اتخذت قضية عمال غب الطلب وجباة الاكراء في ​مؤسسة كهرباء لبنان​ منحى تصعيديا اليوم، وذهبت باتجاه المزيد من التسييس .

وقد شكل تعيين لبنان مخول على رأس لجنة متابعة العمال والجباة ، وهو قريب بالمصاهرة النائب القواتي انطوان زهرا ، والمحسوب سياسيا عليه ، امعانا في تسييس المسألة ، وحرفها عن مسارها المطلبي . وثمة خشية ان يؤثر التنافس المسيحي المسيحي التقليدي بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر ، سلبا على مساعي النائب سليمان فرنجية ، فتنسف جهوده التي افضت  حتى الآن الى اتفاق اولي مع الوزير جبران باسيل على رفع عدد المياومين الذين سيثبتون في ملاك مؤسسة كهرباء لبنان بعد خضوعهم لمباراة محصورة.

وبدت خطوة تعيين مخول وكأنها رد على "التطييف" الذي يعتبر المياومون ان باسيل مارسه ، عندما حشد خلفه كل النواب المسيحيين ، لنسف الجلسة النيابية الاخيرة والحؤول تاليا دون تصديق محضرها وعلى رأسه قانون تثبيت عمال المتعهد وجباة الاكراء.

لقد تبدل موقف القوات اللبنانية في هذه القضية ثلاث مرات ، فبداية كانت تعارض مشروع مقدمي الخدمات الذي باشرته وزارة الطاقة تحت ذريعة ان صاحب احدى الشركات التي تتولاه هو حليف سياسي لباسيل ، وبعدما ظهر عدم صحة هذا الاتهام غيرت موقفها ، ثم تبنت عبر النائب انطوان زهرا نفسه قانون التثبيت كما أقرته اللجان المشتركة وليس كما اقترحته الحكومة ، وبعد التصويت الملتبس عليه في الجلسة الاخيرة تضامن القواتيون مع العونيين وسائر النواب المسيحيين لتجميد القانون عند نقطة اللاتصديق . واخيرا يأتي القواتي لبنان مخول ليعرقل حلا تطبخه الدوائر السياسية داخل قوى الاكثرية الحكومية .

اللافت ان ترؤس مخول للجنة المتابعة يأتي بعد انسحاب او انكفاء ممثلي حركة وحزب الله تباعا من رئاسة اللجنة . ومخول كان جابيا في دائرة جونيه التي تركها بسبب خلافات مع القيمين عليها وانتقل الى دائرة بيروت .

وفي الاطار نفسه فان دخول الاتحاد العمالي العام على خط الاعتصام بعد ان تجاهله لثلاثة اشهر كاملة ، يعني بالتأكيد ان الاطراف السياسية المشتبكة في هذه القضية ، تتجه الى مزيد من التصعيد ، من خلال التسييس التام لها . وقد تزامن دخول الاتحاد مع اعلان اوساط الرئيس نبيه بري ، انه توقف عن متابعة الملف وتوكيل الوزير علي حسن خليل بالمتابعة، الامر الذي اعتبر موقفا سلبيا من بري .

وتضاربت التقديرات حول النتائج المتوخاة من تبني الاتحاد العمالي العام لقضية العمال والجباة ، بين متفائل بحلحلة ما ، استنادا الى تاريخ الاتحاد الحافل بالتسويات . وبين متشائم ، يعتبر ان السياسيين عندما عجزوا عن الحل ، رموا كرة النار الى من لا يستطيع حملها ، املا بكسب الوقت في هذه المرحلة . وعندما تنضج التسوية السياسية سيتم تكليف الاتحاد بايجاد المخرج مع المعتصمين ، وبذلك تكون كل الاطراف قد تراجعت من دون ان يسجل عليها ذلك .

المرجح ان تستمر المواجهة بين وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان من جهة ، وبين عمال المتعهد وجباة الاكراء ، ومن يقف خلفهم سياسيا ، من جهة ثانية ، الى امد طويل . والخشية الاكبر في هذه الاثناء ، ان يتفاقم وضع الكهرباء مع تزايد الاعطال وغياب التصلحيات . ويستمر توقف الجباية وشح الاموال في صناديق المؤسسة . وفي كل الاحوال فان اللبناني ، سواء كان مياوما ، او موظفا في ملاك المؤسسة ، او من سائر المواطنين ، سيدفع الثمن .