رأى عميد كلية ادارة الأعمال في "جامعة الحكمة" البروفسور روك أنطوان مهنا في حديث تحليلي شامل خاص لـ"الإقتصاد" عن الوضع الاقتصادي في 2015 انطلاقاً من نتائج الفصل الأول "أن الوضع المرتقب لأول جزء من سنة 2015 يوصف بالإنتعاش الخفيف بشكل عام، ونتوقع لها الإيجابيات، و لكن الشرط الأساسي الذي سيساعد الإيجابيات على الإستمرار والزيادة هو الإستقرار الأمني. وقال بالاستناد الى عدد من المعطيات الايجابية "أن النمو المرتقب نقدره بحوالي 2.5% صعوداّ من 1.75 و 1.80 المعدلات التي أغلقناها عام 2014 ونتوقع أن يرتفع بشكل بسيط".

ودار الحوار مع العميد مهنا رئيس رابطة الاقتصاد العالمي في لبنان على الوجه الآتي:

كيف تقيّم الوضع الإقتصادي في سنة 2015 إنطلاقاً من مؤشرات الفصل الأول، إذا نظرنا الى إحصاءات الفصل الأول نرى انها تُعدّ بطيئة، هل بسبب الوضع الاقليمي واستمرار الفراغ الرئاسي؟

الوضع المرتقب من سنة 2015 بشكل عام أول جزء منه يوصف بالإنتعاش الخفيف، و نتوقع له الإيجابيات، ولكن الشرط الأساسي الذي سيساعد الإيجابيات على الإستمرار و الزيادة هو الإستقرار الأمني.

اذا اخذنا السياحة فقد بدأنا نلمس الإنتعاش في بدايات العام ولكن ليصل إلى ذروته ويبان تأثيره لدينا شهرين حتى فصل الصيف وسنتأكد أكثر عن طريق حجوزات الفنادق وهذا إذا بقي الإستقرار الأمني نسبياً كما هو عليه اليوم، نتوقع زيادة السياحة وانتعاشها، لأن الزيادة السنوية في عدد السياح بلغت نسبتها 6,3%،  حيث ارتفع عدد السياح إلى مليون و340الف سائح.لكن بالنسبة للانفاق السياحي لم يرتفع بالنسبة ذاتها.

اذاً الإنتعاش بدأ بالظهور وإذا استمر الإستقرار الأمني سيدل هذا الأمر على سياحة جيدة في الصيف.

أما النقطة الإيجابية الثانية، فتتمثل بتأثير هبوط أسعار النفط، لقد إستفدنا من هذا العامل لزيادة القدرة الشرائيّة عند المواطن التي تسبب لزيادة في الإستهلاك، كما أنه من تأثير هبوط أسعار النفط إنخفاض فاتورة المشتريات النفطيّة، بحيث تشكل فاتورة الواردات النفطيّة 5 مليار دولار، من ضمنها لزوم كهرباء لبنان أي الفيول, لذا  نتوقع توفير أكثر من 650  مليون دولار، أنخفاض الفاتورة النفطيّة بدوره من المفترض ان يؤدي لإنخفاض في العجز التجاري لكن بالرغم من هبوط أسعار النفط وانخفاض التحويلات المرتقبة لؤسسة كهرباء لبنان وتقلص انخفاض فاتورة الاستيراد نتيجة تراجع سعر اليورو   نحن نرتقب ان يتخطى  عجز الموازنة فعليا اكثر من 10,6% من الناتج المحلي في 2015 بسبب الاعباء المتزايدة على الدولة نتيجة زيادة الرواتب والاجور وتعويضات نهاية الخدمة (تفريغ أساتذة الجامعة اللبنانية وما الى هنالك من زيادة في حجم القطاع العام)لذا سنشهد زيادة بالأنفاق ما ينتج عن زيادة في النفقات تفوق 6%عن عام 2014 .ومتوقع ان يتخطى الدين العام 71 مليار دولار بالرغم من هبوط اسعار النفط.

تأثير آخر يعتبر إيجابي و هو تأثير هبوط سعر اليورو، الذي سينعكس ضعفه تجاه العملات الأجنبيّة إيجابيّا على لبنان.

كل هذه الأمور ستشكل نمو مرتقب نقدره بحوالي 2.5% صعوداّ من 1.75 و 1.80 المعدلات التي أغلقناها عام  2014 نمو و نتوقع أن يرتفع بشكل بسيط.

سيزيد النمو إذا بقيت وتيرة الإستقرار الأمني نسبيّاً مستقرة بغض النظر عن حل الأزمة السوريّة، ونتوقع نسبة ارتفاع بنسبة 3.5% في 2016 و سيلامس 5% في 2017 و 5.5% في 2019. المؤسسات الدولية نشرت توقعات مالية بالنمو من 2015 للعام 2019 سيكون بشكل تصاعدي وإيجابي على شرط عدم تدهور الإستقرار الأمني و لكن سببه أن المستثمرين المحليين والأجانب والدول والمستهلك سيعتادون و يتأقلمون على الوضع بسوريا و الأزمة سترجع الإستثمارات كما سيزيد الإستهلاك.

