يتميز الواقع المصرفي اللبناني بنسب نمو في ارباحه على صعيد  المصارف الخاصة والتجارية كما ايضا بقيمة ودائعه المرتفعة نسبيا وخاصة بعد مقارنتها بنسبة الناتج المحللي والتي تجاوزت عتبة المئة وخمسة وثلاثون مليار دولار اي ما يزيد عن ثلاثة اضعاف الناتج المحلي.

ولكن ما زال هناك عدد من التحديات التي من الممكن ان تواجهها المصارف والتي تنقسم كالاتي:

اولا، ان السياسة النقدية للمصرف المركزي والتي لا ننكر انها اثبتت فعاليتها من ناحية القدرة على المحافظة على الاستقرار المالي عبر اتباع سيساسة تخفيض المخاطر الا ان الحجم الهائل لاستثمارات المصارف في سندات الخزينة اللبنانية والمقدر باربعين بالمئة من حجم الموجودات (والتي كانت قبل خمسة سنوات تمثل نسبة ستون بالمئة وهي نسبة كيرة جدا) كان له اثرا سلبيا على نمو الاستثمارات نظرا الى انه (اي القطاع المصرفي) يحصل على عوائد فائدة جيدة ومن دون تكبد اي مخاطر، الامر الذي يؤثر سلبا على نمو حجم الاستثمارات والتي تبقى الحوافز لها قليلة (باستثناء بعض المبادرات الخجولة نسبيا كمؤخرا ضخ مبلغا وقيمته خمسمئة مليون دولار عبارة عن قروض مدعومة خصص لدعم القطاع التكنولوجي) حيث ان عدد من القطاعات ما زال يمثل نسب ضعيفة من حجم الناتج المحلي كالزراعة والصناعة.

ثانيا، بعد التصنيف الاخير للبنان من قبل مؤسسة ستاندرد اند بورز بالنسبة لقدرة لبنان على سداد الديون الطويلة الاجل والذي اعلن عن انخفاض التصنيف من B الى B-، الامر الذي من الممكن ان يقود الى زيادة الفوائد على سندات الخزينة وبالتالي على معدلات الفوائد على الودائع وهو عامل وان حصل سيئول الى ابطاء من حجم ونسب الاستثمارات ومن ثم النمو وما له من انعكاسات سلبية كزيادة عامل البطالة وغيرها من الانعكاسات السلبية المحتملة...

ثالثا، من المتوقع ان يحصل تغيير في السياسة النقدية للولايات المتحدة من ناحية ارتفاع معدلات الفائدة على الودائع الشيء الذي يؤثر سلبا ويؤدي الى انخفاض في الودائع في المصارف اللبنانية وذهاب قسم منها الى المصارف الاميركية.

رابعا، شهد السوق العقاري ركودا ينعكس سلبا على  الاداء الاقتصادي وخاصة ان هذا القطاع كان له اثرا ايجابيا كبيرا عندما كان لبنان يشهد نسب نمو مرتفعة.  لمعالجة وتحفيز هذا القطاع، على السياسة النقدية ومصرف لبنان ان يبدأ بتخفيض الفوائد على قروض الاسكان بالاضافة الى رفع سقف دين المؤسسة العامة  للأسكان عن ان  لا تتخطى الزيادة المقترحة  نسبة الخمسة عشرة بالمئة، الامر الذي سيسهم ويعيد تنشيط القطاع العقاري. اما عن الية الدعم، فهي ممكن ان تكون عبر القيام بأنشاء قروض تعرف باللاصول المدعومة والتي يمكن ان تستثمر ثانية عبر تداولها بالاسواق الثانوية Asset-Backed Securities بعد القيام بالتأمين على اهذه الاصول، بذلك تتمكن المصارف من المحافظة على على نسب عالية من السيولة النقدية من دون المساس بأحتياطي المصرف المركزي والذي يمكن ان يستعمل لاحقا من اجل دعم قطاعات اخرى (كاقطاع الزراعي-الصناعي).

اما التحدي الاكبر فهو سياسي وان كان ليس وشيكا والذي يتمثل يأتي باحتمال قيام الولايات المتحدة بوضع حظر على بعض المصارف الكبيرة العمل الذي يمكن ان يسبب زعزعة كبيرة لهذا القطاع والذي وفي حال حصوله يمكن تداركه الى حد ما عبر اصدار تعميم (من اجل الحد من سحوبات المودعين) وقيام المصرف المركزي بشراء قسما من سندات الخزينة الموجودة لدى المصارف لرفع مستوى السيولة النقدية لديها (اي المصارف) بالاضافة الى رفع بسيط للفوائد على الودائع الا ان هذا لا يعني امكانية انكفاء كل الانعكاسات كاحتمالسحب قسما كبيرا من الودائع الاجنبية وايضا هبوط في نسب الاستثمارات المحتملة.

أما العامل الايجابي فيتمثل بزيادة نسب نمو الارباح والتي بلغت حتى شهر تشرين من العام الحالي ومقارنة بالعام القادم نسبة الاربعة بامئة وهي تمثل نسبة جيدة وبخاصة بعد الاخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الحالي.

يبقى في النهاية ان نوجز ان امام الواقع المصرفي تحديات عدة  يجب ان تنتج عنه وضع سيساسات نقدية واقتصادية وذلك طبعا بالتعاون مع مصرف لبنان.