موس (مصطفى) شعيب هو شابٌ لبناني هاجر مع عائلته إلى الولايات المتحدة في الحرب الأهلية في لبنان وكان يبلغ حينها السبع سنوات من عمره. أما الآن، موس (33 عاماً) يمتلك شركة "لون مود دوت كوم"، التي أنقذت الآلاف من العائلات في الولايات المتحدة من خسارة منازلها بسبب حجز المنازل المرهونة التي تعاني منها البلاد تحت شعار "إنقاذ الحلم الأميركي"، حيث يعتقد شعيب "إن الشيء الأهم هو أن أكون قادراً على مساعدة الناس على البقاء في منازلهم، فهذا هو الأمر الذي يثيرني أكثر من سواه".
الكلية والعمل
ولد شعيب في بيروت، لبنان، وتعود ذكرياته الباكرة إلى الصدمة والشعور الغريب لحياة طفل خلال أيام الحرب.عاشت عائلة شعيب المكونة من ستة أفراد في بداية الأمر في توليدو، بأوهايو، ثم انتقلت إلى ديربورن في ولاية مشيغان. وعندما بلغ الثانية عشر من العمر عانى والده (الذي كان يعمل كرئيس تحرير ومسؤول حكومي في لبنان ثم عمل كسائق شاحنة في أميركا) من جلطة كانت الأولى بين جلطات عدة أخرى لحقتها، ما اضطر والدته إلى ان تعمل طاهية في أحد المطاعم بدوام كامل لإعالة الأسرة.
قال، "لم تتذمر أمي مرة بل قالت، ان والدك لن يستطيع إعالتنا، لذلك سأقوم أنا بذلك". وهكذا، أخذت على نفسها العمل في وظيفة شاقة براتب الحد الأدنى... وكل ما كانت تقوله لنا هو التركيز على دراستنا، والتأكد من الحصول على المنح الدراسية، لأنني لا أملك لكم المال اللازم للجامعة في هذه المرحلة من حياتنا."
تخرج شعيب من ثانوية ديربورن عام 1998، حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والإدارة من معهد كارل أ. غيرستاكر للأعمال والإدارة في "كلية ألبيون"، حيث أسس جمعية الطلبة المسلمين، وفي استمارة طلب دخوله إلى كلية الحقوق، كتب شعيب في وقت لاحق عن تجربة الحرب اللبنانية يقول، "إن مثل هذه التجارب... غرست في نفسي شوقا لا يتزعزع للسعي إلى المعرفة والعدالة". ثم حصل على الدكتوراة من "كلية كولومبيا للقانون" حيث كان يعمل مع طاقم المراجعة لقانون كولومبيا للأعمال.
وفي عام 2005، حين تخرّج من كلية الحقوق ذهب موس إلى المطعم الذي كانت تعمل فيه أمه وقال لها: "أمي تعالي معي إلى البيت الآن. لم يعد ثمة داعٍ يدعوك إلى العمل ثانية"، وانضمّ شعيب إلى مكتب "بروسكاور روز"، وهو مكتب محاماة عريق في نيويورك وعمل لديه.
ويقول شعيب أن "أحد الأسباب التي قادتني إلى مكتب بروسكاور أنه أكبر مكتب محاماة يهودي في العالم،"، ثم أضاف، "وأنا شديد الحماس لبناء الجسور بين جاليتينا المختلفتين".
وأثناء عمله في مكتب المحاماة، تلقى موس في أحد الأيام مكالمة من عمه طالباً منه المساعدة حيث كان يواجه الرهن على منزله. وبعد استكشاف العديد من الخيارات ولكن دون جدوى، قرر موس الوصول إلى المقرض مباشرة للعمل على التوصل الى اتفاق حتى يبقي لعمه المنزل الذي كان ملكاً للأسرة لمدة 26 عاما. وبعد عدة أشهر من المفاوضات، اقتنع البنك بأنه من الأفضل من حيث المنطق الإقتصادي أن يعمل مع صاحب المنزل بدلاً من أن يستحوذ على المنزل ويواجه المزيد من الخسائر. وهنا ولدت فكرة شركته "لون مود دوت كوم".
