لا شك بأن معظم المواطنين اللبنانيين تذمروا من بدء تطبيق قانون السير الجديد قبل أكثر من شهر، والسبب لم يكن عدم الرغبة بالإلتزام بالقانون، بل الغرامات الخيالية والقاسية التي يتضمنها هذا القانون والتي تخطى بعضها الحد الأدنى للأجور. أضف الى ذلك حالة الطرقات المزرية المليئة بالحفر وغير المضاءة في معظم الأحيان.

ولكن رغم ذلك، فإن هذا لا يعني أننا لسنا بحاجة الى قانون سير عصري وصارم يخفف من حوادث السير، فمن منا ينسى مشاهد الحزن والأسى التي نراها يوميا في نشرات الأخبار وفي الصحف لأم فقدت إبنها الوحيد، أو عائلة فقدت معيلها بسبب حادث على الطريق.

لذلك قرر المواطن ايلي شمعون إقناع المواطن على طريقته بأن قانون السير الجديد وضع لحمايته لا لمعاقبته. وأسس جمعية "Caars" التي تهدف الى جعل كل مواطن "شرطيا" يحافظ على تطبيق قوانين السير، ويسطر مخالفات بحق المخالفين.

وللحديث أكثر عن هذا المشروع كان لـ"الإقتصاد" هذا الحديث الخاص مع شمعون.

- بداية أخبرنا ما هو هدف مركز التوعية وسلامة المرور "Caars"؟ وما الرسالة التي تريدون إيصالها للبنانيين؟

قبل البدء بالحديث عن المركز وعن الهدف منه، يجب التنويه الى أن ضحايا "جرائم القتل" في لبنان يصلون الى 170 شخص سنويا، والذين قتلوا في أحداث أمنية في لبنان في السنة الماضية (إنفجارات – معارك ... ) لم يتخطى الـ100 شخص، في حين أن الذين يموتون سنويا بسبب حوادث السير في لبنان يصل الى 945 شخص، وهذا الرقم يتخطى بأضعاف أعداد الذين يموتون بجرائم قتل، وهذا يعني أن حظونا في أن نموت في حادث سير هي أكبر بكثير من حظوظ الوفاة بسبب حادث أمني أو جريمة.

هذه الأرقام تدفعنا الى التفكير بمدى أهمية ملف السير والقيادة على الطرقات في لبنان، وأنا بحكم عملي (مكتبة) على إطلاع دائم على كل ما يهم المجتمع من خلال القراءة ومتابعة الأخبار، لذلك قررت العمل على هذا الموضوع لتخفيف المأساة التي تنتج يوميا بسبب فقدان أشخاص وأحباء في حوادث سير. فكلنا نرى لوعة الأهل عندما يفقدون شابا أو فتاة في مقتبل العمر، أو عائلة تفقد معيلها الوحيد بسبب قيادة متهورة أو مخالفة سير ... والأمثلة كثيرة.

من هنا جاءت فكرة توعية المواطنين على أهمية التقيد بقانون السير، وتوجيه رسالة لهم بأن قانون السير ليس عقابا أو وسيلة للحصول على الأموال منهم،  بل هو موجود من أجل سلامتهم. والفكرة الأساسية من خلال مركز التوعية وسلامة المرور "Caars" هو جعل كل مواطن لبناني "شرطي سير" يستطيع المشاركة في العمل على تطبيق قانون السير، وفي تسطير المخالفات بحق المخالفين أيضا.

لذلك قمنا بإقتراح يقضي يتركيب جهاز مخصص للمراقبة والتصوير في السيارات، حيث يقوم هذا الجهاز بتصوير وإلتقاط أي مخالفة سير قد تحصل من أي شخص على الطريق، وذلك بهدف التخفيف من تهور بعض الأشخاص الذين لا يتسببون فقط في أذية أنفسهم بل أيضا في أذية الغير. ويهدف هذا المشروع أيضا إضافة الى الأجهزة التي يتم تركيبها في السيارات، إنشاء مركز خاص بإدارة قوى الأمن، مهمته تلقي الشكاوى والفيديوهات المصورة من المواطنين، وتسطير مخالفات بحق المخالفين.

- متى بدأت بتنفيذ الفكرة؟

الفكرة موجودة منذ ثلاث سنوات تقريبا، وليس كما يعتقد البعض أنها بدأت مع تطبيق قانون السير الجديد.

