إستثمروا في الإنسان ألفرد اللبناني لأنه ألأسمى ألأجدى، أوليست الطاقات البشرية ثروة لبنان الحقيقية؟ وأليس ألبشر أهم من ألحجر؟ لكن كيف يمكن تحقيق أفضل مردود على الأقتصاد اللبناني علنا نخفف من سيل الهجرة هجرة خيرة شبابنا المسماة هجرة الادمغة وأن رأى فيها البعض بعض الايجابية خصوصا بوجود مليون ونصف المليون نازح سوري وفي ظل منافسة اليد العاملة اللبنانية:وكيف يمكن تطبيق مقولة الشخص المناسب في المكان المناسب وكم نوفر من هدر في تطبيقها في القطاعين العام والخاص هل تبقى المشكلة في السياسات المعتمدة ما هي العوائق والحلول؟: "الأقتصاد" أستطلعت أراء خبراء ومتخصصين وأصحاب خبرة وتجربة في هذا المجال وأضاءت على أهمية مركز مدير الطاقات البشرية HRفي المؤسسات والشركات في القطاعين العام والخاص:

غسان غصن :يهاجرون من اجل حياة أفضل وبسبب السياسات الاقتصادية التي غلبت الريعية

رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن رأى أن موضوع الهجرة ليس موضوعا ظرفيا بل هو تاريخي في لبنان، لاسيما أن لبنان يضيق بساكنيه خصوصا أن مجتمعنا هو مجتمع نشيط ويسعى للتقدم والرفاهية والحياة الكريمة.

ولفت الى أن اللبناني لا يسعى الى الهجرة بل يسعى لإيجاد فرصة عمل داخل البلد، ولكنه يجد صعوبة في ذلك بسبب السياسات الإقتصادية التي غلبت عبر التاريخ القطاعات الريعية على حساب القطاعات المنتجة.

وعندما تضيق المساحة بالشباب اللبناني ، يضطرون الى الهجرة من أجل بناء حياة أفضل وعدم البقاء على هامش المجتمع.

ولأن النزوح الظرفي الذي أتى الى لبنان نتيجة الحرب القائمة في سوريا وسعي النازحين لإيجاد عمل وتأمين حياتهم، في ظل غياب سياسة جيدة من قبل الدول المانحة والمعنية أثر كثيرا. حيث أن تلك الدول لم تؤمن لهم سبل العيش الكريم حتى لا يشكلوا ضغطاً إقتصاديا وإجتماعياً ومعيشياً على سكان البلد الأساسيين.

زياد بكداش:كل شيء يعود الى النمو طالما النمو ضعيف لن يتشجع الشباب للبقاء في لبنان  

من جهته نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش علق بالقول "أن كل شيء يعود إلى النمو، وإذا بقي يتراوح بين 0.5% و 1% لن تتشجع الطاقات البشرية اللبنانية لأن تبقى في البلد.

وأعطى مثالا عن القطاع الخاص (القطاع الخاص) : عندما تكون مبيعات هي نفسها مقابل زيادة في المصروف، لن يكون هناك قدرة لدى صاحب العمل بتوظيف أشخاص وإعطائهم دخلا مرتفعا.

واليوم أي شخص يريد الدخول إلى الجامعة الخاصة سيتكلف خلال دراسته ما لا يقل عن 70 ألف دولار، وبالتالي لن يرضى بمعاش  1000 دولار فيرى أن التوظيف في الخليج بـ 2000 أو 3000 أو 4000 دولار أفضل.

ولفت بكداش في حديث خاص للأقتصاد الى ان المواطن اللبناني مستعد  للبقاء في لبنان عندما يتأمن له وظيفة  في لبنان تعطيه  60% من معاشه  في الخليج، ويضحي بنسبة 40% على حساب بقائه بين أهله ومجتمعه.أما عندما ستوفر له الوظيفة في لبنان 20% مما يوفرله الخليج، فلن يرضى العمل هنا.

ولفت بكداش و"لكي يستطيع القطاع الخاص تأمين المعاشات التي يؤمنها الخليج يجب أولا  أن يتحسن العمل ويكبر وأن يتحسن نمو البلد لأن بدون نمو كل المؤسسات تصبح بوضع سيء بالإضافة إلى دور الدولة في إيجاد طريقة لتخفيف المصروف عن الصناعة والتجارة.وهذا كله مشروع كامل متكامل.

مع الإشارة إلى أن كلفة الصناعة في لبنان، ليست مرتفعة إنما المبيعات هي الضئيلة.

