يجمع المراقبون والخبراء على ان الحرب الاقتصادية التي تعيشها سوريا اشد وقعاً وايلاماً من حرب الاسلحة خصوصاً في ظل محدودية الدخل لدى العائلات السورية امام الارتفاع الجنوني للاسعار، فضلاً عن فقدان أو ندرة وجود بعض المواد الاساسية مثل المازوت في الاونة الاخيرة.

وفي هذا الاطار، يرى خبير اقتصادي يعمل في سوريا  أن المساعدة التي منحها مؤخراً الرئيس بشار الاسد  في 18 كانون الثاني الفائت  او بمعنى ادق  التعويض المعيشي الشهري المقدر ب4الاف ليرة سورية التي منحها بموجب مرسوم للعاملين   المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بعقود سنوية البالغة 5 آلاف ليرة سورية ما هي إلا اعترافاً من الحكومة بمدى معاناة الأسر السورية في هذه المرحلة. و يشرح الخبير لـموقع "لاقتصاد" ان المازوت اسعاره مرتفعة وهو غير متوافر لذا فانه منذ حوالي الشهر والنصف سمح البنك المركزي ووزارة الاقتصاد للصناعيين بالاستيراد المباشر الحر  لهذه المادة الهامة والحيوية.

وقال :ان الاسر السورية تعاني  لأن الأسعار ارتفعت في سوريا أكثر من 120%، كاشفاً أن هناك صعوبة في ايجاد مادة المازوت ، ولهذا السبب سمحت الحكومة من حوالي شهر ونصف بالاستيراد الحر لمادة المازوت (كانت عملية الاستيراد  في السابق حكراً على الدولة).

وقال الخبير عينه أن الأسر السورية تعاني مرتين ، أولاً جراء تراجع سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار (بين 195-200 السعر الرسمي  في المركزي السوري بينما في السوق السوداء 220-225  تتغير حسب الايام مع العلم ان المركزي يتدخل اسبوعيا من خلال الصرافين عارضا العملة الاجنبية وهو  يبيع المصارف بالسعر الرسمي لمواد موافق عليها يتولى تمويلها وهنا تجدر الاشارة الى ان سوريا كانت تستورد 30 % فقط من احتياجاتها وتنتج 70 % من هذه الاحتياجات اي ان لديها كان  نوع من الاكتفاء الذاتي  مع العلم أن الحكومة لم تزل مستمرة في تأمين المواد الاساسية مثل القمح والرز والغاز..

ويلفت الخبير الاقتصادي الى ان الوضع يختلف بين مدينة واخرى من ناحية وفرة السلع والاسعار وانه بطبيعة الحال فان المدن المحاصرة مثل حلب تقل فيها المواد وترتفع اسعارها بخلاف المدن المفتوحة .

واشار لـ"الاقتصاد" الى ان نسبة التضخم في سوريا  فاقت الـ120-130 % مع العلم ان البضائع المدولرة مثل السيارات ارتفعت اسعارها 200%.معروف ان الاسعار تتأثر بعملية العرض والطلب وبعامل الوقت اي بسعر صرف الدولار صعودا او هبوطا اذ لا يكون التغير سريعا.

وفي معرض تعليقه على قرار الزيادة الاخيرة التي منحها الرئيس السوري قال انها مع سائر الزيادات الحكومية السابقة تكاد لا تعوض بنسبة 35 % عن الارتفاع  الهائل للاسعار لافتا في هذا المجال الى ان الدولة ليست اللاعب الوحيد في سوريا اذ ان هناك قطاعات اخرى عوضت بدورها عن تراجع القدرة الشرائية للموظفين مثل المصارف عبر زيادة تمثل 4 معاشات او حوالي 33 % يمكن القول ان قطاعات اخرى حاولت التعويض من خلال منح زيادات  بين 25 و50%.

من جهة ثانية أفادت بعض العائلات السورية التي استطلعت آراءها "الاقتصاد" في حلب، وريف حمص ، بأن بعض السلع ارتفعت أسعارها 5 أضعاف ، ونذكر على سبيل المثال ان سعر ليتر المازوت 125 ليرة سورية وقارورة الغاز المنزلي سعرها الرسمي 1500 لكنها تباع عمليا ب1750 ليرة سورية.

وتقول العائلات ان المواد موجودة لكن باسعار مرتفعة لذا فان معظم العائلات تستلمها كمعونات حكومية مثل الرز والسكر والبرغل والزيت بغية توفير الاعباء .

وافادت العائلات ان انقطاع الكهرباء شبه كامل في المناطق السورية  اذ ان التغذية الكهربائية تقتصر على 4 ساعات فقط فيما المياه مقطوعة لا تصل المنازل الا كل 6 ايام.!مما يعني ان المواطنين يعيشون مأساة حقيقية.

وفي مدينة حلب اكدت العائلات أن الوضع صعب جداً والأسعار "نار"، وقالوا أن سعر المازوت عند الدولة 125 ليرة، يضاف اليها أجور ضخ، أما في السوق السوداء فيرتفع السعر الى 250 ليرة، فيما باقي السلع ارتفعت اسعارها ثلاثة وأربعة أضعاف.

واشارت العائلات الى ان وضع الكهرباء سيء جداً ، فخلال الـ 24 ساعة تقتصر التغذية على ساعة واحدة لأن الكهرباء في حلب هي تحت سيطرة المجموعات المسلحة، فيما وضعها أفضل في باقي المحافظات.

وتجدر الاشارة الى ان الرئيس السوري بشار الأسد كان قد منح منذ حوالي أسبوعين مساعدة قدرها 4000 ليرة سورية  بموجب مرسوم تشريعي وفق الاتي:

 "أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوما تشريعيا يقضي بمنح العاملين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين بعقود سنوية تعويضا قدره 4000 ليرة سورية شهريا باسم تعويض معيشي.

ووفقا للمرسوم الذي تم إصداره الأحد 18 كانون الثاني، لا يخضع التعويض لأي حسميات مهما كان نوعها ويصرف مع الراتب أو الأجر أو المعاش، ويعمل بهذا المرسوم اعتبارا من أول الشهر الذي يلي تاريخ صدوره.

وأدت الحرب التي تعصف البلاد إلى تراجع نمو الاقتصاد بالإضافة إلى تشريد 18 مليون سوري بينهم 12 مليون نازح داخل سوريا في حين لجأ أغلب الباقين إلى الدول المجاورة".