ماذا يعني ان يصبح لكل لبناني رقم وطني؟ ولماذا تستعجل اللجان النيابية البت بمشروع قانون رقم تعريف موحد لكل المواطنين ليتم اعتماده أمام الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وصولاً للجهات المقرضة، دون غيره من مشاريع القوانين العالقة ذات الشأن المباشر بحاجات المواطن اللبناني والمعيشية والاقتصادية؟

سؤال طرحته على الكثير من المواطنين والقانونيين بعد أن أقرت لجنة "تكنولوجيا المعلومات" النيابية أمس مشروع القانون المذكور، بحضور محمد فنيش وزير التنمية الإدارية، والذي تبين انه لم يحظ بالكثير من التأجيل والنقاشات على غرار الكثير من مشاريع القوانين الحيوية الأخرى التي تهم المواطن، فقد تم طرحه لأول مرة في جلسة 23 آذار الماضي وتم تأجيله للأمس.

وأبدى قانونيون ومصرفيون استغرابهم لإقرار مشروع قانون مماثل، دون أن يكونوا على علم مسبق بأنه يتم تدارسه، ليس لاعتراضهم على مضمونه ام لحيثياته أوموجباته ، فهم اصلاً لا يعلمون به، وهذا ما طرح تساؤلات أخرى، سيما أن الرقم الوطني رغم أنه معتمد عبر بطاقة هوية ممغنطة في الكثير من دول العالم ،إلا أن الغاية منه تتفاوت بين دولة وأخرى بحسب نوعية الداتا والمعلومات التي يراد تخزينها ضمن هذا الرقم رسمياً.

الأوساط القانونية والمصرفية

ونفى الوزير السابق القانوني الدكتور عصام النعمان ل"النشرة" علمه بمشروع قانون مماثل، ولم يتمكن من إبداء رأيه بهكذا مشروع قبل أن يحصل على موجباته وحيثياته ، حيث اتصل بالجهات المعنية وتم اعلامه بأنه سوف يحصل على نسخة من مشروع القانون، وعليه سوف يقوم بإبداء رأيه والتعليق عليه.

بدوره بيار كنعان المدير التنفيذي رئيس الدائرة القانونية بمصرف لبنان أكد ان لا علم له بمشروع قانون مماثل، متوقعاً أن يكون الهدف من ورائه تحسين الجباية الضرائبية، وذلك على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة، مستبعداً أن يتعارض مع قانون السرية المصرفيه، إذا تعلق الأمر بمعلومات حسابية او مصرفية تضاف الى البيانات المطلوبة لبطاقة الرقم الموحد.

أما المحامي أدمون شماس فقد أوضح أنه رغم عدم علمه بهذا المشروع ، إلا أنه أكد إذا تناولت البيانات المطلوبة الحسابات الشخصية او بيانات الاقراض للمواطنين كما هووارد بالخبر المذكور، فإن المعلومات المطلوبة اذا تعارضت مع السرية المصرفية لا يمكن لهذه البطاقة أصلاً ان تعتمد، فقانون السرية المصرفية لا يمكن أن يخرق بأي شكل إلا في حالات قصوى بناء على أمر صادر من القضاء المختص بحالات محددة تفرضها المحاكمات لمرتكبي جرائم مالية.

وقال قانونيون آخرون، أنه يستحيل صدور قانون مماثل إذا لم يتم التنسيق مع كل من الوزارات المعنية فيه مثل وزارات: المالية – الداخلية والبلديات – التربية والتعليم العالي – الاقتصاد، وغيرها من المديريات المعنية، فضلاً عن مديرية الأمن العام .

الدول المتقدمة والعربية

وتعتمد الدول المتقدمة بطاقات هذا الرقم وإن تفاوتت في ما بينها نسبة ونوعية المعلومات "الداتا" التي تتضمنها تلك البطاقات، فيما تعتمد كل من سوريا ومصر والأردن الرقم الوطني الموحد والذي يتضمن معلومات دقيقة  ومفصلة تخدم الأجهزة الاستخباراتية لديها. أما إيران فقد تكون الدولة الوحيدة في العالم المتقدمة في مجال البطاقة الوطنية الممغنطة، إذ أكدت مصادرأن البيانات التي تشملها هذه البطاقة تتعلق بتفاصيل قانونية وشخصية وحسابية وإدارية واقتصادية وأمنية دقيقة جداً بمواطنيها منذ ولادتهم.

وتستخدم الدول هذه الأرقام عبر إدراجها ضمن بياناتها الإدارية، وتقوم بربطها بنظام الانترنت الداخلي لديها ، بحيث يمكنها مكننة جميع البيانات و"الداتا" المتعلقة بمواطنيها ومقيميها، بغرض تسخيرها للاستخدام من قبل الدوائر المعنية، ولغايات تتعلق بالأمن والاقتصاد والنظام الضريبي ولتسهيل أمر الملاحقات القانونية خصوصاً أن عناوين السكن والاتصالات والضمان الاجتماعي هي من البيانات الإلزامية على المواطنين كما المقيمين، وفي حال التهرب من تزويد الجهات المختصة بها سواء البلديات او دوائر الهجرة او المراكز الأمنية ، فإن ذلك يعرض المتهربين او المهملين للملاحقة القانونية او التغريم.

الأوساط الاعلامية

واستغربت بدورها أوساط إعلامية متابعة  مشروع القانون الذي اقرّ، وذلك دونه دون أي مشروع قانون يتعلق بمصلحة المواطنين المباشرة، مثل إصدار البطاقة الطبية والاستشفائية اوحتى التأمين الجماعي، خصوصاً ان هذين الأمرين من القضايا الحيوية والأساسية الملحة للمواطنين، قبل أي قرار يتعلق ببطاقة تجعلهم مجرد أرقام لدى الدولة اللبنانية ودوائرها الرسمية ، معتبرة أن موجبات المشروع وان كان ظاهره حضاري ويأتي للحاق بما هو معتمد في الدول المتقدمة، إلا أنه قد يخفي خطورة وأبعاداً لا يجب الاستخفاف بها خصوصاً الطريقة والمدة القصيرة التي تم البت به.

وكانت لجنة "تكنولوجيا المعلومات" قد أقرت مشروع القانون في اجتماعها أمس برئاسة رئيس اللجنة سامر سعادة ، الى جانب حضورالوزيرفنيش، ومقرر اللجنة النائب وليد خوري والنائب محمد الحجار.

كما حضر ممثل وزارة المالية مدير الواردات لؤي الحاج شحادة، وحياة نادر، مستشار وزير التنمية الإدارية الدكتور علي عطايا، علي برو وتانيا زاروبي. وأقرّت اللجنة بعد المناقشة والدرس مشروع القانون الوارد بالمرسوم رقم 7844 تاريخ 23/3/2012 الرامي الى اعتماد رقم تعريف موحّد لكل مواطن ليتم اعتماده أمام الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات، وجهات الإقراض.