رافائيل دبانة صاحب مؤسسات دباني في لبنان، سوريا، العراق، السعودية، الجزائر والخليج. هو عضو لجنة التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية بالإضافة إلى شركات الإتصالات والتعاقد والنشاطات الإجتماعية والخيرية المختلفة منها "متحف صيدا". رافائيل دبانة هو نموذج ع ن رجال الأعمال الناجحين من دون شهادة جامعية، شهادته كانت خبرة الحياة الأمر الذي يشكل دليلاً على أن أبرز عوامل النجاح هو الإصرار.

يقول دبانة ابن العائلة الصيداوية الشهيرة وصاحبة المشاريع "كنت أجلس في الصف نفسه مع أولاد البستانيون الذين كانوا يعملون لدينا، وكان والدي يقول لي يجب أن تنسيهم أنك ابن الدبانة كما يجب أن تعمل ليتذكروا أنك ابن الدباني وأنك "شاطر" مثلهم".

ويضيف "كان لدي الحظ أن عشت في صيدا كما كان لدي الحظ أني لم أبقى في صيدا فأبي تعلم في المدرسة اليسوعية بنظام داخلي واعتبر أن الزوادة الذي حصل عليها من حق ابنه أن يحصل على مثلها فدخلت في عمر الـ11 سنة إلى المدرسة اليسوعية. كانت الإنطلاقة صعبة جداً. كنت أبكي كثيراً في المكان الذي كان التلامذة يلتقون فيه بأهلهم مرة في الأسبوع. أعتبر أن اليسوعية علمتني الإنفتاح وطريقة التفكير والتحليل المنطقي الذي لا زلت أمارسه في حياتي حتى الآن. ورثت منهم الجدية، فهناك لم يكن لدي امتياز "ابن الدبانة" الذي يسكن القصر في صيدا بل كنت أعامل كباقي التلاميذ، الأمر الذي جعل مني ما أنا عليه اليوم، وأنا اعتبر أن كل الناس مثل بعضهم وأن الصفات التي تجعلك تفتخر بنفسك هي صفاتك الشخصية وليست شيئاً ورثته عن العائلة".

ويشير رافائيل ضمن سلسلة "Success Story" التي تقيمها "الجمعية اللبنانية لإدارة الأعمال" إلى أن "ايجابية أخرى قدمتها لي اليسوعية في بيروت هي اتساع أفقي، فأنا لو بقيت في صيدا، ان شئت أم أبيت، كنت سأبقى في صيدا. إلا أنه بانتقالي الى اليسوعية في بيروت أصبح لدي أصدقاء من المدينة ومازالت علاقتي بهم مستمرة حتى اليوم".

لم يكمل دبانة دراسته الجامعية مع العلم أنه كانت لديه الرغبة، إلا أن دباني هو الكبير لسبعة أولاد "وعندما أنهيت مرحلة المدرسة كان أخوتي الستة لا زالوا في المدرسة، وكان أبي قد بدأ يشعر بالتعب وكان بحاجة إلى من يساعده وإلى من يسانده معنوياً فأقنعي بأن لا أكمل تعليمي وأن أبدأ بالعمل معه، فعدت إلى صيدا وبدأت أعمل مع والدي وبدأت بتعلم العمل من الصفر في الزراعة إلى أن شعرت أنه بالنهاية في الزراعة هناك حدود لا يمكن تخطيها أي أن دنم الليمون ينتج 3 أطنان من الليمون واذا كانت النتيجة مذهلة سينتج 4 أو 5 أطنان لذا فلا تطور في هذا المجال، فقررت الإنتقال إلى التجارة وساعدني الأصدقاء وأسست أول محل تجاري لي في صيدا واستطعت الحصول على وكالات العديد من الماركات".

ويقول "بدأت أشعر أنني أحببت عمل النوفوتيه وفي الوقت نفسه أكملت في عمل الزراعة حيث قررت التوسع في عمل رش المبيدات الذي كان أبي يعمل به بشكل محدود، فتطورنا وافتتحنا فرعنا في صور، ثم استطاع اخوالي اقناع والدي بضرورة انتقالي إلى بيروت، حيث أعطوني مساحة معينة من طابق كانوا قد اشتروه في سنتر بيضون في الصيفي، وبدأت بالتوسع في لبنان كما استطعت الحصول على وكالات أكثر فأكثر، وللمحافظة على نجاحي كنت أذهب كل سنة إلى المؤتمرات الزراعية وكنت أتابع وأصر على معرفة كل ما هو جديد بالرغم من صغر سني حينها ومن لغتي الإنكليزية الضعيفة. تعبت لفترة طويلة، كان وقتي مقسم بين عملي في صيدا وعملي في بيروت، فأنا هنا كنت أدير عملين الزراعي ورش المبيدات والتجارة في النوفوتيه".

وعن النجاح ومتى شعر به يؤكد دبانة "لم أشعر بالنجاح إلا عندما بدأت الشركات تسعى هي لتعطيني وكالاتها وليس العكس، وذلك لسمعتي الجيدة التي كنت دائماً حريص عليها. فأنا كنت ولا زلت أقتنع بأن الرأسمال الحقيقي لأي منا هو الناس، أولهم الأخوة ثم الذين نعمل معهم، لذا كنت حريصاً على اختيار من يعمل معي من مهندسين وكنت حريصاً أيضاً على أن تكون مرتباتهم عالية وأعلى مما قد تكون في الشركات الأخرى، وهذا كان سر من أسراري، الأمر الذي جعل روح الإنتماء للشركة لديهم قوية فكانوا يقدمون للعمل كل ما يستطيعون وبحب. وفي الأحداث عام 1975، فكرنا بأننا يجب ان نقترب أكثر وأكثر من المزارعين الذين كان يصعب تنقلهم، فافتتحنا فروعاً في كل المناطق وعمل موظفونا كل في الفرع الموجود في منطقته حتى استطعنا توفير أفضل خدمة للمزارعين حتى في الحرب"، ما يبرهن أن هوايته هي التسويق، كما يقول.

أما عن رد الجميل للمجتمع وعن متحف صيدا، يقول دبانة "لدينا منزل في صيدا قديم جداً عثماني عمره 300 سنة ولطالما قال لنا والدي لا تفرطوا في هذا المنزل. وفي الأحداث أخذه المهجرون وعائلتنا أصبحت موزعة بين كندا والولايات المتحدة كما معظم العائلات اللبنانية. عندما استحوذنا عليه من جديد أسسنا مؤسسة وتنازل جميع أفراد العائلة عن حصتهم في هذا المنزل للمؤسسة في عام 1999، وأخذت أجمع المال بنفسي من جميع أفراد العائلة لتأسيس متحف صيدا الذي أسسناه من هذا المنزل ومنذ فترة جمعت آخر دفعة من المبلغ للإنتهاء من أعمال تصميمه وهو الآن مفتوح للزيارة".