وفي عام 2006، ترك شعيب مكتب المحاماة وعاد إلى ديربورن لينطلق في مشروعه التجاري، "لون مود دوت كوم" وهي الشركه التي تقوم بإعادة التفاوض على عقود رهونات المنازل بهدف تجنّب الإستيلاء عليها من قبل البنوك بسبب عجز أصحابها عن تسديد دفعاتهم الشهرية عليها لهذه البنوك بسبب الأزمة الإقتصادية وانخفاض أسعار المنازل، وذلك بطريقة تكون مربحة للطرفين ويستفيد منها مالك المنزل كما المصرف أو المؤسسة صاحبة الرهن العقاري على حد سواء.
فعن طريق إعادة هيكلة ناجحة لقرض الرهن، وعادة بطريقة بسيطة تتمثل في خفض معدل الفائدة، تتمكن الأسرة صاحبة المنزل من البقاء في منزلها ويتجنب المصرف تحمّل كلفة أعلى تنجم عن الإدارة المباشرة للملكية العقارية التي يستولي عليها البنك.
ويعتقد شعيب أن شركته هي الأولى من نوعها في البلاد، ويقول "لقد حققنا الريادة في هذا الميدان، بدءاً بمساعدة عمي، ثم بعض الأصدقاء، إلى أن أدركنا أننا قد وقعنا على نموذج قابل للحياة". ويقوم مستشارو الشركة بمساعدة مالكي المنازل بالنسبة للإجراءات الصحيحة لتنفيذ النموذج الجديد للقرض.
ويقول شعيب "إن مساعدة الناس على الإحتفاظ بأهم شيء مادي في حياتهم إنما يُشكِّل أفضل مكافأة على الإطلاق،" وأضاف، "فعندما تقوم بإنقاذ منزل ما، فإن هذا يشكل مساعدة للحي، وللمجتمع المحلي، وبالتالي يساعد البلاد بأسرها."
ثم أسس شعيب شركة "ميزنا" للترفيه،التي أنتجت برامج كوميدية عربية أميركية في 2007، 2008، و 2009، وأشرطة الفيديومن "MTV" التي تتضمن محاكاة ساخرة، والنسخ العربية من برامج "MTV" أيضاً كـ"Cribs"، "Made" و"Nexted". وفي عام 2010، شارك في تأسيس "أوركسترا ميشيغان العربية"،المنظمةالتي تحتفل بالتراث العربي، والموسيقى العربية من خلال التوعية التعليمية والأداء. شعيب هو أيضا عضومؤسس في"HYPE"، وهي منظمة غير ربحية تسعى إلى توفير البرامج المتنوعة الخالية من المخدرات والعنف لمجتمعات منطقة "مترو ديترويت".
الجوائز
تلقّى شعيب جائزة "ريموند جالو" للخدمة العامة من "المعهد العربي الأميركي" عام 2004، وفي عام 2010 حصل موس على جائزة الجيل القادم من القيادات العربية من مجلة "أريبيان بزنس30 تحت 30" وهي قائمة من 30 شخصية أعمارهم من الثلاثين عاماً وأقل، كما حصل على جائزة "صاحب مشروع عام 2010" من "غرفة التجارة الأميركية العربية".
نظرته إلى المستقبل
يخطط شعيب لأن يكون لديه ما يزيد عن مئة موظف لتلبية الطلب المتزايد على خدماته. وفي الوقت الذي تمارس فيه الحكومة ضغطاً على المقترضين وعلى مقدمي خدمات الرهون من أجل تعديل محافظهم المالية لمساعدة ملاكي البيوت على عدم فقدان منازلهم، فإن شركة "لون مود دوت كوم" تجد نفسها في موقع جيد بشبكتها المؤلفة من 19,000 دائرة كاتب عدل في 48 ولاية أميركية.
