شدد وزير العمل الاسبق د. شربل نحاس في حديث خاص لـ"الإقتصاد"على ضرورة ان يستفيد ​لبنان​ من هذا الحدث الخارجي المتمثل بتراجع اسعار النفط ويحول لمصلحة المنتجين والمستهلكين المحليين لافتا الى انه اذا لم يحصل ذلك أو حصل بنسبة جزئية يكون المكسب الاقتصادي الذي من المفترض ان نحققه كبلد مستورد قد  ذهب الى ريوع احتكارية..وأعرب د.نحاس بخلاف كثيرين انه لا يرى  في تراجع حجم تحويلات المغتربين اللبنانيين العاملين في دول الخليج أمرا سيئا بل على العكس  لأنه  ان حصل برأيه سيكون بشكل مخفض ومؤجل ينظر اليه بأيجابية  خصوصا اذا تواكب مع وفور لمصلحة الانتاج المحلي لأن هذه التحويلات تأتي لتغذي بغالبيتها تشوهات اقتصادية خصوصا انه برأيه ان بلدا يتخصص في تهجير ابنائه ليرسلوا له المال لا يعد نموذجا جيدا مقبولا مشيرا الى ان تراجعها قد يصحح تدريجيا الاختلال البنيوي لنموذجنا الاجتماعي الاقتصادي.

وأيد د. نحاس مطلب ​الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين​  الذين طالبوا ، تحت شعار من أجل تخفيض الأسعار للمواد الغذائية كافة وإيجارات السكن والنقل والأقساط المدرسية 

حيث أقر الاتحاد الوطني في التاسع من كانون الثاني الجاري  القيام بـ"حملة واسعة من أجل تخفيض الأسعار بما يوازي تراجع أسعار المحروقات والمشتقات النفطية والتي تجاوزت نسبة الـ 35  - والتي لا بد أن تنعكس على كل المواد، بدءاً من إعادة وزن ربطة الخبز إلى ما كانت عليه أي 1500 غرام، إلى تخفيض المواد الغذائية الأساسية من ألبان وأجبان وزيوت ...، إلى تخفيض فاتورة إشتراك المولدات الكهربائية، إلى أجرة النقل وإعادتها إلى ما كانت عليه سابقاً، إلى الأقساط المدرسية والتي استوفيت مرات عدة من الأهالي.

وقال د.نحاس ان هذا مطلب محق ولا خلاف عليه فنحن بلد مستورد لكل وسائل الطاقة وبالتالي فان الإنخفاض بنسبة 50 % بسعر النفط مشتقاته مفترض أن نستفيد منه كبلد وهذه الإستفادة الأساسية تكون من خلال خفض كلف الإنتاج والمعيشة سواء كانت المشتقات النفطية مدخلات بسيطة فيه  أم نهائية .

وفي حال لم تحصل هذه الإستفادة أو حصلت بنسبة جزئية، فإنا نكون قد منعنا من تحقيق هذا الوفر الإقتصادي، ويتم تحويل هذا الوفر من مصلحة المنتجين والمستهلكين اللبنانيين إلى ريوع إحتكارية.

وتابعنا الحوار معه على النحو الاتي:

*ما هو مدى الإستفادة من تراجع سعر اليورو  الذي تزامن ايضا مع تراجع النفط  في الـ2014؟

نحن لا نستورد  كثيراً باليورو، حتى ان هناك الكثير مما نستورده من بلاد اليورو مسعر بالدولار. .

في الواقع  أن استيرادنا تحول بنيوياً مثل كل العالم ، فالصادرات الصناعية التي كانت تأتي من أوروبا  إلى بلادنا قد تضاءلت كثيراً وتحول قسم كبير منه إلى الدول الآسيوية.

وبالرغم من هذا التحول إلا أنها لا تزال تؤثر لكن ليس بحجم الفاتورة النفطية فالأكثر تأثراً بهذا العامل هي الأدوية التي نستوردها باليورو بغالبيتها.

*لكن مقابل وفر تراجع أسعار المشتقات النفطية  هناك تخوف من تراجع  تحويلات اللبنانيين المقيمين في دول الخليج ما رأيك هل تنظر الى الموضوع بهذه الطريقة؟

برأيي يمكن للتحويلات أن تقل، لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه التحويلات ليست بالشئ الإيجابي، فالبلد الذي يتخصص بتهجير أبنائه ليرسلوا له المال ليس نموذجاً  جيدا مقبولاً.وبدورها هذه التحويلات بغالبيتها العظمى تغذي تشوهات إقتصادية من خلال رفع اسعار الاراضي وزيادة حجم القطاع المصرفي حيث تكمن ضرورة لمتابعتها .

إذنً ارى  إن التراجع في هذه التحويلات هو أمر إيجابي خصوصاً إذا تواكب مع وفور لمصلحة الإستهلاك والإنتاج المحلي بسبب تراجع سعر النفط، فيتحول هذا الى عامل ايجابي يفيد في  عملية تصحيح تدريجي للإختلال البنيوي لنموذجنا الإجتماعي الإقتصادي، أما المشكلة فتكمن إذا استغلوا لتغذية ريوع إحتكارية.

