في ظل الانكماش المالي والركود الاقتصادي، والأزمات التي تضرب اقتصاد لبنان على صعد مختلفة، صار هاجس "التمويل" كابوساً يتمركز في مشاريع الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بينما تبقى القروض المصرفية التجارية أكثر مصادر التمويل انتشاراً في لبنان، وهي التي تلعب دوراً حاسماً في هذا الصعيد. ومن هنا تكمن أهمية اقتراح مشروع قانون بشأن الضمانات العينية على الأموال المنقولة.
 
خاصةً أن التمويل رفع ديون القطاع الخاص في لبنان الى الذروة، حيث بلغت قيمتها خلال العام 2013 الماضي 43 مليار دولار أميركي. وبهذا فإن توفير الضمانات الإضافية للاستدانة والاقتراض يزداد صعوبة وتعقيداً يوماً بعد يوم.
 
وفي السياق نفسه، عمد "تجمع رجال الأعمال اللبنانيين" للبحث عن بدائل جديدة ممكنة لدعم السيولة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة، والعمل على زيادة النمو. فخرج بعد أشهر من البحث والدرس باقتراح مشروع قانون الأسهم التفضيلية للشركات الخاصة، الذي يمنح هذه الشركات فرصة لاستخدام الموجودات المنقولة لديها "السلع والأسهم" كضمانات مصرفية للحصول على رأس المال بطريقة أسهل وأوسع وأكثر تنوعا، وايضاً للاستفادة منه للتمويل الاضافي.
 
وكان للنشرة الاقصادية حديثاً مع رئيس "تجمع رجال الأعمال اللبنانيين" ​فؤاد زمكحل​ الذي أشار الى أن الهدف الأساسي من مشروع القانون هو اعطاء سيولة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر محركاً رئيسياً للاقتصاد المحلي.
 
وأوضح زمكحل القانون المقترح قائلاً: "حين تعتزم الشركة الخاصة اخذ قرض من مصرف تجاري، يتوجب عليها أن تضع ضمانات لهذا المصرف -وبحسب القوانين والاتفاقات مع المصارف- فإن هذه الضمانات التي توضع يجب أن تكون أملاكاً ثابتة مثل "عقار، أرض، شقة". إلا أنه لم يتبق لدى معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة اليوم أصولاً لاستخدامها، فإما أن تكون قد استخدمت أصولها في اخذ قروض، أو أنها لم يكن لديها أصولاً ثابتة من الأساس، فاليوم تنشأ العديد من الشركات الصغيرة بدون أصول. وهنا يكمن السؤال، ما الذي يمكن أن تقوم به الشركات لتستدين من جديد؟".
 
"نحن في التجمع اقترحنا مشروع قانون، هو في الأصل معمولٌ به في العديد من البلدان حول العالم، يسمح بوضع الأصول المتغيرة "غير الثابتة" كالأسهم والسلع والديون التي تقرضها الشركة لزبائنها، رهناً في البنك، ومن ثم اخذ قرض وسيولة اكبر عن طريقهم. وهذا القانون يُعمل به في بلدان كبيرة وكثيرة منها المكسيك حيث أعطى نمواً بالمليارات".
 
وأضاف زمكحل: "إذن، لماذا نريد قانوناً لهذا العمل؟ ببساطة لأنه على الشركات أن تشرع، فالتشريعات التي في لبنان لم تتغير ولم تتطور منذ العام 1960، لذا يجب ايجاد قانون يحمي الشركة، ويحمي الأصول، وأيضاً يحمي المصرف". مضيفاً: "هذا القانون يعطي سيولة للشركات التي تعد المحركات الأساسية في اقتصادنا.. ولو نظرنا بشكل صحيح، فالشركات الصغيرة والمتوسطة تستفيد من القانون، وكذلك المصارف، التي تحصل على اعمال اضافية. أما الشركات الكبيرة -والتي لا تريد الانخراط في القانون- فلا ضرورة أساساً لأن يدخلوا فيه. طبعاً الشركات الكبيرة لديها عقارات كبيرة ومداخيل ضخمة، لكن ليست وحدها الموجودة في الساحة".
 
 
 
وفي سؤال حول ما اذا كان هناك اعتراضات على القانون المقترح، أجاب: "كل قانون له من يعارضه أو يعترض عليه، ولا مشكلة في أن يكون هناك معترضون على بنود ضمن القانون.. فهذه حالة طبيعية، أما أن يتم العمل من اجل ايقاف القانون! فهنا تكمن المشكلة"..
 
واضاف: "مثلاً بعض الشركات تعتبر أنه لا داع للدخول في القانون، متصورةً أن المصارف قد تأخذ من خلاله الأصول الثابتة وغير الثابتة ايضاً! لكن نوضح لهم أن هذا القانون مخصص للشركات الصغيرة والمتوسطة، وليس للشركات الكبيرة التي تتمتع بأصول ضخمة، والتي قد تعترض على بنود عدة فيه، ويمكن ارسال الملاحظات حول الاعتراضات ليتم اجراء التعديلات، ولهذا قمنا بارسال القانون الى الجميع، لكن المهم أن لا يعترض احد بهدف منع اقراره.
 
واشار زمكحل الى أنه "من غير الصواب أن نعادي المصارف، فالقطاع المصرفي يلعب اليوم دوراً مهماً جداً.. والمصارف هي من يقرض القطاع الخاص، ومع ذلك فالرهن أصلاً غير قابل للاستعمال، وهو عبارة عن ضمانة في حال الافلاس يتم استعماله فقط".
 
مضيفاً: "القضية ليست اذا كانت المصارف ستأخذ أو لا، نحن هنا نعطي أداةً مخصصة هدفها الشركات غير القادرة على توسعة أعمالها. واذا ما اردنا أن نأخذ الأمر من الناحية السلبية، فالمصارف تستطيع اتخاذ هذه الخطوة حتى من دون قانون، إذ أن بإمكانها وضع القروض على الرسوم غير الثابتة، حتى ولو لم يكن هناك قانون أصلاً، هذا في حال كان الهدف تخريبي. لكن المصارف تهدف الى اعطاء سيولة لمن فقد السيولة خاصةً في ظل هذا الركود الحالي".
 
وكشف زمكحل أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تكوّن نسبة 84% من السوق المحلي، معتبراً أنها أكثر من يدفع ثمن الركود الحاصل، ومع هذا فهي المحرك الأساسي حين يحصل الانماء في بلد بحجم لبنان، لذا فإن الأهمية الكبرى يجب أن تكون من نصيب هذه الشركات.