إيجابية أخرى في هذا العام هي إستمرار إستقرار الليرة حتى بوتيرة أفضل، كما سنشهد دمج لبعض المصارف لتقليص عددها و تعزيز رأسمالها.

القطاع العقاري غير المبني سيكون جيد و سيشهد الإنتعاش في بعض المناطق ، لكن العقار المبني في بعض المناطق لأن فيه stock كبير خاصة في الشقق الكبيرة و الشاليهات سنشهد فيه تباطأ، فإذا العقار غير المبني يعتبر أفضل من العقار المبني.

هذه إيجابيات النمو للإستهلاك الخاص الذي نتوقع زيادته . الإستثمارات ستزيد بشكلٍ ملحوظ و لكن ليس كثيراً و الصادرات أيضا نتوقع زيادتها بشكلٍ طفيف خصوصا بعد ان تضررت في آخر سنتين  بسبب التأمين و كلفة الشحن العالية عبر الطرقات السورية و معابرها البريّة للأوضاع غير الآمنة و البحر كلفته أكثر. و الواردات أيضا تراجعت لتباطؤ الحركة الإقتصادية و الإستهلاك، صحيح ميزاننا التجاري تحسن من حيث العجز و لكن كحجم اجمالي للصادرات والواردات إنخفض، نتوقع أن تزيد الصادرات بنحو طفيف من 3 بليار و 800 مليون  إلى 4 بليار و 100 مليون في 2015 . أما الواردات فنتوقع تراجعها مما سيشكل تراجعا بعجز الميزان التجاري. .

 الإيجابيات المستمرة هي السياسة النقدية للمصرف المركزي برزمة التحفيز، سيضخ  البنك المركزي في 2015 بمليار دولار يشكلون قروض مدعومة لتشجيع الحركة الاقتصادية و تحفيزها .اما بالنسبة  للإحتياطي العملات الأجنبية (والذهب من ضمنهم) نتوقع ان ترتفع  إلى 52 مليار و نصف دولار في 2015.وحجم السيولة المرتفع في المصارف التجارية ممكن ان يتحول الى عبء ونقطة ضعف اذا لم يتم اعتماده لاقراض القطاع الخاص بفوائد معقولة اذ لا يجوز الن يكون هامش فوائد التسليف والايداع باكثر من نقطتين.

وفي باب الايجابيات ايضا في 2015 تجدر الاشارة الى ان بعض المؤسسا ت الدولية تتوقع  إنتخاب رئيس توافقي وسطي في اواخر 2015

وفي ظل استمرار ابتعاد السياح الخليجيين هل ترى ان موسم الصيف يمكن أن يكون واعدا؟

- مما لا شك فيه  أن هناك  تباطؤا كبيرا في الإستثمارات الخليجية لا سيما على صعيد العقارات أو غيرها من المشاريع و ايضا للسواح الخليجيين الا ان أكثر السياحة مكونة من اللبنانيين المغتربين الذين يعودون لزيارة أهلهم و ضيعهم وهذا ما كان يحرّك في الواقع الإستثمارات المباشرة و التي كانت أغلبيتها في العقار.

أما بالنسبة للوضع الذي حصل مؤخراً بالنسبة لترحيل اللبنانيين من الإمارات لعلاقتهم مع حزب الله، هذا الأمر لن يؤثر لأن هناك ما يقارب المئة ألف لبناني في الإمارات إذا 1% منهم تضرروا هذا الأمر لن يشكل بالأثر الكبير على الاقتصاد اللبناني على ان لا تاخذ المسالة طابع طائفي وتتوسع على شريحة اكبر علما ان دولة الامارات أوضحت ان هذا الموضوع سيبقى محصورا من باب الامن القومي ولكن هنالك خطورة اذا استمر التصعيد في الخطاب السياسي على باقي الدول الخليجية في ظل المستجدات في اليمن والمواقف منها   هناك تخوف من أن   تأخذ المسألة أبعادا طائفية وتتخذ بلدان اخرى تدابير مماثلة اما دولة الإمارات أكدت ان تأخذ هذا الموضوع يدخل من باب الأمن القومي.

ما رأيك بقرار وزير الماليّة  رقم 142/1 الذي ينصّ على فرض رسم  سنوي مقطوع على المكلفين و ضريبة الدخل إبتداءاً من نيسان 2015 مع العلم ان تطبيقه قد تأجل الى اخر العام بحسب المعلومات ، ما رأيك بهذا القرار مع العلم أن الشركات اللبنانيّة بحاجة إلى تحفيزات؟

-وزارة الماليّة اليوم تحاول بقدر المستطاع أن تدخل أموال على خزينة الدولة ، للأسف ما نحتاجه اليوم هو سياسة إصلاحيّة ضريبيّة و إصلاح للسياسة الماليّة، فنحن في لبنان نفتقد لإصلاحات جذريّة على الصعيدين، لأن الزيادة العشوائية للضرائب تضرّ أكثر من أن تفيد و هذا الأمر يعتبر من السلبيات.

