أشار رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ​جوزف طربيه​ أن الأزمة المالية العالمية دفعت الى مراجعة شاملة ودقيقة للإنظمة والتشريعات والقواعد المصرفية الدولية، وقد قامت الهيئات الرسمية والخاصة، المحلية والعالمية دون إستثناء، بإجراء دراسات وتحليلات شاملة لإكتشاف مكامن الضعف وإقتراح الإصلاحات المطلوبة لتعزيز صمود الأنظمة المالية والمصرفية وجعلها أكثر تأثراً بالأزمات.

جاء ذلك خلال إفتتاح أعمال المنتدى السنوي "ادارة المخاطر للعام 2014"، الذي يعقده اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع لجنة الرقابة على المصارف، في فندق فينيسيا، والذي سيختتم عند الثامنة من مساء اليوم ، بحفل عشاء على شرف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس مصرف لبنان، وبحضور نائب محافظ البنك المركزي المصري جمال نجم، رئيس لجنة الرقابة على المصارف في لبنان أسامة مكداشي، وحشد كبير ومميز من قيادات المصارف العربية والخبراء الماليين والمصرفيين العرب، وعدد من وسائل الإعلام.

وأضاف طربية أن الدراسات التي أجريت بعد الأزمة العالمية أظهرت مجموعة واسعة من نقاط الضعف التي كانت سببا لنشوء الأزمة، ومن ثم إنتشارها عبر جميع النظم المالية والمصرفية حول العالم. وأظهرت من ضمن ما أظهرته قيام المصارف بإستمارات عالية المخاطر لا تتناسب مع مستوى رأسمالها، كما أظهرت ضعفا كبيرا في إدارة السيولة في العديد من المصارف، وبينت ضعفا واضحا في إدارة المخاطر المصرفية.

ولفت طربيه الى أن لجنة بازل عمدت الى القيام بتعديلات واسعة وشاملة على قواعد العمل المصرفي الذي كان سائدا أنذاك، وهو ما كان يعرف بـ"بازل 2". ومن ثم أضافت قواعد وأسس جديدة شكلت ما أصبح يعرف اليوم بـ"بازل 3".

وأكد أنه في الأونة الأخيرة بدأت السلطات الرقابية حول العالم بوضع القواعد والشروط لما يمكن أن يمثل تخطيطا سليما لرأس المال، وكيف يمكن لعمليات التخطيط تلك أن تساعد إدارات المصارف بالقيام بأحكام مستنيرة حول مبلغ وتكوين رأس المال اللازم لدعم إستراتيجيات أعمال المصرف. وأشار طربيه أنه لا يمكن التحدث عن إدارة المخاطر دون أن نذكر المخاطر المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، لأن هذه الأمور تعرض المصارف لمخاطر جسيمة، كمخاطر السمعة والمخاطر التشغيلية وغيرها. وقد أبرزت التطورات الأخيرة ومن ضمنها الإجراءات التي اتخذتها الجهات التنظيمية، والتكاليف المباشرة وغير المباشرة التي تكبدتها بعض المصارف بسبب عدم قيامها بالعناية الواجبة في تطبيق سياسات وإجراءات وضوابط مناسبة لإدارة المخاطر.

وختم داعيا المصارف العربية والمصرفيين العرب الى متابعة المعايير والعمل على تطبيقها بشكل سريع ودقيق في مؤسساتنا المصرفية العربية لتحصينها بشكل أكبر من أية أزمات محتملة.

من جانبه أشار نائب محافظ البنك المركزي المصري جمال نجم في كلمته الإفتتاحية الى ان تعديلات بازل، أو الإصلاحات الرقابية التي قامت بها جاءت تبعا للدروس المستفادة من الأزمات والثغرات التي تكشفت خلال السنوات الأخيرة من العقد الماضي وتركزت في عدم كفاية وضع القاعدة الرأسمالية للبنوك سواء من الناحية الكمية أو النوعية، كما جاءت أيضا تبعا لإنخفاض نسب السيولة الفعلية وعدم قدرة المصارف سواء مجتمعة أو منفردة على ضخ الإحتياجات التمويلية اللازمة للقطاعات المختلفة مع ضمان مستوى مقبول وأمن من إحتياطات السيولة، مما وضع النظام المصرفي لبعض الدول في وضع حرج.

وأضاف نجم أن أهم التحديات التي تواجه الأجهزة الرقابية أو البنوك خاصة في المنطقة العربية، هو كيفية التوائم مع تعديلات بازل خلال الفترة الزمنية المطلوبة في ظل الأوضاع الداخلية التي تواجه بعض الدول وما يتبع ذلك من زيادة المخاطر بصفة عامة وكذلك إنخفاض الجدارة الإئتمانية سواء للبنوك أو للعملاء وتراجع معدلات النمو وزيادة البطالة والأعباء السيادية.

ولفت الى أن معادلة الإستقرار في أي دولة ترتكز على ثلاثة محاور، هي الإستقرار السياسي والأمني والإقتصادي، بحيث إذا تخلف أي محور من هذه المحاور لإهتزت تلك المعادلة ولأصبح من الصعب تحقيق النمو المطلوب.

وختم الى ان السوق المصرفي العربي رغم بعض الصعاب الحالية لا زال يمثل سوقا واعدا وكبيرا، ومن المتوقع زيادة حجم العمل والمنافسة في الفترة القادمة خاصة في ظل زيادة عدد العملاء والإتجاه نحو التمويل الصغير والمتوسط. ومن المفهوم أن زيادة حجم العمل والنشاط وزيادة عدد الفروع سيقابله زيادة حجم وتنوع المخاطر، مما يتطلب زيادة فعالية وكفاءة وحرفية الإدارة ووجود نظام متتطور للرقابة الداخلية يتفق مع نوعية وحجم المخاطر المتعلقة بعمليات ومنتجات البنك، ويتضمن إجراءات إستباقية لمواجهة المخاطر بحيث يشارك فيه جميع العاملين بالبنك ويتكامل مع مفاهيم الحوكمة.

ويستمر "المنتدى السنوي لادارة المخاطر للعام 2014" طيلة اليوم حيث العديد من المواضيع، وأهمها تطور القطاع المصرفي اللبناني، التواجد في الخارج، والمعايير الدولية.