*هل توافق على أن سنة 2014 هي الأسوأ بتاريخ لبنان الحديث وهل ترى بأن هذا المنحى التراجعي لمعظم المؤشرات سوف يستمر في الـ2015؟

يجب ان نكون واقعيين لنبدأ بأن لا يوجد سياسة إقتصادية في لبنان، وأي بلد في العالم  يكون محيطه الأوسع بحالة إنهيار وحروب أهلية، إضافة إلى أن حدوده البرية شبه مقفلة  فمن الطبيعي أن يتأثر بشكل سلبي انه امر بديهي.

نحن نريد أن نقارن وضعنا هذه السنة مع الأخذ بعين الإعتبار هذا الحدث الهائل،فلا يمكن لأحد أن يقول على أيامه كان البلد أفضل وكأن هذا المتغير لم يحصل. فالمنطقة التي نعيش فيها ليست بوضعها الطبيعي " إنها منطقة "خربانة ومنكوبة"

وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تراجعات بالجملة،لكن كان من الممكن   أن يكون الوضع أسوأ مما هو عليه اليوم.

*هل توقع ان يكون النمو 2 % 1%  سنة 2015؟

لا يمكننا أن " نبصر" في هذا الموضوع، يتعين على الدولة ان تقوم بعملها  ان تقوم بتعداد المقيمين، ومن من بينهم يعمل وبالتالي فإن هذه التوقعات والتبصيرات تعد إهانة للعقل وللمقاربة العلمية.

*لكن  صندوق النقد يضع توقعات للنمو في للـ2015؟

صندوق النقد لديه موظفين مجبرين بتعبئة صفحات excel ومن المفترض أننا لدينا دولة إفتراضية هي المعنية بهذا الأمر، فلتقم بعملها البسيط  كما قلت من تعداد للمؤسسات والمقيمين والمغتربين  لمعرفة من يعمل ومن هو عاطل عن العمل كذلك من يهاجر. بغياب هذه المسائل البديهية كل هذه الحسابات تصبح من باب التنجيم والتيصير.

*ما هو مدى خطورة عدم وجود موازنة وقطع حساب؟

نحن لا نمتلك لا موازنة ولا تعداد للمقيمين ولا قطع حسابات، ونحن نعيش بالصدفة.

*بالنسبة للنازحين السوريين، هل تؤيد   التدابير الجديدة المتخذة خصوصا ان البعض ينتقدها هل ترى انها تأخرت؟ 

في الورقة التي عممها الأمن العام هناك 5 حالات مثل الصحة والتعليم وغيرها واضحة ، لكن هناك أمران غريبين غير متصلة بالحالات الخمس الأولى، فهناك بند سادس قد أضيف و ينص على أن المواطن السوري الذي يحصل على تعهد بالمسؤولية من قبل مواطن لبناني  يستطيع الدخول وكأننا من خلال هذه المسألة ننظم نظام الكفالة.

فعلى سبيل المثال يقوم مواطن لبناني بإعطاء ورقة تعهد مسؤولية لشخص أو لـ10 سوريين أو لـ100 لإدخالهم إلى لبنان.

وبالطبع هو يدخلهم ليس من منطلق الحس الإنساني ولا الإلتزام القومي وإنما لتشغيلهم والإستفادة منهم وبالتالي هذا الفعل هو تنظيم نوع من العمولة على حساب استغلال هؤلاء السوريين وعلى حساب الفقراء اللبنانيين الذين يحلون مكانهم

وهنا بين قوسين انا استغرب التغييب الكامل لدور وزارة العمل.

*هل تعتقد أن هذا الإجراء أتى متأخراً؟

بالطبع هذا الإجراء قد أتى متاخراً، فليس من الطبيعي أن يدخل في سنة الـ2012 مليون ونصف سوري إلى بلد3 ملايين ونصف، فهذا الأمر هو غير طبيعي بالمطلق وبالطبع إن هذا النزوح قد أثر لناحية مزاحمة اليد العاملة اللبنانية.

اريد ان اعطي هذا المثل بين قوسين سمعنا عبر وسائل الاعلام  منذ حوالى اسبوع  في ايطاليا  عن مجموعة " زعران" ابتزوا مواطنين سوريين وعدوهم بتأمين سفرهم  وسلبوا كل شخص 4 أو 5 آلاف دولار، ثم وضعوهم في سفينة معدة  لنقل المواشي وتركوهم في عرض البحر. فذهبت البحرية الإطالية وأنزلت 400 أو 500 شخص إلى البر الإيطالي.

فأقدم الطليان على مناقشة كل الإتحد الأوروبي لمعرفة من يريد استقبال هؤلاء الأشخاص، فهل من المنطق أن يدخل إلى لبنان مليون ونصف شخص.فهذا الأمر بمعزل عن السياسة، هو أمر غير قابل للنقاش.