"مصائب قوم عند قوم فوائد"، بهذه الكلمات وصفت خبيرة التجميل وصاحبة "سنتر عبيد" ليلى عبيد، بداية مسيرتها المهنية. ففي حين كانت الحرب الأهلية قائمة في بيروت، والتنقل بين المناطق صعب، برزت حاجة النساء في الجبل الى التجميل والتزيين، وكان العنوان غرفة الجلوس في منزل عائلة عبيد، التي حولتها الزوجة، ليلى، الى صالون للتجميل يعتني بالمرأة وبمظهرها. من هنا كانت البداية، حتى أصبحت ليلى عبيد اليوم، وبعد أكثر من 30 سنة، صاحبة اسم لامع في مجال الاعتناء بالمرأة في لبنان والعالم، ومؤسسة ومديرة مركز يتألف من 5 طوابق متخصصة بالتجميل من الرأس حتى أخمص القدمين، الأمر الذي خولها الوصول الى العالمية والتعاون مع شركات مهمة، كما أتاح لها البروز في مجال الأعمال، والمشاركة في جائزة "لبنان للسيدات المتميزات".

- أخبرينا عن المراحل التي مررت بها خلال مسيرتك المهنية.

تزوجت باكرا في عمر 17 سنة، وبسبب الحرب وحاجة النساء في الجبل الى الاعتناء بمظهرهن، وقلة المراكز المتخصصة بالتجميل في المنطقة، بدأت بالعمل من غرفة الجلوس في المنزل، وكان معظم زبائني في البداية من الأصدقاء.

فلطالما كان لدي شغف بالأشياء الجميلة، ودخولي الى مجال التجميل في البداية، كان مجرد وسيلة لتمضية الوقت، تجنبا للملل والجلوس في المنزل. لكن من غرفة الجلوس، انتقلت الى طابق بجانب المنزل، ثم بدأنا بالتطور والتقدم، لكن دون قرار مسبق بالتوسع. فأصبح العمل يكبر وحده مع الأيام، وتكبر معه المعرفة والخبرة في هذا المجال، حتى أصبحت اليوم أمتلك واحدة من أكبر صالونات التجميل في لبنان.

كما أنه من خلال حبي للكتابة وشغفي بالرسم والبيانو والتعبير الكتابي، نشرت أول كتاب لي، بعنوان "ممكلة الجمال"، وتبعه عدد من الكتب المتخصصة بالجمال مثل "لك سيدي لك سيدتي"، "طبيعي أجمل"، "خلطات شرقية من البلدان العربية"، "Kingdom of beauty".

بداية عملي كانت بالفطرة، ولكن بعدها تقدمت من خلال التعب والمثابرة. وتعلمت هذه المهنة في رومانيا على يد خبيرة التجميل أنا ارسلان، كما أخذت دروسا في "Royal Academy of Arts" في بريطانيا، ثم في "Académie de Soin de Lion"، وبعدها في البرازيل، حيث تعلمت فن إعادة بناء الشكل، "art of re-construction".

وشاركت في العديد من الفقرات التلفزيونية مثل "عالم الصباح" على شاشة المستقبل، وحصلت على برنامجي الخاص "Beauty Clinic"، الذي لفت أنظار الشركات العالمية الي، وأتاح لي العمل في نيويورك مع شركة "Pond’s"، و"Head & Shoulders"، و"Pantene"، و"STC السعودية" للاتصالات التي طرحت خدمة "جوال ليلى عبيد"، المتخصصة بالرسائل حول العناية بالمظهر للسيدات، وحصلت على مستحضرات خاصة بي وباسمي. اضافة الى أن صانع مستحضرات "Clarins " وثق بي وبنظرتي الجمالية، وشبهني بـ"ايلينا روبنشتاين" الشرق.

