يعاني المبتكرون والمخترعون منذ عشرات السنوات الماضية من أجل إيجاد وسائل جديدة لتطوير وتحسين أزرار الإضاءة المتواضعة في المنزل، فبالمقارنة مع التقنيات الذكية الكثيرة اليوم، يبقى زر الانارة هو الآمن والسهل جداً والفوري. لا يستخدم بطارية فتنفد، ولا يتطلب إعادة تثبيت لبرنامج ما، كما لا يحتاج أصلاً إلى تحديث لنظام تشغيل خاص.

ومن اجل ما سبق، اذا ما ارتبط الأمر بتطوير أجهزة المنزل وجعلها ذكية عبر إضافة تطبيقات وتقنيات حديثة كالـ "بلوتوث"، أو وصلات الـ "واي فاي"، عندها قد تصبح مقاييس التحسينات عالية، بينما تبقى فرصة القيام بهذا الأمر دون إضافة تعقيدات منخفضة جداً.

وقد أطلقت شركة "أبل" في خضم هذه التعقيدات وعداً بتحقيق الوضوح والبساطة وسهولة الاستخدام، حتى وإن لم يكتشف الكثير من الناس لهذه اللحظة لماذا يعتبر المنزل المتصل بشبكة الإنترنت أمراً مفيداً في الواقع.

خلال السنوات الماضية، لم يكن بإمكان أي كان تحمل عملية تثبيت أنظمة التشغيل الآلي في المنزل حيث كانت تقريباً متوفرة فقط للأثرياء، إذ أنها تتطلب أعمالاً هيكلية كبيرة، وهذا يكلف بضعة آلاف من الدولارات، فقط للتحكم بالأضواء، أو الستيريو، أو التدفئة.

أما اليوم فقد تتيح ذلك الشركات الكبيرة والصغيرة من خلال بدائل أرخص، طبعاً مع وجود أجهزة هواتف ذكية متوفرة في كل مكان، اذافة الى انخفاض كلفة مكونات الرقائق اللاسلكية والإلكترونيات وغيرها.

وما تزال الشركات التقنية الكبيرة، مثل "فيليبس" التي تنتج مصابيح "هيو"  الكهربائية المتدرجة اللون، وشركة "بيلكين" التي تنتج مجموعة من مفاتيح وإكسسوارات "وي مو"، تواصل بيع المنتجات مقابل 50 دولاراً إلى 200 دولار للقطعة الواحدة، وهي منتجات تسمح بشكل مسبق بعملية التحكم في بعض الأجزاء من المنزل عن طريق الهاتف الذكي.

وقد جمعت العديد من الشركات الناشئة في عام 2013 الماضي عدة ملايين من الدولارات، بما في ذلك "دروب كام" و"كناري" وهما من الشركات المصنعة لكاميرات الأمن اللاسلكية. وفي نهاية 2013 حسبت شركة "سي بي إنسايتس" لأبحاث الاستثمار أن مساهمي رأس المال المغامر وضعوا ما مجموعه 468 مليون دولار في شركات المنازل الذكية الناشئة منذ عام 2012 الماضي. ومع كل ما سبق يبقى دخول شركات التقنية الكبيرة عالمياً ومنها "سامسونغ" و"أبل" و"غوغل" هو الأمر الذي له السبق في أن ينجح عملية شحن هذه السوق.

في شهر كانون الثاني الماضي من العام 2013 الحالي كشف الرئيس التنفيذي المشارك في "سامسونغ" بي كي يون عن "نظرة خاطفة على منزل المستقبل" في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس، ووعد بتلقي العملاء قريباً مكالمات هاتفية من الثلاجات!

ومن جهة ثانية فإن استحواذ شركة "غوغل" على "نيست" لمنظمات الحرارة الذكية أيضاً ، بصفقة بلغ سعرها  3.2 مليار دولار أميركي، كان يشير الى أنه تأييد لمفهوم المنزل الذكي المتصل بالإنترنت، إلا أن "غوغل" لم تحدد بعد رؤيتها الأوسع للسوق.

وفي هذه السوق الجديدة، ستكون شركة "أبل" هي السباقة هذا الأسبوع، حيث ستكشف عن خطط جديدة تتعلق بالمنزل الذكي، وذلك خلال مؤتمر المطورين حول العالم الذي تعقده الشركة في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة.

