أتي مغنو الروك الاسكتلنديون حاملين، من غير قصد، رسالة مثالية للمستثمرين، هي أن السوق عالقة وسط فوضى سياسية وأنها تسير بسرعة، لكن على غير هدى.

في الفترة القريبة الماضية شهدت الساحة، مرة أخرى، تحولين عميقين. أولا جاءت قمة منطقة اليورو التي قال المستثمرون إنها أظهرت أن القادة الأوروبيين غير مستعدين بعد لاتخاذ قرارات كبيرة. وقد قامت القمة بما يكفي لمنع تفكك المنطقة، لكن ليس بما فيه الكفاية لعلاج المشكلة.

تلاها التحول الثاني متمثلا في تخفيف السياسة النقدية من جانب بريطانيا، والبنك المركزي الأوروبي، والصين، والدنمارك، في وقت يتباطأ فيه الاقتصاد العالمي.

أضف إلى ذلك حجم المديونية لدى أكبر الاقتصادات المتقدمة، لتظهر لك صورة سوق واقتصاد عالقين منذ سنوات في تحركات تتجه يُمنة تارة وتارة يسار، ولا شيء سوى ذلك.

وعجز السياسيين الواضح عن معالجة المشكلات الأساسية في اقتصاداتهم المثقلة بالديون لا يترك لهم سوى خيار الترقيع متى برزت المتاعب.

واستطاع البنك المركزى منع انخفاض كبير ''لكن'' فكرة تباطؤ النمو الاقتصادي تحتاج إلى كثير من المال. وبما أن هذا يعمل في المقام الأول عن طريق زيادة أسعار الأصول، فهو يحد من هبوط الأوراق المالية.

والمسألة التى لها الأهمية نفسها هى الحد الأقصي المفروض على المكاسب المحتملة. إذا كان الاقتصاد ينمو بسرعة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، ستقوم البنوك المركزية بسحب الأوكتان النقدي، أو حتى ستبدأ بالتشديد. وكانت الآثار المترتبة على مثل هذا العمل واضحة جداً في عام 2010، عندما وصلت الجولة الأولى من التسهيل الكمي من مجلس الاحتياطي الفيدرالى في الولايات المتحدة إلى نهايتها وهبطت الأسهم. وهبوط الأسهم الحاد في كل مرة يناقش فيها المصرفيون المركزيون إنهاء تدابيرهم الخاصة يظهر مدى اعتماد المستثمرين على الوقود النقدي.

أمر آخر يحد من فرص ارتفاع الأسهم هو احتمال أن تفرض الحكومات ضرائب إضافية في حال بدا أن الاقتصاد يتحسن. ومع اقتراب الديون مستوى يعادل 100 في المائة من ناتج الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، ستكون الحكومتان تحت ضغطٍ هائل لخفض العجز الهيكلى في الميزانية إذا عاد الاقتصاد إلى شيء قريب من النمو المطرد.

وبحسب ستيفن إينهورن، نائب رئيس صندوق أوميجا أدفايسرز في نيويورك: ''السلطات النقدية العالمية وفرت الحماية لجانب الهبوط''. وتابع: ''الهاوية المالية الأمريكية (التشديد المالي التلقائي في العام المقبل) ومنطقة اليورو يحُدّان من جانب الصعود''. وأردف: ''سيركلا العلبة على الطريق''.

والاستثمار في هذه البيئة يعني تجنب الأصول التى تعتمد على النمو، وبدلا من ذلك يبدو الاستثمار في الدخل مغريا.

والمشكلة، كما هو الحال دائماً في الاستثمار، هي سعر الدخول. ويعتقد إينهورن أن سندات الشركات ذات التصنيف الاستثماري ''سامة'' لأن عائداتها منخفضة جدا، على الرغم من أنه يرى فرصاً في السندات الرديئة ذات العائدات المرتفعة. ومتوسط العائد على السندات الأمريكية ذات التصنيفBAA في نهاية الجزء السفلي من الدرجة الاستثمارية، كان في أدنى مستوياته منذ 1965، وذلك بفضل العائدات المنخفضة على الأصول الآمنة، مثل سندات الخزانة الأمريكية، أو السندات البريطانية المضمونة، أو السندات الألمانية.