ومن خلال هذه المشاريع لاقيت اهتماما من محطات عالمية مثل "CNN"، و"M6"، و"الجزيرة"، و"العربية"... وأعطيت حوالي 400 محاضرة، حول شتى المجالات في لبنان والعالم، واشتهرت في مجال تغيير المظهر أو الـ"relooking". كما مثلت لبنان في العديد من المناسبات العالمية وتم تكريمي في البحرين وسوريا وقطر... وأنا أحضر الآن لبرنامج تلفزيوني كبير، وأسعى الى افتتاح فروع للمركز في الخارج.

- كيف تمكنت من البدء في الأعمال ومن أين تلقيت الدعم المادي؟

في البداية بالطبع زوجي مول الأعمال، وتمكنا من شراء المعدات والمستحضرات اللازمة، وابنتي البكر ساعدتني أيضا ووقفت الى جانبي. لكن مع مرور الأيام أتت الماديات لوحدها، والعمل دعم نفسه بنفسه، وبالتالي طورنا ملكنا، وصنعنا امبراطوريتنا. كما أننا عززنا مجدنا بأنفسنا.

زوجي كان عنصرا أساسيا في حياتي المهنية، وبالتالي لم أستطع أن لا أذكر دور هذا الرجل العظيم، في كتاب "لك سيدي لك سيدتي". فهو قدم لي الدعم والمحبة ووثق بي، وأحاطني بالحب والحنان والعاطفة. وكان كلما نظر الي، أشعر أنني أجمل، فكنا نعيش بهدوء وسلام، ونتعاطى مع بعضنا البعض على أساس السلام الداخلي والثقة بالآخر.

- ما الذي ساعدك على تحقيق هذه النجاحات المتواصلة؟

العامل الأهم هو ايماني بنفسي وبقدراتي. فحياتي هي قصة معاناة وتعب الأيام، وصناعة النجاح باليد، وثقتي بأناملي وبمهاراتي فتحت أمامي أبواب النجاح. اذ ليس دائما الرأسمال هو ما يساهم بتقدم الانسان. ففرح الناس وابتساماتهم ورضاهم عن عملي شكلوا دعما كبير بالنسبة الي.

ولتكن تجربتي عبرة للأشخاص، فاذا أراد المرء أن يحقق أمرا يطمح اليه، سيصل من خلال الثقة، لذلك علينا أن نتسلق الجبال بالأرجل والطموح والثقة والايمان. كما أن كل شيء لا يختاره الانسان ولا يفكر فيه أو يوليه أهمية زائدة، يأتيه. فمنذ البداية، عملت بلا أي مخطط للوصول يوما الى ما أنا عليه اليوم.

لدي خبرة 35 عاما في مواضيع جمالية شاملة، وأوثق كل ما أقوم به. كما أنني أبقي رجلي دائما على الأرض. ولا أقبل أبدا بالسقوط، لكن عند وفاة زوجي وابنتي، ركعت أمام ربي، ورضخت لمشيئته ولسنة الحياة، فوجع الحياة يضني وينخر بعظام الانسان، انما الاستمرارية والعمل هما جزء من الحياة، وأنا مسؤولة عن عائلة وعمل، وأولاد. وبالتالي تعلمت أن الموت لا يعني السقوط، بل النظر الى الحياة بوجع.

- لماذا لمع اسم ليلى عبيد في عالم التجميل؟ ولماذا تميزت في ظل المنافسة الكبيرة في السوق؟

أعتقد أن السبب الرئيسي هو أنني "the guru of beauty"، أي معلم الجمال، اذ أقدم للمرأة عناية شاملة، من الرأس حتى أخمص القدمين. كما أنني ساعدت بصناعة ثقة الناس بي، من خلال عملي ومظهري أيضا، فعندما يكون شكل الانسان جميل، يتقبله الناس أكثر.

أما في ما يختص بالمنافسة، فلا أشعر أنني في هذه الفئة، اذ لا أحب المنافسات، وأعمل دون استئذان، وأتمنى كل السعادة والخير للغير. أنا بمنأى عن أي منافسة، وأعمل ضمن قاعدتي وقوانيني الخاصة.

