وفاء صعب المرأة التي ولجت عالم الصناعة وهي الام والزوجة والناشطة الاجتماعية، مديرة وقائدة في موقع صناعي ناجح يتقدم في مسار النجاح المضطرد. اثبتت عمليا القدرة على ان تشكل حلقة وسطى بين جيلين محافظة على وتيرة النجاح، دون اهتزاز او ارتباك في آلية وسياق العملية الانتاجية المسؤولة عنها.

كان ميدان عملها الصناعي في الوقت ذاته ميدانا لإثبات قدرات المرأة في نيل حقوقها ذاتيا مثبتة حقها وقدرتها الى جانب نجاحها في ان تكون مشاركة في صناعة المستقبل الوطني كما هي مشاركة في صناعة الحاضر والمستقبل الاقتصاديين.

كان للنشرة الاقتصادية هذا الحوار مع وفاء صعب   

كيف تختصرين خلفيتك الأكاديمية؟

دراستي الاولى كانت في مدرسة شويفات المعروفة اليوم بـ"سابيس" والموجودة حاليا بأكثر من 70 بلداً، اما في المرحلة الجامعية فلقد تلقيت تعليمي في الجامعة اللبنانية الاميركية حيث تخصصت في علم النفس الانمائي، ومن ثم حصلت على الماجستير في ادارة الاعمال التنفيذية من الجامعة الاميركية في بيروت.

هل تجدين صلة او رابطا بين التخصص الجامعي والنجاح المهني؟

هناك العديد من الاشخاص الذين لم يتلقوا تعليما جامعيا وبرزوا، الا انه لا يمكننا تعميم ذلك على الجميع، لأن هذه الحالة تتطلب اجتهادا شخصيا. ولا شك ان العلم يساعد كثيرا في هذا الاطار، الا انه على الشخص ان يكون ذا رؤية ونشاط، فهناك العديد من العوامل التي تساهم في نجاح الانسان، منها ان يرى الفرد نفسه في الاختصاص الذي يُقدم عليه، وبذلك يكون شغوفا بما يعمله فينعكس ذلك ايجابا في الانتاجية والاداء سواء لجهة الكم ام النوع.

كيف بدأت مسيرتك المهنية؟ وما ابرز الصعوبات التي واجتها؟

بدأت مسيرتي المهنية بالانخراط العملي والفعلي في وقت متأخر في مؤسسة "تينول" للطلاء التي كان قد اسسها زوجي فريد صعب عام 1965، ذلك ان مشاركتي كانت في البداية نظرية مقتصرة على التواصل بيني وبينه. فعام 1999 تسلمت قسم التسويق في المؤسسة وعام 2009 سلمني زوجي ادارتها لقناعة لديه بأنني قادرة على تشكيل صلة وصل بيني وبين الجيل الجديد.

واجهت في الادارة صعوبات عدة، خاصة انني لم اكن قبل ذلك اظهر كثيرا، وكنت اقترح القرارات عبر اولادي او زوجي فلم اكن يوما في الواجهة.

فمن ابرز الصعوبات هي عندما استلمت الادارة حيث شكل ذلك صدمة للعديد من الناس، مشكيكين بقدرتي على القيام بالمهام المطلوبة خاصة وانني قد دخلت مجال الصناعة الذي يعتبر مجالا "ثقيلا"، في وقت كنت قد عرفت كسيدة مجتمع ذات دور في العمل الاجتماعي و الثقافي في اطار الجمعيات والمؤسسات التي لا تبتغي الربح.  

ما مدى وبحسب تجربتك تأثير البعد العائلي على العمل المؤسساتي؟

للبعد العائلي ايجابيات وسلبيات، ومما لا شك فيه ان ايجابياته تفوق سلبياته، فالاسس المتينة الموضوعة للعمل كفيلة بإنجاحه اضافة الى الوعي والتخطيط الكافيين. فبدون ذلك يكون العمل العائلي معرضا للفشل واستمرار البعد العائلي في العمل المؤسساتي لن يتعدى الجيل الثاني او الثالث كحد اقصى.

هل برأيك هناك تصادم بإنتقال الادارة من جيل الى آخر على مستوى الاختلاف بالرؤية بالنظرة وبالتطبيق؟

طبعا، هناك اختلاف في وجهات النظر واختلاف بالمقاربة للعمل ولكن لا يمكن انكار اهمية الخبرة، والدم الجديد يعادل الخبرة اهمية، اما القدرة على التوفيق بينهما فهي المعادلة الاكثر اهمية ودقة.

وهنا كان دوري حيث نجحت في التوفيق بين الجيل القديم والجيل الجديد في وقت اعتُبرت شخصيا كجيل مخضرم، يقف في الوسط بين جيل مؤسس وجيل شاب يقود مؤسسة اثبتت نجاحها، فبين الذين اسسوا وبيني مرحلة زمنية لا يستهان بها وكذلك بيني وبين اولادي، فهنا كان دوري بوصل الفجوة واقامة الصلة بينهما.

