ان الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد حر يعتمد على المبادرة الفردية وانفتاح على العالم الخارجي مع تحرك مناسب للرساميل والعمالة... هذا ما نفاه  الخبير الإقتصادي الدكتور إيلي يشوعي بحديث خاص مع النشرة الإقتصادية بقوله بأن لا يوجد منذ 20 عاماً الى اللحظة نموذج إقتصادي أعتمد في لبنان  فالنموذج الإقتصادي هو إقتصاد "مسخ" بحسب يشوعي، إقتصاد أزمة ويتم إدارته بشكل سيء وشدد على تغيير نمط إدارة الموارد المالية، كما دعا الدولة الى دعوة القطاع الخاص ، من أجل المشاركة والمساهمة بتكبير الإقتصاد ووضع حد لتفاقم الدين العام.

إقتصاد لبنان هو إقتصاد "مسخ" بعدة رؤوس

قال الخبير الإقتصادي د. إيلي يشوعي بأن الوضع الإقتصادي في لبنان هو إقتصاد أزمة ويتم إدارته بشكل سيء جداً، و الذي يديره لا يعرف شيئاً عن الإقتصاد. الوضع في لبنان بحاجة لأناس على كفاءة عالية وخبرة مشهود لها، لكي يستطيعوا فعلاً بناء للبنان إقتصاد أزمة، أي ما معناه برغم المحيط المتفجر أن يكون للبنان إقتصاد يتحرك في ظل الأزمات. لا يمكننا في لبنان ومنذ 20 عاماً الى اللحظة ان نحدد نموذج إقتصادي او موديل إقتصادي أعتمد، ولا نستطيع القول ان للبنان نموذج إقتصادي يريد ان يعزز الإنتاج ويزيد من الصادرات، او نموذج ليبرالي أو إقتصاد سوق لأن البنك المركزي ألغى سوقين رئيسيين، هما النقد والقطع، ولا نستطيع القول ان كان لبنان يتمتع بإقتصاد كلاسيكي أي لا يمكن للحكومة ان تتدخل فيه، كمحصلة لا يمكنني القول بأن لبنان يتمتع بتوجه إقتصادي معين، لكن يمكنني القول بان إقتصاد لبنان هو إقتصاد "مسخ" بعدة رؤوس،  يكون إقتصاد سوق بمكان معين، وإقتصاد مركزي بمكان آخر،  أو إقتصاد متوحش".

"أما على الصعيد الرسمي، إذا نريد ان نتكلم بنموذج على الصعيد الرسمي الإقتصادي، فهو نموذج المحاصصة ونموذج الفساد المالي. لأن اليوم الحكومات في لبنان لا تتشكل على أساس الكفاءة، بل على أساس المحاصصة. نظام المحاصصة يحيي 1% من اللبنانيين ويميت 99%، انه النموذج الذي يسمى "Elitist Growth Model"

اي -النخبوية- الذين يزدادون ثراء ونفوذ على حساب نقصان كل شيء بالنسبة للـ99% من اللبنانيين. و لا يمكننا ان نستمر بتلك السلوكية".

وقال "ما هو النموذج الإقتصادي في لبنان ؟؟!! في الماضي كان لبنان يعتمد نموذج "Laissez-faire" أي إقتصاد عدم التدخل، بمعنى انه كان يوجد لدينا سياسية إقتصادية ذات معالم، بغض النظر عن النتائج. ولكن اليوم ما هو النموذج؟ كيف يمكنني ان اتكلم عن إقتصاد سوق والبنك المركزي معطل سوق النقد وسوق القطع؟؟!!،  هناك مخالفات دستورية وقانونية اينما وجدت..الحل يكون بإيجاد نموذجين لهذا البلد واحد إقتصادي والآخر سياسي، والتعويل على القطاع الخاص قد لا يوصل الى نتيجة بسبب الأزمة المستفحلة التي لا تشجع على الإستثمار، مع العلم بأنني لا أبشر وأطالب بخصخصة كاملة، وكنت من أشد المدافعين عن الدولة ودورها في القيام بالخدمات مثل الكهرباء والماء وسكك الحديد والنقل المشترك ومصافي النفط والبترول...المطلوب من الرئيس الجديد، توقيع عقود شراكة تمويل وإستثمار مع القطاع الخاص ومن الأفضل ان يكون لبنانياً، لإنتاج الكهرباء وتوزيعها وجبايتها، لبناء سدود المياه وتوزيعها..بناء سكك حديد حديثة،  وتخضع كل تلك المشاريع لحساب وسياسة الدولة التي تضع سياسة التسعير، تقوم الشركة بإسترداد الإستثمار الأساسي كل عام مع الإيرادات، تأخذ جزء من الإيرادات وتأخذ جزء آخر كأتعاب والباقي يحول الى خزينة الدولة".      