جمعية المصارف أوصت برفع معدل الفائدة المرجعيّة بالسوق على التسليفات بالليرة و على التسليفات  بالدولار إبتداءا من نيسان أيضاً في أي خانة ننصف هذا الموضوع؟

-بالنسبة لهذا الموضوع مما لا شك فيه أنه كلما نوينا زيادة الفوائد، كلما نبطئ الإستثمارات و نبطئ النمو، نقوم بهذه الخطوة في حال لدينا خوف من التضخم بالأسعار. و لكن اليوم لا يوجد تضخم لأنه بوجود أسعار نفط منخفضة و فاتورة إستيراد أيضاً منخفضة لضعف اليورو اليوم و بوجود ركود إقتصادي، اسعار السلع يجب أن تنخفض بالمقابل لكن هذا الأمر لم نشهده بعد، حتى أنها لم تجمد لأن تركيبة إقتصادنا محتكر، لكن ليس لدينا زودة بالتضخم فخطر التضخم مضبوط.

أن هذه الخطوة تأتي في أطار أحتكار المصارف وزيادة ربحيتها على حساب تحفيز التسليفات للقطاع الخاص حيث أنه يجب أن يحصل العكس تماما أعني ضرورة تخفيض الفوائد على التسليفات لأنها تحفز الاستثمار.كما أن المنطق الأقتصادي يسمح بهامش نقطتين فائدة بين الأيداع والتسليف ألا ان هذه التركيبة الأحتكارية تحول دون ذلك.

وما هي سلبيات 2015؟

اولاً: الفراغ برئاسة الجمهورية والاستمرار به سيضعف الثقة والاستثمارات الخارجية التي بطبيعة الحال خفّت لعدم وجود الثقة ومؤثرة على فعالية المؤسسات  بالدولة مما سيشكل بالخطر على الدستور و الكيان.

ثانيا: تفاقم تأثير الأزمة السورية خاصة على البطالة و فرص العمل والخدمات العامة: كهرباء، مياه، صرف صحي، التعليم،الصحة، أزمة زحمة السير و عدم ضبطها فالبطالة تتفاقم كثيرا لعدم ضبط العمالة السورية فوصلت البطالة بعنصر الشباب بين 22-27 سنة إلى 55% من هذه الفئة ، كما وصلت إلى 38% من خريجين الجامعات في لبنان عاطلين عن العمل و80% من اللبنانيين المهاجرين هم ما دون 35 عاما . أضافة إلى الجهات المانحة التي قامت بموازنة للبنان في 2015

2 مليار دولار لكن لبنان لم يستلم منها إلا 112 مليون دولار و من المحدد أن تتم العملية تحت تنسيق من الدولة و أن يُقدم الحاجات الأساسية فقط للنازحين السوريين على أساس وجودهم مؤقتاً.

غياب الإصلاحات مثل اللامركزية الإدارية، اللاحصرية الحكومية وغيرها الكثير من المشاريع الحيوية المؤجلة ..

,في السنة الماضية تراجع الفساد في لبنان 10 مراكز وصولا إلى المركز 136، واليوم نرى حملات لمحاربة الفساد و لكن التشريعات التي تحارب الفساد مثل قانون حق الحصول على المعلومات وقانون حماية كاشفي الفساد هذه القوانين مهمة و أهم آلية اليوم لمحاربة الفساد هي الحكومة الإلكترونيّة و هي لتحجيم دور الوسيط بالمعاملات الرسمية، هذه إصلاحات مهمة يجب ان تُطبق.

من جهة ثانية ان الإستمرار بعدم البتّ في ملف النفط بظل هبوط أسعار النفط العالمية، وإسرائيل و قبرص يسبقونا  الأمر الذي يخفف من حماسة المستثمرين الأجانب و يقلل من جاذبية البلاد للإستثمارات.

كما أن إستمرار غياب قانون إنتخابي يمثل كل الشعب و الحاجة لإنتخابات نيابية التي أُجلت، والتلويح بهاجس سلسلة الرتب و الرواتب بموضعها الحالي غير المدروس والمؤذي للإقتصاد التي يتم تمويلها على حساب المواطن بزيادة الضرائب عوضا عن درسها من قبل اختصاصيين حيث ان النواب لا يستطيعون ان يحملوها سياسيا او شعبيا. كل هذه العوامل غير صالحة لأنتعاش  الإقتصاد بدون أن ننسى الخطر الأمني لخطف العسكريين في الجيش و المناوشات مع الجيش على الاطراف  مع سوريا كل هذه الهواجس الأمنية تشكل بالخطورة على الإقتصاد لهذا العام ولكن على كل الأحوال سنشهد إنتعاش نسبيا  مقارنة بـ 2014.مشروط بالوضع الامني.مع اهمية التركيز على البدء بالاصلاحات المالي والاقتصادية واولها الحكومة الاكترونية وهي الحل الاسرع  والاقل  كلفة لمكافحة الفساد.