اليوم التجار، إذا أرادت الدولة وضع ضرائب، كما كان الموضوع يتداول بسبب سلسلة الرتب والرواتب.

كان يأتي أي شخص إلى لبنان يشتري أي قطعة من لبنان الآن أصبح يصورها ويرسلها إلى الخليج ويشتريها من هناك بسعر بأقل بـ20 أو 30% لان أرباحهم هناك أقل من أرباحنا، لأن كميات المباعة لديهم أكبر.

كذلك في السعودية أو دبي كلفة التاجر منTAXوغيرها أقل من لبنان.

بالإضافة إلى أن القطاع الصناعي مضروب والتجاري أيضا، كذلك القطاع السياحي الذي يعاني.

وردا على سؤالنا عن الشخص المناسب في المكان المناسب في القطاع العام، أجاب ان هناك أشخاص في القطاع العام، في المكان المناسب، لكنهم ينظرون إلى وضعهم فيما لو  أنهم كانوا يعملون في دبي أو السعودية، فإن معاشاتهم كانت ستساوي ثلاثة أضعاف المعاش الذي يتقاضونه في الإدارات الرسمية اللبنانية .

وينتظر الموظف سنة أو أكثر بانتظار إضافات على المعاشات أو مكافآت أو نمو في لبنان، وعندما لا يتغير شيء تذهب الكفاءات البشرية إلى الخارج.

د.غازي وزني:المشكلة أن أقتصادنا لا يخلق فرص عمل

بدوره الخبير ألأقتصادي د.غازي وزني بدأ بشرح المشكلة في حديث خاص للاقتصاد قال:المشكلة الأكبر لموضوع الهجرة هو أن اقتصاد لبنان لا يخلق فرص عمل، والدراسات التي أجراها البنك الدولي بين فترة 1997 و2010 تظهر أن  سجل نموا وسطيا بحوالي 3% بينما نمو فرص العمل كانت فوق الـ1%.

كما أن آخر تقرير للبنك الدولي أظهر أن لبنان يخلق سنوياً بين 5 و6 آلاف فرصة العمل بينما الذين يدخلون سوق العمل يتجاوزعددهم  الـ23 ألف، فالهجرة أذن مرتبطة بالإقتصاد الذي لا يخلق فرص عمل

وبالتالي فان عامل المساعدة الأول للتخفيف من الهجرة هو إعادة النهج الإقتصادي الموجود حالياً تطويره وتعزيزه.

وتابع وزني يقول أما العامل الثاني هو أن القطاع العام الذي يلتجئ إليه عدد من الدول لامتصاص فائض الطلب في سوق العمل، أما عندنا في لبنان هو غير قادر على زيادة أعداد موظفي القطاع العام، لأن العجز في المالية العامة مرتفع إلى جانب الأعداد الزائدة في موظفي القطاع العام.

 وبينهم من الذين دخلوا عن طريق المحاصصة او عن طريق العلاقات الشخصية.

ولتخفيف الهجرة هناك أمور كثيرة يجب تطبيقها بدءا من تعديل الإقتصاد المحلي وتوجيهه نحو اقتصاد المعرفة الذي يهدف لزيادة فرص عمل.

وفي هذا الإطار اتخذ مصرف لبنان إجراءات عدة وقُدم قروضا من أجل التشجيع على هذا التوجه المستقبلي.

إعطاء القطاعات الإنتاجية حوافز لزيادة حصتها، إذ لوحظ خلال العقدين السابقين أن القطاع الإنتاجي انخفض من 35% إلى ما دون الـ20% حالياً

لذلك يجب تقديم حوافز من قبل الدولة والمصارف، إلى جانب دور رجال الأعمال في تعديل وتطوير القطاعات الإنتاجية.

أما في ما يتعلق بكثافة النازحين السوريين، فنجد أن زيادة الطلب عليهم، رفع مستوى البطالة في لبنان من حوالي 15% إلى 26%، بسبب زيادة الطلب في سوق العمل بين 2012 و2014 أكثر من 30%، وزيادة الطلب في جميع القطاعات دون استثناء.

وهذاألأمر لا يعالج إلا من قبل الحكومة التي يجب عليها أن تتخذ إجراءات في هذا المجال، لضبط سوق العمل في شكل جدي، وإلا فسوف تزيد الهجرة كذلك البطالة.مع العلم أن زيادة الطلب أدت الى أرتفاع البطالة 29%

فالعامل الأجنبي الذي يدخل سوق العمل، يوافق على شروط أقل بكثير من العامل اللبناني إن من ناحية الراتب، أو لناحية عدم دفع المؤسسة لاشتراكات الضمان الإجتماعي.وطبعا ان ضبط العمالة الأجنبية لا تتم إلا عن طريق الدولة في هذا الإطار.

