بالأمس قالت رويترز بالاستناد الى استطلاع ان ازمتي ​العراق​ وأوكرانيا ترفعان توقعات أسعار النفط وقبل أسبوع كشف تقرير أن الأوضاع في العراق ستؤثر في أسواق النفط العالمية وقد توقع الاستطلاع الشهري لرويترز أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 108 دولار للبرميل في العام الحالي و أن يسجل متوسط سعر الخام الأميركي الخفيف 100.40 دولار للبرميل في 2014  فيما  أظهر أظهر التقرير "الشركة الكويتية الصينية الإستثمارية" الإقتصادي ان الأوضاع المتوترة في العراق ستؤثر على أسواق النفط العالمية لاسيما ان إنتاج النفط تضرر فعلياً هناك في وقت خرجت  مناطق عراقية عديدة عن السيطرة وذهب التقرير إلى انه برغم تعطل جزء كبير من الإنتاج على المدى القصير إلا أن معاناة أسواق النفط مستمرة ويحتمل أن تظل أسعار النفط مرتفعة للفترة المتبقية من العام الحالي وهي نتيجة من شأنها أن تزيد إيرادات الدول المصدرة للنفط.

 فما مدى صحة هذه المخاوف والى اية مستويات يمكن ان تصل اسعار النفط سيما اذا استمرت  المعارك في العراق  لفترة طويلة؟ النشرة الاقتصادية حملت هذه الأسئلة الى الخبير النفطي ربيع ياغي وسألته بالمناسبة عن مدى تأثر اسعار المشتقات النفطية في لبنان بهذه الارتفاعات المذكورة  المتوقعة اذا صحت ام انه مجرد ارتفاع طبيعي تفرضه زيادة الاستهلاك في فصل الصيف واستوضحنا  ايضا  عن تأثر سعر  المازوت المستخدم في توليد الكهرباء وعن عجز ميزانية كهرباء لبنان وهل من افكار لتقليص هذا العجز؟

- سألنا اولا ان تقرير للشركة الكويتية الصينية الاستثمارية يقول أن الأوضاع في العراق ستؤثر على أسواق النفط العالمية، وسعر النفط سيظل مرتفعا خلال الفترة المقبلة من العام الحالي، حيث أثبت الانتاج العالمي ضعفه في الأشهر الأخيرة. هل يوافق على هذا الأمر؟

فأجاب ارى انه يجب اولا ان نوضح ان العراق ومنذ الغزو الأميركي الأول في العام 1991 تقريبا لم يعد له فعالية في الأسواق العالمية، حتى ضمن أوبك لم تعد العراق ملزمة بكوتا معينة، مثلا عندما نقول أن أوبك لديها كوتا بـ30 أو 31 مليون برميل انتاج يوميا، فان انتاج العراق لا يحتسب ضمن هذه الكوتا المحددة لدول أوبك لأن انتاجه يعيش فترات صعود وهبوط حسب الأوضاع الأمنية والسياسية .بمعنى اخر  لم يعد العراق عضوا ناشطا في العملية الانتاجية ضمن منظومة أوبك.

من هذا المنطلق أن أرى أن كون العراق تقريبا من المفترض أن يكون انتاجه حوالي 4 ملايين برميل يوميا وهذه خطة طموحة كانوا يحاولون العمل عليها، انما الانتاج متقطع في الاونة الاخيرة ولا يتجاوز المليوني برميل في اليوم.

وأكد ياغي انه صحيح أن هناك تأثير نفسي على الأسواق، أي أن الأحداث عندما تتخذ الطابع العنفي في مناطق انتاجية للنفط مثل العراق، هناك دائما عملية المضاربة في أسواق النفط الآجلة التي تتأثر بهذا الأمر ويحاولون استغلال الفرصة لدفع الأسعار الى مستويات قياسية بغرض الربح وجني الأرباح.

وذهب الى لنقل اذا توقف انتاج العراق المليون أو المليونين في أقصى الحالات فهذه  ليست نهاية العالم. لأن اليوم الاعتماد ليس فقط على النفط بل هناك مصادر بديلة أخرى، أي أن الطلب على الغاز الطبيعي كصديق للبيئة يزداد، وهو  أرخص من النفط،. والولايات المتحدة تتحول نحو الاكتفاء الذاتي بالغاز الطبيعي، والصين كذلك تعمل على مد خط أنابيب من روسيا الى الصين بغرض استيراد الغاز الطبيعي.

