أشار رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر الى أن بعد 6 سنوات من اليوم سيشهد لبنان وقفة وبيلية هامة، بسبب مرور 100 عام على اعلان دولة لبنان الكبير، لذلك يجب العمل على تحقيق دولة حلم بها وأرادها الشعب اللبناني المناضل. وذلك خلال افتتاح المؤتمر السنوي بعنوان "لبنان اليوم...بين تداعيات المسار وامكانات النهوض"، الذي نظمته "جامعة الحكمة"، في قاعة المؤتمرات في فرن الشباك، اليوم الجمعة 4 نيسان 2014، والذي ستستمر فعالياتها حتى الساعة الرابعة من بعد الظهر، وسيتخلله جلسات مع عدد من خبراء في مختلف المجالات.

وأضاف المطران مطر أن لبنان أظهر قيم العيش المشترك ورسالة التعايش، على الرغم من أن البعض وصفه بالمصطنع، وكأنه معزول عن أمة أوسع. وأوضح أنه بامكان لبنان أن يلعب دورا أساسيا في انتقال منطقته كلها، وفي تحقيق السيادة والنمو والتطور الحقيقي، علما أنه يتخبط اليوم في أزمة مسار، تلقي بتداعياتها ونتائجها عليه.

وقال "هنا يجب السؤال: هل أن الدولة والنظام والدستور هي في مسار متقدم حاليا؟ أم أنها عرضة لأزمة تؤدي الى الضياع؟"، لافتا الى أنه من الضروري الأخذ بالاعتبار أن التجرية اللبنانية لا يجب أن تلغى وتستبدل وكأنها خالية من الايجابيات، فلا يجوز قتل المريض ثم احياءه من جديد.

وتابع "اكتشفنا أن ديمقراطيتنا مبنية على التوافق التام، وعلينا جميعا العمل على انشاء وطن واحد، ونرتبط بالتالي بمصير واحد". وشدد على أهمية الحوار، وضرورة استمراريته بغية تثبيت الكيان الوطني، فمن غير المقبول اليوم أن نشكك ببعضنا البعض، ونعمل على ازالة الصفة الوطنية من الناس.

كما رأى المطران مطر أن المستقبل مفتوح للتطور ومرتبط بجهود لا بد أن تبذل، معتبرا أن الجامعات تلعب دورا كبيرا في بث الفكر المعمق، ونشر جو من السلام نابع عن فكرة قبول الآخر، فالجامعة هي كفيلة بتأمين مساحة  للفكر والأبحاث الواعدة، وآملا أن تكون "الحكمة" حاضرة في هذه الحركة من أجل لبنان والمنطقة.

بدوره لفت رئيس "جامعة الحكمة" المونسنيور كميل مبارك، الى أن "دعوتنا الى هذا المؤتمر الذي يجمع بين أهل الفكر والرأي في الشؤون الوطنية، من شأنه أن يظهر التعاون بين القطاع الخاص وأهل القرار بغية الوصول الى خواتيم سليمة، اذ وصلنا اليوم الى مرحلة حيث نعاني من حدة الأزمات التي تشهدها المنطقة، ومن تداعياتها الخطيرة".

وأشار الى أن ثلاثية الدولة والوطن والشعب بحاجة الى معالجات ملحة من مختلف الاتجاهات، فامكانات النهوض ليست مستحيلة، لكنها تستلزم الوعي، اذ يجب أن يعي الناس ما يصيبهم، لذلك تجدر هنا الاستعانة بالقراءات النقدية والوصفية التي تؤسس لهذا الوعي المطلوب، بهدف فهم جوهر المعاناة وأسبابها.

وأوضح المونسنيور مبارك أن هذا المؤتمر اليوم سيعمل على استنباط الحلول، لكن بداية يجب الثورة على الذات قبل الثورة على السلطات، بهدف ايجاد العلاج الملائم للأزمات التي نعيشها.

من جهته أشار أمين عام "جامعة الحكمة" أنطوان سعد الى أن لبنان اليوم لا يشبه أيام لبنان الماضية، لأنه يعاني حاليا من جسد منهك أتعبته المعانات وعانى من الأزمات والتحولات التي تأتي من الخارج وتتفاعل في الداخل.

وقال "لبنان يسير على قارعة المجهول اذ يلامس حافة الفراغ، لذلك لا يجب أن تمتلئ الساحة بالمتفرجين وتخلو من المنقذين". وتساءل "هل قدرة اللبنانيين محدودة أم محددة من قبل القوى السياسية التي تنتج الظروف وتتحكم عن بعد بالتحركات؟".

واعتبر أن موضوع المؤتمر فرض نفسه ازاء الخطر الذي يواجه لبنان والذي يستوجب ادخال البلاد الى غرفة العناية المركزة. فنحن نسعى للوصول الى وطن سليم معافى، ينمو ويصل الى مكانته الأساسية. موضحا أن هدف المؤتمر اليوم ليس التفسير والتبرير، بل المطالعات النقدية التي تظهر آفاق الخلاص وتبقي على لبنان دارا ودورا، وتبعد عنه كأس كل ربيع آخر مزعوع.

وسيتخلل المؤتمر 4 جلسات، ستتمحور الأولى حول التداعيات السياسية والدستورية للبنان وسيترأسها رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني. أما الجلسة الثانية برئاسة الوزير السابق جورج قرم، فستعالج التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، وسيشارك فيها عميد كلية العلوم الادارية والمالية في "جامعة الحكمة" د. روك مهنا، والنائب ورئيس قسم العلوم السياسية في "الجامعة الأميركية في بيروت" د. فريد الخازن، ومنسق ماستر العلوم السياسية في "جامعة الحكمة" د. سليم الصايغ. والجلسة الثالثة بعنوان "طرق النهوض" سيرأسها رئيس الجامعة اللبنانية عدنان السيد حسن. وأخيرا الجلسة الرابعة التي سيتحدث خلالها رئيس "جامعة الحكمة" المونسنيور كميل مبارك، لعرض الخلاصات والتوصيات.