فيصل الخليل حكاية نجاح تؤكد ما يمكن للارادة ان تفعله، اذ من الجميل ان يرث احدهم وجودا اقتصاديا، ولكن الاجمل ان يكون هذا الوجود الموروث منطلقا لإمبراطورية ما كان لها ان تكون لولا هذا الشغف بهذا النجاح والصدق بالعمل والتفاني من اجل زيادة دائرة الاستثمار.

اروع ما قام به فيصل الخليل هو انه جعل لإمبراطوريته المترامية مركزا في لبنان، فلبنان هو مركز الادارة لهذا النجاح الكبير، وان دل هذا الامر على شيء فإنه يدل على مدى الثقة المطلقة بلبنان من قبله، رغم معاناة هذا الوطن والصعوبات المتراكمة فيه.

كان للنشرة الاقتصادية مع فيصل الخليل هذا الحوار

في اي جامعة تعلمت وفي اي مجال تخصصت؟  و هل برأيك هناك علاقة بين الدراسة الجامعية والنجاح المهني؟

تخصصت في الجامعة الاميركية في مجال العلوم السياسية،  وعن العلاقة فإن مرحلة الدراسة منذ الصغر هي عبارة عن تأسيس للمراحل القادمة فيما بعد، ولكن عندما يتخرج الفرد من الجامعة و يبدأ بالعمل تكون هذه بداية لمرحلة بناء جديدة، حيث ان الثقافة والتحصيل العلمي ضروريان في كل المراحل وعلى الفرد اكتسابها طالما هو حي، فهناك الكثير من التطورات والمستجدات السريعة على الفرد مواكبتها.

كيف بدأت مسيرتك المهنية؟

تخرجت من الجامعة، وكان والدي قد اسس عملا في نيجيريا عام 1926، وهذا ما جعلني اتوجه حكما الى هذا العمل بدون اية علامات استفهام، حيث كانت رؤيتي واضحة في ضرورة التخرج والالتحاق بالعمل العائلي للإساهم ببناء المؤسسات التي كانت قد بدأت تأسيسها هناك.

اذا كنت صاحب رؤية واضحة لعملك في المستقبل لماذا الاتجاه الى العلوم السياسية؟

كان لدي رغبة بالعمل السياسي و فهمه لذا اخترت العلوم الساسية، وبلغت من النشاط الجامعي الى ان لعبت دورا قياديا طلابيا سياسيا. الا انني لم استمر في ذلك لأن اولوياتي كانت في متابعة العمل العائلي.

هل وجدت نفسك في الشركة التي اسسها والدك؟

كان لدي طموح ان ابني على ما اسسه الوالد، و كان طموحي كيفية المحافظة على المؤسسة و كيفية تطويرها وتوسيعها لذلك فقد تعاونا اخوتي وانا لتحقيق هذه الاهداف وحققنا نجاحا كبيرا.

هل كان لديك نزعة بتأسيس شركة خاصة بك؟ و عدم الالتحاق بشركة والدك؟

لا ابدا، فالتربية في المنزل هي التي تلعب دورا في هذه النقطة، فمثلما يوجه الوالد اولاده يتوجهون في الغالب، كان يقول لي "عنا شغل اهتموا في وهوي بيهتم فيكن"، ولكنه ترك لنا اختيار اسلوبنا وشق طريقنا بجهدنا الخاص.

لماذا خيار الاستثمار بأفريقيا؟

الوالد ترك لبنان عام 1910 وفي تلك الفترة الخيارات لم تكن الخيارات في لبنان والمنطقة العربية بشكل عام مشجعة، فالزراعة التي كانت العامل الاساسي في الاقتصاد كانت تمر بمرحلة صعبة اضافة الى اندلاع الحرب العالمية الاولى وما رافقها من مآس وويلات، علما ان مرحلة الانتداب كان صعبة كذلك، في هذه المرحلة شهد لبنان طفرة كبيرة في الهجرة بإتجاه الدول التي تحتاج الى اليد العاملة مثل استراليا وافريقيا و جنوب اميركا المكسيك و غيرها... اما والدي فلقد ذهب الى المكسيك، عام 1926 قرر العودة الى لبنان في الباخرة مارا بمرسيليا وفي فترة انتظار اقلاع الباخرة تعرف الى لبنانيين في طريقهم الى نيجيريا فذهب معهم، وبذلك كان خيار الاستثمار في افريقيا.

هل لك ان تعطينا لمحة عن طبيعة عملكم في افريقيا؟

لدينا شركة هي "كونتيناتل بفيرجز" في افريقيا، وهي متخصصة بتزويد المرطبات حائزة على الامتياز من شركة "البيبسي كولا" لكل منتجاتها في بلدان عدة، اول بلد بدأنا فيه هي نيجيريا 1960  ومن بعدها تانزانيا ثم غانا ومؤخرا كينيا، فضمن هذه البلاد و بعض البلاد المجاورة التي نقوم بتزويدها ايضا، نخدم قاعدة مستهلكين بحوالي 300 مليون شخص.

شركتكم ذات طابع عائلي، فالى اي مدى برأيك يؤثر البعد العائلي على العمل المؤسساتي؟

من النادر ان ينتقل نجاح العمل العائلي من جيل الى جيل، لأن ذلك امر صعب ولكنه بالوقت عينه شيق.

