لقد تركت الأحداث الأمنية على لبنان عدة تداعيات طفيفة، منها ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية والتي بقيت ضمن المجال المحدد لها من قبل "مصرف لبنان"، فالأسبوع المنصرم كان الطلب على الدولار 1510 ل.ل وقد وصل سعر الصرف الى 1514 ل.ل هذا الإسبوع، ولم يكن هناك من ضغوطات على العملات، ولم نرى تحويلات من الليرة اللبنانية الى الدولار لأنه وعند حصول هزات أمنية يقوم الكثير من المودعين بتحويل عملاتهم، وهذا الذي لم يحصل بكثافة. هذا ما قاله رئيس قسم الأبحاث في بنك بيبلوس الخبير الإقتصادي نسيب غبريل في حديث خاص للنشرة الإقتصادية والذي شدد على أن الثقة ما زالت موجودة بالقطاع المصرفي للبنان وأكد على أنه لا يوجد خوف وهلع في الأسواق اللبنانية نتيجة لما يحصل من أحداث على الحدود اللبنانية/السورية.

وأضاف غبريل إن مؤشر ال "CDS-Credit default swap"، أو الهامش على عمليات مبادلة التعثر الإئتماني لمدة 5 سنوات في لبنان–وهو نوع من الـتأمين الذي يحصل علية المستثمرين عند شراء سندات خزينة  قد اتسع من 337.5 نقطة اساس في 29 تموز، الى 351.8 نقطة اساس الى تاريخ السادس من آب.

ورداً على سؤال عن كيفية تقييم مؤشر ثقة المستهلك في لبنان قال غبريل: في ما يخص ثقة المستهلك لقد تأثرت الأشهر الستة الأولى من العام الحالي إيجابياً بتشكيل الحكومة وتطبيق الخطة الأمنية في طرابلس ومناطق أخرى من لبنان، وارتفع المؤشر بين  شهري أذار ونيسان ولكنه عاد وتراجع مع تعذر انتخاب رئيسً للجمهورية ضمن المهلة الدستورية المحددة، ومع الخروقات الامنية المسجّلة في البقاع وبيروت عند نهاية شهر حزيران. وهذا يبرهن بأن ثقة المستهلك تتأثر بشكلٍ مباشر ان كان من ناحية التطورات الإيجابية –يتأثر المؤشر ايجابياً- يرتفع المؤشر فترتفع ثقة المستهلك، وان كان من ناحية التطورات السلبية..

الثقة بالقطاع المصرفي موجودة وبالتحديد بإدارات المصارف لذلك نرى الكثافة بالوداع الموضوعة من قبل المودعين -حوالي 140 مليار دولار- والأهم بعدم وجود تحويلات كبيرة من الليرة الى الدولار، لذا لا يوجد خوف وهلع في السوق.

وعن إستمرارية تمويل المصارف للعجز قال غبريل ان تمويل عجز الموازنة بالدولة هو بمثابة تحدٍ بالنسبة للمصارف لأن لبنان منذ العام 2006 من دون موازنة . أولاً- لا يوجد أية مصرف يعمل بدون وجود للموازنة و ثانياً- الدولة اللبنانية هي بمثابة "زبون كبير" بالنسبة للمصارف.

وأوضح قائلاً هناك شروط للقطاع المصرفي للإستمرار بتمويل العجز المتزايد والمستفحل – مليار و 400 مليون دولار في 2011- ومن المتوقع ان يصبح 5 مليارات و 100 مليون دولار عجز في 2014 هذا قبل احتساب سلسلة الرتب والرواتب، اضافة الى إرتفاع العجز بالناتج المحلي من 6% في 2011 الى توقع نسبة 11% في العام 2014، وهو من اعلى النسب بالعالم، مما ادى الى ارتفاع بمجموع الدين العام وبنسبة الدين العام للناتج المحلي والذي من المتوقع ان يصل الى 145% من الناتج المحلي وهو ثالث أعلى نسبة في العالم. لا يمكن الطلب من المصارف الإستمرار بالتمويل من دون مسائلة، ومن دون طلب الإصلاحات بالمقابل، لتخفيف حاجات الدولة للإستدانة منها سد "مزاريب" الهدر، والتقليل من عبء القطاع العام على الخاص، ولتطبيق الإصلاحات التي من شأنها رفع مستوى تنافسية الإقتصاد ولإتخاد قرارات تساعد على تحفيز النمو ومكافحة التهرب من الضرائب الى تحسين الجباية "الضرائب أو الرسوم"، ووقف التوظيف بالقطاع العام والحد مما يسمى "الموظفين الأشباح"، فالمصارف تطلب أشياء بديهية للإستمرار بتمويل العجز، وهي ليست مجبرة على التمويل. والمطلوب إرادة سياسية جامعة لتطبيق الإصلاحات من ناحية النفقات والواردات.

ومن ضمن توقعاته للوضع الإقتصادي بشكلٍ عام والمصرفي بشكل خاص في النصف الثاني من العام الحالي قال غبريل بأنه "لن يحدث هناك تغيير بالنسبة للحركة الإقتصادية ودينامية الإقتصاد، وسيبقى النمو منخفضاً الى مستويات منخفضة جداً خصوصاً بسبب تعذر انتخاب رئيس للجمهورية والأوضاع الامنية، ورأينا بأن الحركة السياحية لهذا الصيف كانت متواضعة الى حدٍ ما، والتنبؤ بأن معدلات النمو سوف تصل الى 3% في العام 2014 لم تعد واقعية اطلاقاً ولم تكن واقعية ولا أعتقد باننا يمكن ان نتخطى نسبة 1%". وبالنسبة لباقي دينامكية الدين العام ووضع الموازنة والمالية العامة فسوف تبقى على ما هوعليه أي مستقرة. والدولة لن تستطيع تخفيض العجز بالنسبة للموازنة في غضون ال5 أشهر المتبقية من هذا العام واذا أقرت سلسلة الرتب والرواتب سوف تزيد نسبة العجز، وبالنسبة للقطاع المصرفي لا يوجد أي خطر على الليرة مع الحفاظ على مستوى سيولة مرتفع ولكن مع زيادة بالتحديات، لاننا على مستوى نمو منخفض مع ارتفاع كبير بنسبة العجز".

واشار وبحسب صندوق النقد الدولي ان تنافسية الإقتصاد اللبناني تتراجع فالإقتصاد بحاجة للإصلاح من أجل زيادة التنافسية ورفع مستواها. و تراكم اهمال عدم تطبيق اصلاحات 2002 ادى الى شح فرص التسليف للقطاع المصرفي بالقطاع الخاص، ولا نرى استثمارات أجنبية مباشرة التي تراجعت بنسبة 91% من 2009 الى 2013.

وختم غبريل قائلاً بأن المخرج الوحيد لمستويات نمو بنسبة 4%، هو ارادة سياسية لتطبيق اصلاحات وتخفيض حاجات الدولة على الإستدانة وتخفيض الكلفة التشغيلية على القطاع الخاص ولتحسين المناخ الإستثماري وتطوير بيئة الأعمال.