وأضاف "يوجد لدينا مورد مالي وفير، ولكن علينا تغيير نمط إدارته ويجب وضعه بتصرف الشركات التي ستقوم بإلتزام مشاريع  الكهرباء والماء وإقامة السدود وسكك الحديد والنقل المشترك، عندها يصبح لدينا موازنة متوازنة، ونضع حد للدين العام ونزيد من نسبة النمو الإقتصادي، كما نعمد الى خلق فرص للعمل ونحافظ على الكفاءات الشابة".

وأشار الى أن "هناك تدبير آخر لحسن إدارة الأزمة يتمثل بتطبيق اللامركزية الإدارية والمالية في لبنان بمعنى تحل مجالس الأقضية محل إتحاد البلديات وتنتخب مع مجلس النواب لمدة أربع سنوات وبوجود حكومات تنموية داخل قضاء ، تجبي الضرائب، تحتفظ بنصفها وتحول النصف الآخر الى الخزينة اللبنانية لتمويل مشتركات الجيش وقوى أمن وإدارة الى ما هنالك..".

شخص خدم لمدة 15 عاماً لا يسمى مياوم على الإطلاق

وعن ملف المياومين أوضح يشوعي" بأن ما يسمى بالمياومين لديهم حق مكتسب، لا يعتبروا مياومين على الإطلاق وهم في الخدمة  لمدة 15 عاماً، وحتى لو وجد بند قانوني، انا اعتقد بأن هذا البند غير سليم، شخص خدم لمدة 15 عاماً لا يسمى مياوم على الإطلاق، جميعنا نعلم بأن المياوم يعمل لمدة شهر او شهران او حتى عام..ولكن ليس لمدة 10 أو 15 عاماً..للمياومين حق يجب أن يحصلوا عليه". 

وأوضح د. إيلي يشوعي "بأن الـ 5 مليارات فائدة على الدين العام لا تُقلق على الإطلاق؟؟ ولكن ال700 أو 800 مليون تؤدي بالدولة الى الإفلاس؟؟!!

وعن مخاطر ان يشهد لبنان تخفيضات إئتمانية أشار يشوعي "بأن لا يوجد مانع للتخفيض الإئتماني، لأننا ندور في حلقة مفرغة بسبب العجز والدين والدين العام وتقليص حجم الإقتصاد، وموازنات نظرية وليست فعلية، ولكن لا يوجد تأثير نظراً لعدم وجود إستثمارات خارجية".

وفي سياق منفصل أوضح يشوعي على ان المساعدات الخارجية تغطي 30 الى 40% من حاجات النزوح السوري الى لبنان، ولكن النزوح ادى الى إهتراء للبنى التحتية، مثلاً إنتاج الباخرتين التركيتين يذهب جميعه للنازحين السوريين، وندفع الإيجارات ولا نستفيد من كيلو واط واحد"..

وطالب يشوعي الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص وإنشاء عقود تمويل وإستثمار والإحتفاظ بالملكية، من أجل رسم سياسات تستطيع كل الشركات الخاصة الإلتزام بها. مشدداً على ضرورة دعوة القطاع الخاص بواسطة عقود إستثمار وتمويل وإدارة بالمعايير والمقاييس الأسعار الدولية، من أجل المشاركة بعملية تحسين أداء ونوعية الخدمات العامة، والمساهمة مع الدولة في وقف العجز وتكبير حجم الإقتصاد ووضع حد لتفاقم الدين العام.