كي يحصل ذلك أعني إنتقال نجاح العمل من جيل الى جيل ينبغي وجود رؤية تستهدف تحديثه وجعله ذا صبغة احترافية.

فالمؤسس عندما يكون هو صاحب القرار الوحيد يكون همه الاساسي هو النجاح، ولكن عندما يصبح لديه اولاد، يواجه احتمالين، الاول ان يكونوا متفقين في رؤيتهم وادائهم المشترك، والثاني ان يكونوا غير متفقين. فإذا كانوا متفقين ينبغي عليهم كخطوة اولى القيام بوضع اسس وقواعد ناجحة اضافة الى المرحلة التي ستلي والتي يودون القيام بها لتحقيق الاهداف.

بالاختصار "الفاميلي بزنس" مقسوم الى قسمين: "بزنيس" و "الفاميلي"و التوفيق بينهما صعب جدا، اذا لم يكن هناك اسس و قواعد وقيم ودستور.

ونتيجة عدم ادارة العمل العائلي بالشكل الصحيح يترتب عليه عواقب وخيمة هي اسوء بكثير من اية عواقب يسببها اي فشل في عمل آخر.

انت عضو في مجلس امناء ملتقى التأثير المدني و تتناولون فلسفة جديدة وهي الاقتصاد الجامع، الى اي مدى برأيك ستحقق هذه الفلسفة اهدافها؟

ليس هناك اي شيء سهل في هذا البلد و اي نشاط يمكن ان يكون ذا نتيجة اقتصادية وازنة او ذا تأثير على منهج سياسي معين، سيثير حتما تساؤلات عديدة من  قبل الناس، لجهة تأثيره على مواقعهم او على امكانية الاستفادة منه، وهي امور واردة وليست غريبة عن ثقافة ابناء العالم الثالث او الدول النامية. وما يزيد من حدة هذه التساؤلات، تأثير الاوضاع الامنية التي نعيشها، ان هذا الامر ليس غائبا عن وعي وادراك مجلس الامناء، الا ان السؤال هل نعمل او لا نعمل؟، ولقد اخذنا بخيار العمل رغم الصعوبات ورغم طول الطريق.

حتى اللحظة لم نواجه صعوبات حقيقية ذلك اننا لازلنا في مرحلة تسبق العمليات الاجرائية، وخاصة صياغة القوانين التي سيرتكز اليها العمل، حيث تبدأ الصعوبات المنتظرة.

وان مشروع "بلوغولد" الذي نعمل عليه حاليا، هو ليس لمصلحة فئة معينة في لبنان هو فعلا مشروع اقتصادي جامع يمكن لكل لبنان ان يستفيد منه من الشمال الى الجنوب.

هل لديك امتداد لشركتك في لبنان وهل تفكر في الاستثمار فيه؟

لدينا استثمارات في القطاع المصرفي دون سواه، لأن اعمالنا متمركزة في الخارج. ولكن بيروت اصبحت المركز الرئيسي لإدارة اعمالنا في افريقيا، في 4 دول، فكل بلد لديه الادارة وكبار الرؤساء التنفيذيين المناط بهم امر السهر على العمل و الاشراف في البلد المعني بالتنسيق و الاتصال بالادارة المركزية في بيروت.

والوضع في لبنان و الوضع الاقليمي لا يشجعان كثيرا على العمل، كما انه لا يوجد تسهيلات من ناحية الارض ومن ناحية اذونات العمل للاجانب.فمثلا فإن قوانين وزارة العمل بحاجة الى تحديث، اضافة الى عدم الاستقرار الامني الذي ينعكس تذبذبا وارتباكا في الاستثمار الاقتصادي لإنعدام الطمائنينة التي تشجع على استثمار الرساميل.

كان البلد سابقا في الصدارة على مستوى السياحة والخدمات في المنطقة ولكن كل ذلك انتقل الى دبي، فإذا لم تحدث ثورة في تحديث القوانين والعقلية الادارية فيكون الأمل ضعيفا بإستعادة الدور الذي كان يتمتع به لبنان في هذا المجال.

هل برأيك انه من الضروري ان يكون للشخص ميراث لينطلق منه؟

اليوم اصبح الرأسمال الحقيقي و الاول هو في المعلوماتية التي تتطلب افكارا وليس مالا ان حصول الفرد على الدعم المادي اسهل بكثير من المرحلة الاصعب وهي ايجاد الفكرة الناجحة و معرفة كيفية تطويرها وتطبيقها لتصبح عملا.

اليوم هناك بنوك استثمار وشركات متخصصة بتمويل الافكار. ذلك ان التمويل اسهل بكثير من تأمين الفكرة الناجحة.

ما هي برأيك مقومات النجاح؟

يتوجب على الفرد ان يضع امام عينيه هدفا له والاصرار على النجاح في الوصول اليه، وان يكون مستعدا للتضحية بالساعات والايام والسنين الطويلة.

اضافة الى ان المطالعة والمتابعة الدائمة لما يدور حولنا ومواكبة كل المستجدات تطويرا للذات حتى يمكننا امتلاك قدرات ومعلومات حتى ننجز اعمالنا بشكل افضل.

ما هي الاهداف التي تطمح لتحقيقها؟

من ابرز اهدافي الاستمرارية في العمل وتحدي كافة الظروف المنافسة ابقاءا على الاستمرارية التي لها شروطها وعملها الخاص.