ما المتوقع من مصفاة نفط عندما تفقد إمداداتها من النفط الخام الإيراني؟ ربما يكون أفضل بديل على المدى المتوسط هو التعاقد مع السعودية. لكن في حالة العجلة، يستحسن ضخ براميل قليلة من النفط من منطقة الأورال، المصدر الرئيس لصادرات النفط الروسي.

إن التدافع على نفط الأورال– المنخفض الجودة، المليء بالكبريت الذي يُنتج في روسيا الوسطى– يظهر التأثير المادي في سوق النفط، الناتج عن العقوبات الأوروبية والأمريكية على إيران. ويساعد على الإيضاح، أيضاً، الانتعاش الأخير في أسعار النفط التي عادت إلى نحو 100 دولار للبرميل، على الرغم من ضعف النمو الاقتصادي العالمي.

ومنذ دخول العقوبات على إيران حيز التنفيذ في الأول من تموز (يوليو)، اندفعت مصافي النفط التي انتظرت حتى آخر لحظة قبل أن تقطع جميع روابطها مع إيران، ومن بينها إيني في إيطاليا وتوبراس في تركيا، إلى سوق الأورال، ما أحدث قفزة في السعر.

وقال يوهانز بينيجني، من شركة جي بي سي الاستشارية العاملة في مجال الطاقة: "في حين أن بعض براميل النفط الإيرانية المفقودة سيتم تعويضها بالتأكيد بالنفط العراقي والسعودي، يجب أن يبقى الأورال الملاذ لمصافي النفط الإقليمية".

ويقول تجار النفط والمديرون التنفيذيون لمصافي النفط إن خام الأورال مشابه إلى حد كبير لنوعية الخام الإيراني، إلى جانب أنه متوافر إلى حد كبير في السوق الفورية، ما يجعله بديلاً مثالياً.

وبحسب أحد التنفيذيين شركة لتجارة النفط مقرها في أوروبا: "على الناس أن يستبدلوا آخر برميل من النفط الإيراني"، مضيفا: "الأورال هو الإجابة إلى حد كبير".

مع ذلك، بعض مصافي النفط الأوروبية – بما فيها ريبسول وسيبسا في إسبانيا– قامت أيضاً بشراء براميل نفط عراقية إضافية كبديل عن الخام الإيراني.

وقدرت وكالة الطاقة الدولية، أداة البلدان الغربية لمراقبة النفط، أن مصافي النفط الأوروبية اشترت نحو 450 ألف برميل يومياً من خام البصرة العراقي في أيار (مايو) الماضي، مرتفعة عن متوسط بلغ 100 ألف برميل يومياً في العام.

ويعد الحظر الأوروبي السبب الأكبر وراء هبوط الصادرات الإيرانية. ولم يعد في إمكان البلدان الأوروبية استيراد النفط الإيراني اعتبارا من أول تموز (يوليو) الجاري، الأمر الذي أرغم المشترين، مثل إيني الإيطالية وهيلينيك اليونانية على إيقاف مشترياتها من طهران.

كذلك أجبر حظر مفروض من قبل الاتحاد الأوروبي على تأمين ناقلات النفط التي تنقل الخام الإيراني، بلدانا أخرى من بينها تركيا على تقليص واردتها بدرجة كبيرة.

وتشير تقديرات تجار ومستشارين يراقبون إنتاج خام النفط الإيراني إلى أن صادرات إيران من النفط تراجعت فعلياً إلى نحو 1.3 مليون برميل يومياً، نزولاً من 2.1 مليون برميل يومياً في المتوسط العام الماضي. وستصل إلى 1.1 مليون برميل يومياً بنهاية الشهر الجاري.

ويلاحظ محللون أن فاقد الإمدادات يقترب من المستويات التي شوهدت العام الماضي خلال الحرب الأهلية في ليبيا. ووفقا لجيمس زهانج، محلل النفط في بنك ستاندارد في لندن: "عندما تكتمل العقوبات على إيران سيتم تقديرها تماماً من قبل السوق".

ويحاكي الاندفاع نحو الأورال تحركا مماثلا في وقت سابق هذا العام. فحينما كانت العقوبات الأوروبية والأمريكية ضد إيران قيد البحث خلال كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير)، اندفعت مصاف مثل توتال في فرنسا وريبسول في إسبانيا، لشراء خام الأورال، بعدما قطعت صلتها بإيران قبل شهور من تطبيق العقوبات.

ويباع الخام الروسي حاليا بعلاوة كبيرة تبلغ 52 سنتا فوق سعر خام برنت، بعدما كان معروضا بحسم يصل إلى 1.6 دولار للبرميل في منتصف حزيران (يونيو) الماضي.

وقال حسين علاء الدين، رئيس قسم بحوث السلع في مورجان ستانلي في نيويورك، إن الفرق في سعر برنت - الأورال متفاوت "وعلى الأرجح يعكس شح الخام الإيراني في السوق". في الحقيقة، فإن علاوة الأورال فوق برنت تقترب من المستوى القياسي الذي بلغ 65 سنتا في شباط (فبراير) الماضي. وهذه هي المرة الثانية فقط خلال العقد الماضي التي يتم فيها تداول الأورال بعلاوة فوق قيمة برنت. الأولى كانت خلال الفترة من كانون الأول (ديسمبر) إلى شباط (فبراير)، عندما الحديث يدور عن عقوبات ضد إيران.

وبدورها أدت القفزة في أسعار الأورال إلى رفع أسعار خامات أخرى من بينها برنت. ولم تكن إيران فقط عامل الدعم الوحيد لبرنت. فهناك إضراب في النرويج، واضطراب حدث أخيرا في صادرات النفط الليبي، إضافة إلى طلب موسمي مرتفع ساعدت جميعها على دعم خام النفط القياسي.

ووصل سعر خام برنت للتسليم الفوري إلى 99.38 دولاراً للبرميل أمس الأول، مرتفعا من أدنى مستوياته في 18 شهرا، حين هبط إلى 88.49 دولار للبرميل في الشهر الماضي. وصل برنت إلى أعلى مستوياته في عامين عندما سجل 128.40 دولار للبرميل في آذار (مارس) الماضي، مدعوماً بالمخاوف المحيطة بالصادرات الإيرانية.