتعاون مع أحد أصدقائه في "جامعة وارتون".

فضل نقل عمل شركته إلى لوس أنجلس بسبب توفر عدد أكبر من الفرص هناك مع منافسة قليلة إضافة إلى القدرة على إيجاد الموهبة المطلوبة للعمل في الشركة، والتي احتاجت إلى حوالي 9 سنوات لتحقيق الأهداف والنتائج المطلوبة.

بعد ذلك، قام ببيع الشركة والعودة إلى لبنان، بسبب تغير الكثير من الأمور في الولايات المتحدة نتيجة أحداث العام 2001.

وكان لـ "الإقتصاد" حديث خاص مع عسيلي للإطلاع أكثر على انجازاته المهنية والشخصية:

ما هي الصعوبات والتحديات التي واجهتها في بداية عملك؟

على الصعيد الشخصي، يعتمد هذا الأمر على شخصية الفرد وعلى مجموعة المهارات التي يمتلكها، فبالنسبة لي، أحب الإختراع وإنجاز الأمور في وقتها المحدد، وبالتالي، التحدي الأكبر الذي أواجهه هو الأشياء التي لا أنجزها كما هو مطلوب وبالشكل المرضي.

أما بالنسبة للعمل، تختلف الصعوبات وتتغير مع كل مرحلة من مراحل تطور الشركة، فعند تأسيس الشركة أو المشروع، أبرز تحد  يواجهه الفرد هو معرفة ما يجب أن يقوم به، وهو أمر موازٍ لمعرفة "ما لا يجب أن يقوم به".

ففي البداية يلاحظ الفرد أن هناك لائحة من الأمور التي يجب أن ينفذها ومجموعة أخرى ضرورة تنفيذها أقل الحاحاً، والصعوبة تكمن في تحديد الأولوية.

وأضاف عسيلي أن ارتكاب الأخطاء هو أمر محتم، إلا أن الشخص الذي يهدر أقل قدر ممكن من الوقت هو الذي يربح في النهاية.

هل تلقيت أي نوع من المساعدة والدعم من عائلتك وأصدقائك؟ أم بدأت رحلتك وحيداً؟

أتحدر من عائلة "لبنانية" بكل ما للكلمة من معنى، وفي عائلتي يسود جو الدعم والمساعدة، وبالتالي لجأت إلى المساعدة المالية من عائلتي للإستثمار في الشركة، التي استفادت بشكل كبير من هذا الإستثمار.

هذا الأمر لعب دور مهم، ووالدي كان مقتنع بما كان يقوم به، فعلى الرغم من النصائح التي تلقاها بعدم الإستثمار في مجال الإنترنت في ذلك الوقت، كان مصمماً على دعم الشركة.

ما هو العامل الأساسي للنجاح في رأيك؟ المال أم الخبرة والموهبة؟

العامل الأهم والذي يلعب الدور الأكبر هو الحظ. والحظ هو فرصة إما يستغلها الشخص في الوقت المناسب أو تفوته. ويعتمد هذا الأمر أولاً على قدرة ملاحظة الفرصة، ومن ثم توفر الموارد المالية والبشرية أي تأليف فريق العمل المناسب الذي يساهم في استغلال هذه الفرصة.

ما يهم هو انتظار الفرصة واستغلالها في الوقت والمكان المناسبين، كما يمكن خلق الفرص إلا أنه أمر غير سهل وغير مضمون نجاحه.  كل العوامل مرتبطة ببعضها البعض إلا أن الحظ هو العامل الأهم.

ما الذي دفعك للإستثمار في مجال الإنترنت والتكنولوجيا؟

الإستثمار أو العمل في مجال معين يعتمد على مدى حب الفرد والموهبة التي يمتلكها في هذا المجال.

