تشير العديد من التقارير التي صدرت مؤخراً الى أن معظم الشركات الصغيرة، ورغم صعوبة الحصول على قروض من البنوك إلا أنها تجد الحصول عليها أكثر سهولةً ويسراً من أشكال التمويل الأخرى. ما يعد أمراً جيداً بالنسبة للاقتصاد بشكل عام، حسب رأي خبراء، حيث أن الوصول لرأس المال -خاصةً في شركات القطاع الخاص- هو أحد أهم عناصر  النمو الاقتصادي وتأمين فرص العمل.
 
وبالرغم من الاهتمام الذي يحصل عليه أداء سوق المال من جراء هذه العمليات، لاحظ الباحثون في جامعة "ببردين" أن "العلاقة بين عوائد الأسهم العامة والنشاط الاقتصادي الحقيقي عادةً ما تكون ضعيفة، حتى في أحسن الأحوال". لذا اعتبروا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان المتقدمة اقتصاديا يرجع بشكل كبير الى القطاع الخاص والنشاطات التجارية والاستثمارية على وجه الخصوص ".
 
واذا كانت العديد من شركات القطاع الخاص  تسعى للنمو في عام 2014، لكن هذا يعتمد بشكل كبير على قدرتها في تمويل هذا النمو، سواء عن طريق الأرباح أو عبر مصادر خارجية أخرى.
 
وتشير تقارير أسواق رأس المال في "جامعة ببردين" التي أجراها مدير مشروع ببردين الخاص لأسواق المال"، والأستاذ المساعد في التمويل  كريغ ايفرت عن العام 2014،  الى أن نحو 89% من رجال الأعمال يتمتعون بالحماسة الكافية لتنفيذ استراتيجيات النمو، بينما 46% فقط يمتلكون فعلياً الموارد المالية اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجيات بنجاح.
 
كما كشفت التقارير ايضاً أن من بين الشركات التي سعت للحصول على قروض مصرفية في الأشهر الـ 3 الماضية "أولئك الذين لديهم أقل من 5 ملايين دولار من العائدات"، 39% من هذه الشركات نجحت في الحصول على قروض، بالمقارنة مع 34% خلال نفس الفترة من العام 2013 الماضي. لذا فإنه لا يزال من الصعب على الشركات الصغيرة في مكان ما أن تحصل على القروض المصرفية كما هو الحال بالنسبة للشركات الكبيرة. حيث أن كثير من أصحاب الأعمال يواجَهون بالرفض، دون أن يعلموا السبب تحديداً.
 
 
 
وقد علق على هذه المشكلة رئيس الأسواق الجديدة والشؤون الاجتماعية في مصرف "نورث سايد" بجورجيا مارك سوانسون ، الذي يعمل عادةً على مساعدة العملاء في فهم أي مشكلة أو قصور يتعلق بالائتمان المصرفي، فقال بعد أن سمع عن الكثير من أصحاب الأعمال الذين تم رفض طلباتهم من البنوك: "سمعت الكثير من الناس، والجميع يقولون لي أنه تم الرفض، لكن أحداً لم يخبرني ما هو السبب الذي أدى الى هذا الرفض". 
 
 
أبحاث جامعة "ببردين" وجدت أن السبب وراء رفض البنوك للقروض التجارية والمصرفية المقدمة من  بعض أصحاب الأعمال تعود الى جودة الأرباح والتدفق النقدي. كما أن عبء الديون والضمانات غير الكافية عادةً ما تكون أسباباً رئيسية لرفض الطلبات المقدمة، وذلك بحسب البنوك التي شملتها الدراسات.
 
فجودة الأرباح يمكن يكون لها دلالات مختلفة عند العديد من المقرضين. لكن بشكل عام، اذا كان لدى مقدم الطلب جودة أرباح عالية، فهذا يشير الى أن البيانات المالية لشركته تكون في الظاهر مستقرة، ونامية ويمكن توقع أرباحها المرتبطة بأعمال الشركة الأساسية. كما أن جودة التدفق النقدي أيضاً تعود الى ما اذا كان النقد الخاص بالمشاريع يرجع بشكل كبير لمصادر نقدية غير متجددة، أو عبر مصدر غير عادي، كتباطؤ المدفوعات للبائعين مثلاً.
 
وأشارت الدراسة الى وجود معوقات أخرى أساسية تمنع قبول القرض، منها ارتفاع رسوم وكلفة وخدمات البنية التحتية، اضافة الى ارتفاع أسعار بيع وتأجير العقارات والأراضي ، وايضاً وجود نقص أو ضعف بإجراءات المحاسبة من جانب أصحاب المشروعات، ما يتسبب بتخوف من تطبيق سياسات ضريبية مستقبلية.
 
وقد أعطى ايفيرت معلومة تهم أصحاب الاعمال "فحتى وإن كانت أرباح الشركة عالية خلال العام، إلا أن هذا الربح يعود سببه لصفقة عقارية كبيرة مثلاً، فإن هذا لا يفيد".
 
وغالبا ما تواجه الشركات الصغيرة  شيئاً من هذه المشاكل، حيث أن مبيعاتها تتم لعدد قليل من الزبائن، فتبدو بذلك أرباحها ضعيفة. وهناك الكثير من الشركات لا تدير أعمالها من أجل تحقيق أقصى قدر ممكن من الأرباح، لأن أصحابها يحاولون تخفيض الضرائب والتقليل منها قدر الامكان، وذلك لأنه يكون يترتب عليها الكثير من النفقات، لكن هذا الأمر قد يضر بشركاتها عند بيع الأعمال التجارية أو عند طلب الحصول على قرض مصرفي أو تجاري.
 
 
ومع أن البنوك لا تطلب عادةً ضمانات، إلا أنها تفعل وبكثرة حين تتعامل مع الشركات الصغيرة. وقد كشفت الدراسة أن البنوك تطلب ضمانات بنسبة تصل الى 100% من اجل اعطاء الشركات الصغيرة قروضاً تصل الى 1 مليون دولار أميركي. بينما تنخفض هذه النسبة الى 63% مع قروض تصل الى 100 مليون دولار، إذ أن الضمانات الشخصية عادة ما تكون مطلوبة للقروض أقل من 5 مليون دولار.
 
وإذا كان المشروع لا يتمتع بكثير من الضمانات، المعدات، المباني، أو لا يملك حسابات مدينة، فإن خيارات سداد القرض ستكون أقل لدى المقرض، ما يجعل الصفقة غير جذابة بالنسبة له.
 
ويوضح رئيس شركة "سيج ووركس" للبيانات المالية بريان هاملتون، أن بعض الشركات قد تواجه مشاكل كثيرة عندما تقترض أموالاً ليست بحاجة اليها في الحقيقة، موضحاً أن على هذه الشركات أن تتوخى الحذر خلال عملية البحث عن مصادر للتمويل.
 
يذكر أن ثلث الـ 1000 الذين أجرت جامعة "ببردين" استطلاع "تقرير أسواق رأس المال" عليهم نفوا أن يكون لديهم أي مصادر تمويل خارجية، و اتضح أن 37% من هؤلاء لم يحاولوا أساساً أن يزيدوا رأس مالهم في الأشهر الـ 12 الماضية. أما الذين يحاولون البحث عن النجاح بمساعدة من القروض التجارية، والأصدقاء والأسرة، والائتمانات التجارية، أو حتى عن طريق تأجير ما لديهم من معدات، هؤلاء يسجلون معدلات نجاح تتراوح بين 81% الى 94%.