وهناك آخرون لا يوافقون على ذلك. فالسندات المصنفة BAA تحقق عائدا يزيد 3.5 نقطة مئوية على سندات الخزانة. صحيح أنها كانت أعلى من ذلك بكثير، حين كانت هذه الفروق ضعف مستواها الحالي عام 2008، وأكثر من ذلك في فترة الكساد العظيم. لكن وفقا لهذا المقياس لا تزال سندات الشركات أرخص كثيرا من متوسط القرن الماضي الذي يزيد على نقطتين، وليس هناك ما يُضاهي الوضع في منتصف الستينيات عندما كانت تلكفتها هي الأعلى على الإطلاق قياسا إلى سندات الخزانة.

إن القلق الأكبر لدى المستثمرين في سندات الشركات هو إذا ما كانوا سيحصلون على أموالهم. لكن وجودها ضمن محفظة متنوعة يجعلهم يراهنون على انه لن تكون هناك نتائج وخيمة على الدخل الاقتصادى. وقال مدير أحد صناديق التحوط في لندن: ''الإئتمان يرتبط بالمخاطر المتكررة، وهذا هو بالضبط ما أبطلته الحكومة''.

الأسهم ذات الأرباح المرتفعة خيار آخر، لكنها تبدو مرتفعة التكلفة مقارنة بأسهم أخرى. ومعدل السعر/الربح بالنسبة لخُمس الأسهم الأمريكية الأعلى عائدا يقترب من معدل أسهم النمو الصرفة، التي تعد الخُمس الأقل عائدا. وبعيداً عن كون العائد مقياسا للقيمة، كما كان دائماً في الماضى، فإن الأسهم ذات الأرباح العالية تُعتبر مُكلفة الآن بناء على مقاييس من بينها معدل السعر/الربح ومعدل السعر/القيمة الدفترية.

وتماماً كما في سندات الشركات، السبب هو تعطش المستثمرين للحصول على العائد. وأدى ذلك إلى تفوق كبير للأسهم ذات العائد المرتفع خلال الأزمة الأخيرة.

لكن أنصار دافعي العائد الثابت – وهي عادة الأسهم الدفاعية المستقرة – هم من ينظر إلى قيمتها بشكلٍ آخر. وقال بول أوكونور، رئيس توزيع الأصول في ذراع إدارة الاستثمار التابعة لشركة ميرسير: ''لقد تأرجحت على مدار السنوات الثلاث الماضية، ولهذا لم تكن هناك حالة من النشوة الواضحة''. وأضاف: ''قياسا إلى السندات تبدو رخيصة. إنها تبدو مكلفة قياسا إلى أسهم النمو فقط''.

ومن الخطر دوماً السير مع القطيع. لكن برهانهم على أن لا شيء يمضي على نحو صحيح في السنوات القليلة المقبلة يكون المستثمرون قد هوَّنوا فقط من ارتفاع الأسواق في حال وجدت الحكومات، بطريقة أو بأخرى، سبيلا لإطلاق عجلة الاقتصاد.

والرهان على أن الأمور قد تسير على ما يرام، لبضع سنوات على الأقل، يعتمد على أن البنوك المركزية لن تسمح للاقتصاد بالانزلاق إلى الانكماش. وعلى المدى المتوسط يبدو ذلك رهانا مقبولا، على الأقل في الولايات المتحدة. وعلى المدى البعيد ربما يجد حتى أفضل المصرفيين المركزيين أنفسهم غير قادرين على إيقاف انزلاق الاقتصادات المُثقلة بالديون إلى الهاوية – لكن المستثمرين الذين يرغبون في حماية أنفسهم ضد هذا مع السندات الحكومية الآمنة سيحصلون على عائدات أقل من معدلات التضخم.