كغيرها من المؤسسات والقطاعات في لبنان، رسمت شركات ​التأمين​ مساراً خاصاً جديداً لها، في تطبيق سعر صرف لتسديد المضمونين بوالصهم بالليرة اللبنانية، مخالفٍ لسعر الصرف الرسمي عند 1515 ليرة للدولار.

في 22 نيسان الماضي، كشف إيلي طربيه رئيس مجلس إدارة جمعية شركات الضّمان "ACAL"، تكبّد شركات التأمين خسائر فادحة جراء تطبيق سعر الصرف الرسمي لتسديد المضمونين بوالصهم بالليرة اللبنانية، وقال إن البوالص محددة أصلاً بالعملة أجنبية.

أرفق طربيه هذا الشرح بالاقتراح على شركات التأمين استيفاء الأقساط السنوية لكافة فروع التأمين للبوالص الصادرة بالعملة الأجنبية بنفس عملة البوليصة أو ما يوازيها بالليرة اللبنانية وفق سعر السّوق.

هذا الاقتراح لم تؤكّده أي شركة لغاية السّاعة، ولكن مفعوله كان إيجابياً بدرجة كبيرة على شركات التأمين منذ 22 نيسان، حيث عمد وسطاء التأمين الـ "Brokers" إلى الاتصال بزبائنهم وإبلاغهم بإمكانية تطبيق قرار سعر الصرف الجديد، وطلبوا من المضمونين تسديد بوالصهم بسعر الصرف الرسمي قبل تطبيق سعر صرف سوق السوق الذي يتخطى الـ 4000 ليرة.

خلال الأسبوعين الماضيين، وبعد "حالة الرعب" وفق ما سماها وسيط تأمين في اتصال مع "الاقتصاد"، جمعت شركات التأمين مستحقات بمئات ملايين ​الدولار​ات، حيث عمد كل مضمون إلى التسديد على سعر الـ 1515 مخافة تطبيق السعر الجديد.

الخطوة الإيجابية الأخرى التي حصدتها شركات التأمين، تملثّت في تجديدات البوالص والبوالص الجديدة التي أُصدرت وفق سعر الصرف الرسمي، بحيث أن بوليصة تأمين السيارة الشامل بحدوده السعرية الدُّنيا "minimum premium" يعادل 550 $، ووفق سعر الرسمي يعادل 833 ألف ليرة؛ أما باحتسابها وفق سعر السوق فإن هذه البوليصة يُصبح سعرها 2 مليون و 200 ألف ليرة.

تخبط في شركات التأمين ولا وضوح في توقيت وإمكانية التطبيق سعر الصرف الجديد

الأول من أيار كان الموعد المقترح لبدء تطبيق التسعيرة الجديدة للصرف في الشركات، لكن هذا الاقتراح شهد تخبطاً لازال مستمراً بخصوص إمكانية وجدوى تنفيذ القرار، فيما جرى الحديث عن تأجيل التّنفيذ إلى 11 أيار أي مطلع الأسبوع المقبل، وهو تاريخ غير مؤكد بعد.

في اتصال لـ "الاقتصاد" مع عدد من شركات التأمين، كان غير أكيد بعد قرار تطبيق سعر صرف السوق الموازي، فيما أقسام ​المحاسبة​ والتحصيل في الشركات أكدت تواصل العمل بسعر الصرف الرسمي وعدم معرفتها بأية أخبار جديدة حيال رفع سعر الصرف.

هذا التخبط الحاصل اليوم في الشركات مَردُّه إلى عناصر عدّة، أوّلاً عدم وجود إتفاق بعد بين وزارة الاقتصاد وشركات التأمين حيال تغيير سعر صرف، حيث أكد وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة في تصريحه الوحيد حول هذا الموضوع، أن "لجنة مراقبة هيئات الضمان ‏قامت بأعمال مراجعة رقابية ميدانية لدى عدد من شركات التأمين"، وقال إنه "تبين أن معظم الشركات تطبق عقود التأمين وفق النصوص الموقعة مع زبائنها، وهي ملتزمة بالسعر الرسمي للصرف لتاريخه".

المشكلة الثانية التي تؤخر شركات التأمين في تطبيق سعر صرف السوق، عدم وجود إتفاق بين كافة الشركات على رفع السعر، وهو ما سينتج عنه بالتأكيد، غياب التنافسية في أسعار البوالص للشركات التي ستبدأ تطبيق رفع سعر صرف الليرة مقابل الدولار، أمام الشركات التي ستواصل العمل بسعر الصرف الرّسمي.

المشكلة الثالثة والأهم في هذا السياق، تكمن في توقعات الشركات بعزوف نسب كبيرة من المضمونين، وتخليهم عن بوالصهم، في حال تضاعفت الأسعار بالعملة الوطنية.

أما المشكلة الرابعة التي تؤخر شركات التأمين عن تطبيق سعر صرف السوق السوداء، فهي الأقساط السابقة والمتأخرات على المضمونين من العام 2019، وهذا تفصيل أساسي، حيث سيجد المضمون نفسه مضطراً لدفع بوليصة أنجزها في 2019 ويقوم بتقسيطها اليوم بسعر 1515، لتتحول بعدها عملية الدّفع مباشرة على أساس 4000 ليرة.

والمشكلة الأخيرة فيما يخص عدم إعلان شركات التأمين بعد رفع سعر الصّرف، هي وجود أكثر من سعر صرف معتمد اليوم من قبل ​مصرف لبنان​ وهو ما يسبب للشركات عامل حيرة، حول السعر الأفضل المطلوب اعتماده.

وفي هذا الإطار ومن الناحية القانونية، يؤكد المحامي ​شربل عون عون​ المستشار المعتمد لدى عدة هيئات دولية في حديث لـ "الاقتصاد"، أنه وبسبب الغموض في النصوص وبعد أن بات هناك عدّة أسعار رسمية لسعر صرف الدّولار، فإنه من غير المعروف كيف ستبت المحاكم في هذه القضية مع وجود 3 أسعار رسمية لسعر صرف الدّولار.

ويضيف عون، أنه من الناحية العملية ولاستمرارية هذا العمل، يجب إيجاد تشريع لهذا الموضوع، ويمكن أن تتدخل وزارة الاقتصاد عن طريق التشريع أو التوسّط بين المضمونين وشركات التأمين لإيجاد صيغة توافقية.

وقال، إنه لا يمكن تحميل المسؤولية كاملة لشركات التأمين، ولا يمكن تحميل المضمونين المسؤولية المباشرة في هذا الظّرف.

وأكد عون، أنه في الواقع الحالي على شركات التأمين تخفيض نسب أرباحها العالية، على أن لا تخسر هذه الشركات حفاظاً على استمراريتها.