وردا على السؤال بخصوص وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، هل هناك دراسة تقدر حجم التوفير إذا استخدمت هذه الإستراتيجية؟

أشار وزني بداية الى ان وضع الشخص المناسب في الموقع المناسب، تتطلب إبعاد المحاصصة السياسية عن التوظيف، وأن يكون التوظيف قائم على الإختصاص والكفاءات الشخصية.

وإذا تحقق هذا الموضوع، تزيد إنتاجية القطاع العام بشكل كبير جداً وتكون عامل مساعد للنمو الإقتصادي، وله انعكاس إيجابي على المالية العامة.وإذا وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وفق المؤهلات هي من الأمور المفترض العمل عليها لأنها تجعل الدولة إيجابية على مختلف الصعد.

ولكن يفترض إبعاد السياسة  والطائفية والمذهبية.

وردا على سؤال عن الشركات الكبيرة والمهمة، هناك قسم الـHRومدير مسؤول عنه، يتولى اختيار التوظيف الصحيح.ما هي أهمية إيلاء موضوع التوظيف لشخص مسؤول عن التوظيف؟

قال :الـHR يوضع في الشركات الكبيرة، والشركات ذات أرقام الأعمال المرتفعةـ فتلجأ إما للـHR أو لمؤسسات أخرى متختصصة في هذا المجال، لتخفف تكاليف هذا الجهاز لدى الشركة.

إذا أهمية الـHRنظرا لأنه عامل مساعد في الإختيار للأشخاص الكفووئين هذا أمر موجود في الشركات الكبيرة.

وفي لبنان أغلبية المؤسسات هي مؤسسات عائلية والتوظيف داخلها يتم عن طريق العلاقات الشخصية، وبالتالي لم نصل نحن اليوم إلى المستوى الغربي كأميركا أو أـوروبا، حيث يتم التوظيف هناك عن طريق السيرة الذاتية.

فنحن لم نزل في مجتمع ضيق ومجتمع عائلي والـHR مطبق ولكن في أماكن معينة.

قطار:المحاصصة السياسية أكبر عائق

أما وزير المال ألأسبق دميانوس قطار أشار ضمن برنامج "المجلة الاقتصادية"عبر أذاعة لبنان في تعليق له على الموضوع نفسه أن نظامنا التربوي صلب وقوي لكنه لا يتطابق مع سوق العمل ولا مع الوضع الاقتصادي المتراجع جدا خلال الثلاثين سنة الاخيرة وهو عامل غير مساعد  وتحدث عن أشكالية ثانية تتمثل في الاقتصاد الاحتكاري حيث أن سلة صغيرة من المستثمرين يحتكرون النمو الاقتصادي والاحتكار الاقتصادي لا يسمح بالمنافسة الحقيقية وبالتالي لا وجود لنمو حقيقي مؤسساتي متطور في لبنان.

وبالنسبة لأهمية أختيار الشخص المناسب في المكان المناسب في القطاع العام قال للأسف وظيفة الدولة في الماضي كان لها رمزيتها اليوم هناك هروب من الدولة بدل أن تكون حاضنة ولفت الى أننا بعد الحرب لم نبني دولة بل كانت تسوية بين المتقاتلين وفيما كان ممنوع على موظف الدولة ألانتماء لأي حزب أو لأي سياسي اليوم لا يجاهر فقط بل يبتز على هذا الاساس وهنا تكمن الخطورة وبالنسبة للمحاسبة يلزمنا نظام أنتخاب يغير هذه ألآلية وعن أهمية الموارد البشرية قال قطار ان الاستثمار في الانسان هي فلسفة بحد ذاتها وعندما يؤمن صاحب العمل بأهمية الموظف وينفق الاموال على تدريبه وتطويره ويعتبر أنه أستثمار طويل ألأمد بفريق العمل لتكبير المؤسسة يدرك أنه عندها  ولاء الموظف  سيكون أكبر وأن المؤسسة ستتطور  وتكبر معه وأعطى مثالا في المؤسسات الكبرى المتطورة يكون مدير الموارد البشريةHRبنفس مستوى رئيس المالCFOوتضع رأس المال البشري ضمن موازناتها.

في الختام يبقى أنها مسؤولية الدولة لتلعب دورها الطبيعي وألاساسي وتكون الحاضنة لأبنائها وتحد من ألأسباب (أذا لم يكن بأمكانها ألغاءها) التي تدفعهم الى الهجرة...