وقد قمت بتقديم هذا الإقتراح الى الجهات المعنية في ذلك الوقت ولكن لم يكن هناك تجاوب، كما قدمت المشروع أيضا لوزير الداخلية السابق زياد بارود الذي لم يقتنع بالفكرة في البداية، ولكن بعد عدة نقاشات حول الفكرة وكيفية تطبيقها، إقتنع الوزير بها وعبّر عن دعمه لتنفيذ المشروع.

وقبل أن يصدر قانون السير بشهر تقريبا قمت بطباعة 100000 نسخة لكتيبات تشرح قانون السير الجديد وتم توزيعها على المواطنين، لحثم على التقيد بالقانون، كما يشرح الكتيب هدف الجمعية ومشروعها.

ويهمني الإشارة الى أن هذا المشروع لا يبغي أي ربح مادي، فلا شيء أسمى من إنقاذ حياة إنسان، وطالما يمكننا العمل لإنقاذ حياة شخص، وتفادي مأساة قد تصيب عائلة وأم وأطفال، يجب أن نعمل. ومن يسطيع أن يفعل خيرا ولم يفعله.. كأنه فعل شراً.

- تتوجهون من خلال هذا المشروع الى المواطنين لحثهم على التقيد بقانون السير، ولا شك بأن هذا عمل جيد ... ولكن ألا تعتقد أنه يجب أيضا التحرك والعمل للضغط على الدولة اللبنانية لتحسين حال الطرقات وإضاءتها وإصلاحها لحماية المواطنين؟

بالطبع، ونحن قمنا بحملة أيضا تطالب بتركيب إشارات المرور على الطرقات وإضاءتها وإصلاح الحفر، ومازلنا نسعى لهذا الموضوع، ومؤخرا نفذنا تجمع في منطقة المتحف للمطالبة بهذا الأمر.

وفي حال لم يتم الإستجلبة لهذه المطالب، سنقوم نحن بمبادرة لإصلاح الحفر الخطيرة على الطرقات في لبنان على حسابنا الخاص.

كما نسعى أيضا الى تخفيف الغرامات الموجودة في القانون الجديد، وتصويبها.  فهناك بعض الثغرات غير المنطقية. ويجب أن لا تكون الغرامات قاسية من المرة الأولى، بل يجب أن تكون تصاعدية، حيث يمكن أن تكون المخالفة تحذيرية في البداية، لأن عدد كبير من المواطنين لا يمكنهم دفع هذه المبالغ الكبيرة.

فمثلا لا يمكن تحرير مخالفة بـ200 ألف ليرة بحق مواطن يعمل براتب لا يتخطى المليون ليرة شهريا، ويملك سيارة لا يتخطى سعرها الـ4000 دولار.

- هل تتوقع أن يرى هذا المشروع النور؟ وما هي الصعوبات والعقبات التي تقف أمامكم؟

الوزير بارود ساعدنا كثيرا لتأسيس الجمعية، وقمنا بتأسيسها بشكل قانوني وأصبحت الأمور تسير في الإتجاه الصحيح، ولكن نحن ننتظر الأن إنجاز الصيغة القانونية التي تشرح كيفية تنفيذ المشروع بشكل صحيح.

وقمت حتى الأن بإختبار أكثر من جهاز مخصص للسيارات، واحاول تحسين المواصفات التي يتضمنها ليصبح أكثر فعالية وأقل كلفة. اما بالنسبة لصيغة حصول المواطن على الجهاز سنعمل على الحصول على دعم لهذا المشروع ليصبح سعر الجهاز رمزي للمواطن.

وأريد التنويه الى أن العمل الذي نقوم به هو على أساس علمي، وأنا حاصل على شهادة جامعية في إدارة سلامة المرور، كما قمنا أيضا بدورات تدريبية في هذا المجال في فرنسا. وكل العمل الذي قمنا به حتى الأن هو ناتج عن تمويل وجهد شخصي.. ولم نتلقى أي مساعدة مالية من أي جهة.

أما بالنسبة للصعوبات فهي تتمثل بالتشريع والتمويل، فلا يمكن لهذا المشروع أن يبدأ بدون تشريع من الدولة، كما اننا لا نستطيع العمل بمفردنا، فنحن بحاجة للدعم من أجل الإستمرار.