لقد استلمت العمل في الفترة الانتقالية وكان اصراري ان لا ادخر جهدا او عطاءا طالما انا قادرة عليه، حتى اسلم الراية لإبني فحتى الان لم نزل نتمتع بذات الصلاحيات مع الاتفاق على توزيع المسؤوليات، ولكن من حيث الهيكلية الادارية هو اعلى مني.

وذلك لانني كنت طوال عمري اؤمن ان الخبرة ضرورية جدا، الخبرة التي اتمتع بها الى جانب المعرفة والعلم، الا انه ايضا لدى الجيل الجديد ما يقدمه لنا ولا نعرفه، ومن الضروري تسليمه المسؤولية في الوقت المناسب اي عندما يكون اختمر ووصل مما يعطيه ذلك دافعا ويشعره بضرورة تحمل المسؤولية.

هل تجدين ان المرأة تأخذ حقها في لبنان؟

المرأة لم تحصل على حقوقها بعد في لبنان، وانا من الذين يؤمنون بأن الحقوق تؤخذ ولا تعطى وعلى المرأة ان تفرض نفسها كما فرضت نفسي في العمل عبر ادائي. ومن المفارقات ان يكون لبنان اكثر البلدان ادعاءا بالانفتاح والحريات ولا تستطيع المرأة فيه ان تمارس حقوقها كافة.

هل تؤيدين مبدأ الكوتا النسائية؟

انا لا اؤمن بـ"الكوتا النسائية"، بل اؤمن بضرورة ان تقتحم المرأة كافة المجالات بثقة عالية بالنفس بعيدا عن مبدأ العدد المحدد الممنوح منحة.

هل برأيك انه من الضروري ان يكون للشخص ميراث لينطلق منه؟

لاشك ان توفر رأس المال يسهل عملية النجاح لكن ونحن في عصر المعلوماتية، يمكن للفرد ان يحقق نجاحا دون ان يمتلك قدرة مالية، اضافة الى انه لكل حقل من الحقول طبيعته وشروط نجاحه، فحقل الصناعة مثلا يستلزم وجود رأس مال لبلوغ النجاح فيه اكثر من غيره. اليوم يوجد بنوك ومؤوسسات وهيئات مالية تدعم اصحاب الافكار الخلاقة، فالاهم في الامر وجود الفكرة والرؤية وخطة العمل.

كيف تحددين مقومات النجاح التي على الفرد ان يتحلى بها؟

بداية ينبغي على الفرد ان يكون ذا رؤية وان يكون قادرا على خلق الافكار اللازمة لتنفيذها مع التأكيد على ضرورة الاحاطة العلمية والعملية بموضوع العمل، مستفيدا من التجارب السابقة ليأتي عمله بأكثر صور النجاح امكانا.

والاساسي في الموضوع الا يعتبر الفرد انه قد اكتفى بالوصول الى نقطة ما، بل من الضروري ان يبقى امامه هدف يعمل لبلوغه مع الاستمرارية في متابعة المستجدات ذات الصلة في نشاطه.

انت عضو في مجلس امناء ملتقى التأثير المدني و تتناولون فلسفة جديدة وهي الاقتصاد الجامع، الى اي مدى برأيك ستحقق هذه الفلسفة اهدافها؟

هدف ملتقى التأثير المدني ظاهر من اسمه، هو التأثير في الحياة المدنية للبنانيين، التي اثرت عليها سلبا النزاعات الطائفية والسياسية والحزبية، في وقت يمكن للاقتصاد ان يكون قوة جامعة ومؤثرة بإتجاه وحدة اللبنانيين حول اهداف مشتركة، بعيدا عن المصلحة الشخصية والمركزية الادارية. ولا نعني بالاقتصاد ان يحولنا الى كائنات مادية، تبحث عن المادة فقط، بل وسيلة لتحقيق حياة كريمة لكل اللبنانيين على حد سواء.  فآن الآوان لكي نأخذ بنقاط القوة في لبنان ونبني عليها.

كيف تصفين دور المرأة في قيادة الاقتصاد مقارنة مع دور الرجل؟

للمرأة قدرة على ان تقوم بإعمال عدة في اكثر من موقع في الوقت عينه، وهذا لا يلغي دور الرجل على الاطلاق فالتكامل بين الدورين مطلوب. اما ان يجري تهميش المرأة في العملية الاقتصادية فهذا يعني تهميش نصف المجتمع وحرمان العملية الاقتصادية من نصف الطاقة التي يمكن توظيفها فيها.

ما هي مشاريعك المستقبلية؟

دائما لدينا مشاريع وهي لا تتوقف وبالتالي ثمة وقت للعمل في اي مشروع مستجد وان ترأى لك في بعض الاحيان ان الوقت قد امتلأ فإنك تجدين متسعا منه لعمل اضافي. طبيعة العمل نفسها تغني التجربة التي تؤسس لعمل آخر أكثر غنى ونجاح.