- كيف تصفين تجربة "جائزة لبنان للسيدات المتميزات"؟

هذه الجائزة كانت بمثابة فرصة لي ولزميلاتي، فلا يمكن الجزم أن هناك فقط 15 امرأة لبنانية ناجحة أو متميزة، فكل شخص مبدع ومتميز في المجال الذي يبرع فيه. لكن مع وصولي الى النهائيات شعرت بفرح من الداخل. فمن الجميل أن يتم ادراج اسمي بين النساء المتميزات، ووجودي ضمن قائمة نجاح وتميز، هو بالطبع نجاح لي، لكنه فرصة فتحت أمامي.

- ما هي العوائق الذي تقف برأيك في وجه المرأة اللبنانية اليوم؟

لا أرى أي عائق يقف في وجه المرأة، حتى أنه يمكن اعتبار حقوق الرجل ناقصة في بعض الأحيان. لكن هناك عدد من النساء اللواتي يعملن على انقاص حقوقهن. انما بشكل عام، المرأة اليوم هي عاملة ومتألقة ومشعة ومثقفة. وثقتها بنفسها، تشكل قوة وعظمة.

كما أن للمرأة القدرة على أن تكون كل ما ترغب به، طالما أنها موجودة وتثابر للحصول على تريده. فأنا لست ممن يشعرون بأن المرأة لم تصل، بل على العكس، فهي تألقت ومرت بأمجاد منذ فجر التاريخ. وبالتالي منذ قرون نرى نساء رائدات مثل نفرتيتي وكليوبترا والأميرة أروى. فالمرأة تمتعت بالنفوذ لسنوات، ومنذ القدم تشغل مواقع ومناصب عالية ومهمة، حتى أنها كانت آلهة.

- كيف تقيمين وضع النساء اليوم على كافة الأصعدة؟

لا شك بأن المرأة وصلت ونجحت في مختلف الميادين، لذلك لا يجب أن تتخلى عن مكتسباتها، بل عليها المحافظة على مركزها والثبات فيه والبقاء والاستمرار. فكبت القدرات هو أمر مؤسف، ويجب اطلاق العنان، بحكمة، بهدف تحقيق النجاحات.

أنا شخصيا تعلمت صناعة النجاح من أبسط الأشياء، فرأسمالي هو يدي، وهذه العبرة من نجاحي. ولكي يصل الانسان الى كلمة "النجاح" يجب ان يتسلق ويصعد السلم. فالصعود مهم، لكن الحفاظ على الموقع المرتفع والاستمرار بالصعود هما الأهم. لا تقفي عند أي عقبة، بل ناضلي وثابري كي تصلي الى ما تطمحين اليه.

هناك جملة وردت في كتاب لي، أعتبرها تتويجا لنجاحات المرأة على مر التاريخ، وهي "دخلن التاريخ بجمالهن وجمعن القوة والذكاء، وتركن بصمة تاريخية". فالمرأة آمنت بنفسها وتمكنت من تحقيق الكثير، والايمان هو وصفة جمالية للنفس.

كما أن هناك 5 كلمات تشكل خلطة النجاح القديمة والحاضرة، وهي "جمال، عظمة، نعمة، حكمة، وقوة"، ويجب أن تتحلى المرأة بها كي تتميز وتعتلي مناصب عالية.

- ما هي نصيحتك للمرأة لحثها على ملاحقة أحلامها؟

أقول لها "كوني امرأة عربية شرقية، تتمتعين بسر العرب وجمال الشرق، واسكبي من حولك عطر الجمال". فالنجاح يتوج شعور الانسان بالسعادة، ويشكل مكافأة على تعب الأيام الممزوج بوجع الحياة. والعمل يلهي الانسان عن وجعه كي لا يركع أمامه.