لاحظت أنني أحب ما يتعلق بالتكنولوجيا من إختراع الأشياء والبرمجة والإنترنت، والبرمجة بالنسبة لي لعبة أحب القيام بها واعتبرها سهلة، ولذلك قمت بالإستثمار في هذا المجال. إلا أنه وبعد 20 عاما من العمل في البرمجة والتكنولوجيا، أصبحت مهتماً أكثر بمساعدة الآخرين في هذا المجال وليس القيام بمزيد من الأعمال، كما وأرغب في ترك أثراً أو بصمة وهذا ما دفعني للتعاون في إنشاء صندوق "ليب فنتشرز" لتقديم المساعدة والموارد اللازمة لرواد الأعمال وإتاحة الفرصة أمامهم للإستثمار وتأسيس مشاريعهم الخاصة وتطويرها لتصبح شركات كبيرة.

هذا الصندوق استقطب المواهب والخبرات المطلوبة لدعم الشركات الناشئة، فجميع مؤسسي الصندوق هم رواد أعمال اسسوا شركات ناجحة وواكبوا جميع مراحلها حتى التفرغ أو الخروج من الإستثمار، الأمر الذي ساهم في جذب المستثمرين ورواد الأعمال للعمل مع "ليب فنتشرز".

ما هي الصفات التي تتميز بها في شخصيتك والتي ساعدتك على تحدي الصعوبات وتحقيق النجاح

هناك مجموعة من الصفات التي يتميز بها رائد الأعمال، منها استعداده  للمخاطرة بما لديه لأنه بشكل عام متفائل في كل ما يفعل، والتعرض لخيبة الأمل هو أمر محتم وبالتالي لا يهم ذلك لأن مجال ريادة الأعمال ليس مجالا سهلا لا بل  ومخيب للأمل ومؤلم في كافة مراحله وصولاً لتحقيق النجاحات، والتطلع للنجاح هو ما يساعد على تخطي الأزمات وتحمل الفشل بالنسبة لرائد الأعمال.

إضافة إلى ذلك، أعتبر أنني شخص مباشر وصريح، الأمر الذي ساهم في خلق بيئة عمل متصالحة ومتعاونة.

هل تؤمن بلبنان وبالشباب اللبناني؟

مؤخراً بدأت بالإيمان بلبنان.

كلنا على علم أن الطبقة السياسية في لبنان لا تفكر في المصلحة العامة ولم تخلق البيئة المناسبة لأي ازدهار أو تطور اقتصادي أو اجتماعي ولكن في المقابل، هناك جيل من الشباب مختلف عن هذه الطبقة الحاكمة يهمه القيام بأي عمل يساهم في عملية التغيير، والتي يعلم أنها بحاجة إلى الكثير من العمل والإصلاحات والوقت وبذل الجهد. هذه العملية تبدأ بالإصلاح الإقتصادي الذي يساعد الجميع بما فيه الطبقة السياسية.

أنا اؤمن أن هذا الجيل هو الذي سينجح في النهاية وسيتمكن من انتشال لبنان من الحالة السيئة التي يعيشها.

ما هي خططك المستقبلية؟

أريد أن أرى "ليب فنتشرز" في المستقبل قادرة على تقديم المساعدة المنهجية لرواد الأعمال في عملية تحقيق أحلامهم، بالإضافة إلى حثهم على التفكير بأحلام كبيرة، كما وأرغب بإثبات أهمية الإستثمار بإقتصاد المعرفة لرواد الأعمال لجذبهم على القيام بذلك.

هل حققت كل ما تسعى إليه؟

تحقيق الفرد لأحلامه كافة معناه أنه لم يحلم بأحلام كبيرة، ولذلك هناك العديد من الأحلام التي ما زلت أسعى إلى تحقيقها.

وأخيراً، بعث عسيلي برسالة للشباب اللبناني حثهم فيها على الإستثمار في لبنان وتنفيذ المشاريع التي يحلمون بها، إضافة إلى الإستثمار في الوقت لأنه أهم ما يملكون.