اذن من هنا يتبين -لفت ياغي-الى   ان المستقبل ليس للنفط 100% مثلما كان في السابق، بل مستقبل الطاقة سيتكون من عناصر عدة من بينها النفط، ولكنه ليس الأهم، لأن الغاز الطبيعي يأخذ دورا كبيرا، كونه أنظف وبالتالي صديق للبيئة، وأرخص من حيث السعر، والطاقة الحرارية التي تعطيها الوحدة الموازية لبرميل النفط هي بحدود 30 أو 35% زيادة عن النفط.

إذن من هنا أقول فأن العراق بانتاجيته المحدودة لا أعتقد فعليا أن له تأثير على الأسواق، حتى وان توقف انتاجه أو ارتفع.

واستدرك ياغي يقول صحيح أن النفط العراقي هو ذات نوعية جيدة ومحافظ عليه وتحديدا في كركوك ولكن كلنا نعرف أنه منذ سنوات ولغاية هذه اللحظة، العراق يواجه مشاكل كبيرة في الانتاج وحتى في تصريف البضاعة، فهو مضطر الى اعطاء الحسومات ان كان كردستان العراق أو الحكومة المركزية في بغداد، يعطون حسومات على النفط الخام كي يجدوا مشترين.

- وردا على السؤال بغض النظر عن أوضاع العراق، كيف هو اتجاه الأسعار في لبنان؟

أوضح الخبير النفطي للنشرة الاقتصادية  انه في لبنان مثلما كنا نردد دائما، نحن بلد مستورد ومستهلك بالمطلق، ليس لدينا انتاج محلي للطاقة النفطية،  فان أي ارتفاع في الأسعار العالمية ينعكس عندنا على جدول الأسعار الذي تصدر وزارة الطاقة بشكل دوري أسبوعي.

كان برميل النفط الخام الأميركي تقريبا عند 100 دولار أو 98 دولار قبل 5 أو 6 أسابيع، اليوم 106 دولار أو 105 دولار. نفط برنت كذلك كان بحدود 102 أو 103 دولار، الذي أصبح مرجعا للمشتقات النفطية في الشرق الأوسط، اليوم تقريبا 113 دولار.

هذه الزيادة التي تشكل بين 8 و10% التي حصلت على أسعار النفط الخام، انعكست بشكل فوري على المشتقات النفطية فارتفعت أسعارها وتحديدا خلال فترة الصيف، حينما يكون  الطلب كبيرا جدا على وقود الطائرات ومادة البنزين للسيارات. هذا بالطبع يتأثر به المواطن اللبناني، فسعر التجزئة لدينا متحرك ضمن السعر العالمي، مثلا صفيحة البنزين 95 أوكتان كانت بـ34 ألف ل.ل. لكنها اليوم بلغت أكثر من 35 ألف ل.ل. هذه الزيادة أصبح المواطن معتادا عليها وبامكانه امتصاصها، وبالتالي لا تشكل الفارق الكبير.

- وحول اذا ما كانت الاسعار ستبقى على ما هي عليه حتى نهاية العام؟

قال ياغي عمليا البنزين يزيد الطلب عليه في الصيف فيشهد دائما ارتفاعا في الأسعار، لذلك ما نراه ينعكس مباشرة على أسعار البنزين.

اما أسعار الديزل والمازوت فتشهد نوعا من الاستقرار أو حتى بعض التراجع أحيانا، وتنعكس أيضا على سعر المازوت الأخضر أو الأحمر الذي يستورده لبنان. انما لا يوجد حالة هلع من ارتفاع الأسعار، فحتى ان توقف انتاج العراق كليا، لا يوجد تأثير قوي على الأسواق العالمية. فنحن في النهاية نتكلم عن مليون أو 1.5 مليون برميل للتصدير فقط، والعراق هو اليوم بلد مستورد لمعظم المشتقات النفطية رغم وجود عدد من المصافي فيه.

لذلك عندما يتراجع تصدير العراق، سينخفض أيضا استيراده نظرا الى الأوضاع الأمنية، فبالتالي التوازن قائم عراقيا، وينعكس على الأسواق العالمية.