يشير محلل التكنولوجيا في "جاكدو" جان دوسون الى ان سوق المنازل الذكية تعتبر تقنية حديثة العهد جداً، تكون اليوم سوقاً للهواة ". ويقول: "ما نزال غير سائدة على الإطلاق، وتعتبر مجزأة للغاية، لكن بإمكان شركة "أبل" تحفيز سوقها". كما يلاحظ دوسون أن الهواتف الذكية ومشغلات الموسيقى الرقمية كانت موجودة قبل "آي بود" و"آي فون"، إلا أن دخول شركة "أبل" بمنتجاتها المصممة بأسلوب ملفت جلبت لهذه الأجهزة جاذبية شاملة على نطاق واسع جداً.

وتشكل منصة برمجيات المنزل الذكي نقلة نوعية بالنسبة لشركة "أبل" حيث أن نظامها يعتمد على أجهزة تقوم بصنعها شركات أخرى، ما يتناقض مع اسلوبها المتبع، والمتمثل في "التكامل الرأسي".

إلا أنها بسبب ذلك، اكتسبت خبرة كبيرة من سوق التطبيقات التابعة لـ "آي فون" و"كير بلاي" الذي قامت بتنزيله مؤخراً، وهو عبارة عن نظام يعمل على ربط الأجهزة العاملة بنظام تشغيل "iOS" من شركة "أبل" مع لوحة معلومات القيادة في السيارة. وستقدم "أبل" شعاراً يؤكد توافق هذه الأجهزة مع نظامها، كما فعلت سابقاً مع ملحقات أجهزة "آي بود" و"آي فون" مثل سماعات الرأس.

ويضيف دوسون: "سبب رغبة الناس بالعمل مع شركة "أبل"هو أنها تمثل كل شيء له علاقة بالجودة  في المقام الأول كما أنها تفرض عقوبات رسمية على من يتجاوز ذلك، وهذه سياسة متجذرة عميقاً لديها".

كما يعتبر مدير مختبر وسائل الإعلام في "معهد ماساتشيوستس للتكنولوجيا" جوي إيتو ان معظم الشركات التي تعمل في مجال تقنيات المنزل الذكي، تتعامل مع عنصر صغير واحد فقط، بدلاً من التفكير في نظم بأكملها". ويقول: "من السابق لأوانه التفكير في ذلك، المنزل يعتبر أمراً في غاية التعقيد. والسؤال هو، كم عدد الأشخاص الذين يريدون حقاً اختراق منزلهم؟".

وقد عمدت شركة "سمارت ثنغز" الأسبوع الماضي الى تقديم مساعيها لحل هذه المشكلة مع ما يسميه الرئيس التنفيذي للشركة أليكس هوكينسون "أول متجر تطبيقات للمنزل الذكي"، اضافة الى برنامج لإصدار الشهادات لأكثر من 100 جهاز. ويضيف هوكينسون: "حصلنا على هذا التعليق بكل وقت وهو أن "محور سمارت ثنغز" يجعل المنزل واعياً تقريباً. من الصعب رؤية شركات التكنولوجيا العالمية لا تريد أن تحصل على حصة كبيرة جداً في هذا المجال".

ويوضح الشريك المؤسس لـ "برودكت كلوب" توم كوتس ان هناك مجموعة كاملة من الأجهزة الذكية التي يمكن "أبل" أن تقدمها، ومن شأنها تحسين الاستجابة والبساطة بالسيطرة على الأشياء دون المساس بشركات الأجهزة الفردية. مضيفاً: "لكن بعض الشركات قد تشعر بعدم الارتياح إذا حاولت "أبل" وضع وحدة التحكم المركزية الخاصة بها مكان تطبيقاتهم". وهذا يضع الشركات الناشئة بموقف صعب جداً، ففي حال لم تسجل بمخططات نظام "أبل"، فإنها قد تغفل عن أكبر فرصة مبيعات للمنازل الذكية حتى الساعة، لكن إذا انضمت إليها، فإن "أبل" قد تملك عملاءها وتنزلهم إلى مراتب أدنى ليصبحوا الشركات المصنعة لأجهزة السلع الأساسية.

وقد واجه مشغلو شبكات الهاتف الجوال في السابق وضعاً مماثلاً، بعد أن أطلقت شركة "أبل" هواتف "آي فون" مع شروط صارمة أدت إلى تقليص دور مزودي الخدمة والتأكيد على دورها.