لتكن أسعار الكهرباء متحركة على أساس شهري أو ربع سنوي

- بالنسبة الى محروقات الكهرباء، هل ستتأثر؟

الكهرباء تستورد مادة الـ"gas oil" من دولة الى دولة، من الجزائر والكويت، وتم توقيع العقد من دولة الى دولة منذ حوالي 7 سنوات لتأمين ديمومة الامداد، ولا يكون هناك نوعا من الانقطاع الا  لأسباب ظرفية أو آنية أو جيوسياسية.

هذه الاستمرارية بعملية الامداد من الكويت أو من الجزائر تؤمن لنا حاجاتنا، وبالطبع ضمن الأسعار العالمية ولكن الـ"gas oil" لم يتحرك كثيرا، ولا يزال تقريبا سعره ثابت بحدود الألف دولار للطن.

- يرتفع العجز في ميزانية الكهرباء ، وزارة المالية أعطت ميزانية مثل العام 2013، بينما المؤسسة خططت لميزانية أكبر..

اشار ياغي الى ان العجز في الكهرباء الذي تقديره ملياري دولار سنويا هي نتيجة أن الكهرباء تسعيرتها في الفاتورة التي تصل الى المواطن، الكيلوواط مسعر على أساس أن سعر الـ"gas oil" بين 200 و220 دولار للطن، منذ أوائل العام 2000 وأواخر القرن الماضي، بينما اليوم أصبح الطن 5 أضعاف أكثر "حوالي 1000 دولار" ولا تزال التسعيرة نفسها، فنتيجة هذا الفرق توسع العجز في الكهرباء. ويجب ان تكون وزارة المال اطلاع بهذا الأمر.

- هل هناك فكرة للحل؟

هناك فروقات بين 220 و1000 دولار، ويوجد مليارين دولار في السنة تشكل العجز في الكهرباء. والحل أنه مثلما سعر البنزين هو سعر متحرك ويعكس السعر العالمي بشكل أسبوعي، لتكن أسعار الـ"gas oil" التي تستلمها "الكهرباء" وتنتج منها أن تدخل في تركيبة السعر أو فاتورة الكهرباء للمواطن وبالتالي لا يعود هناك عجز.

يجب أن تكون أسعار الكهرباء متحركة على أساس شهري أو ربع سنوي انما لا يمكن القول أن الكهرباء واقعة في عجز مليارين دولار سنويا وهي فعليا نتيجة السعر الثابت لكيلوواط الكهرباء المعتمد منذ 15 سنة أو أكثر.

يجب أن يكون سعر الـ "gas oil" مثل السعر العالمي وبالتالي لترتفع أسعار الكهرباء انما يقف بدوره العجز. مثلما ترتفع أسعار البنزين أو تهبط حسب السوق العالمي، فليكون الـ"gas oil" الذي يأتي للكهرباء ضمن تركيبة السعر في الفاتورة التي تصدرها وزارة الطاقة. فليكن سعرا متحركا يعكس فعلا السعر الذي تدفعه الكهرباء لاستيراد الـ"gas oil".

وبالتالي عندما نطبق هذا الأمر سنخرج من العجز، وتمحى من الموازنة كلمة عجز الكهرباء الذي يبلغ 2 مليار دولار فرق محروقات.

- هناك اقتراح في مؤسسة كهرباء لبنان ودراسة لرفع التعرفة بهدق تخفيض العجز..

لا يجب رفع السعر، بل متابعة فقط السعر العالمي. من الممكن أن يكون السعر اليوم 20 سنتا للكيلوواط في الأسعار العالمية بينما المواطن اللبناني يدفع بحدود الـ10 سنت.

يجب اعادة النظر في التسعيرة والتعرفة كي تعكس الأسعار العالمية، مثلما هو الوضع مع البنزين على محطات التوزيع.

- النازحون السوريون يزيدون من استهلاك الكهرباء..

النازح السوري يزيد استهلاك الكهرباء لكنه لا يدفع ثمنها. لا يوجد عداد بل كل شخص يعلق كهرباء في المخيم الذي يتواجد فيه أو في البيت. هناك هدر في كهرباء لبنان بحدود 15 و20% وهذا انتاج غير مدفوع ثمنه.