هي مواطنة كندية من أصل لبناني، رائدة في مجال الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما في الولايات المتحدة وأوروبا. اهتمت منذ بداية مسيرتها المهنية بعلوم الحياة، حيث حصلت على اجازة في الصيدلة من جامعة "نورث إيسترن" في بوسطن. وعملت، منذ ذلك الحين على تشجيع الاستثمار في هذا القطاع، بهدف تأمين نموه المستمر.

انها هدى أبو جمرا الشريكة المؤسسة لصندوق الأسهم الخاص بالرعاية الصحية، "TVM Capital MENA" في دبي، الذي تبلغ قيمته الاجمالية 40 مليون دولار. كما انها الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لمعهد "BioExec"، الذي يعد منظمة غير ربحية تهتم بقطاع علوم الحياة.

واستطاعت كسر الحواجز المالية في الشرق الأوسط من خلال غوصها في مجال الأسهم الخاصة، الذي تشكل نسبة النساء التي تشغل المناصب الإدارية العليا عالميا فيه حوالي 9%، و9.1% في أوروبا، و8.7% في الولايات المتحدة، وفقا لدراسة لشركة "Preqin" للأبحاث.

شغلت أبو جمرا مناصب إدارية عدة في المبيعات والتسويق، وتطوير الأعمال لشركات تختص بالأدوية وبالتكنولوجيا الحيوية. وكانت الرئيسة التنفيذية والمؤسسة لشركة "Boston BioCapital"، التي توفر وصلات استراتيجية بين أولئك الذين يبحثون عن فرص استثمارية في مجال التكنولوجيا الحيوية، وعلوم الحياة، والرعاية الصحية، وبين الذي يقدمونها. كما خدمت في لجان عدة لجمع التبرعات المالية، بما في ذلك اللجنة المالية لحملة السيناتور الأميركي جون كيري من العام1998  وحتى انتخابات عام 2004.

- أين كانت انطلاقة مسيرتك المهنية؟

بدأت مسيرتي في بوسطن، ماساتشوستس، بعد أن أنهيت اجازة الصيدلة، حيث كنت أساعد شركات ومجموعات الأسهم الخاصة، التي تهتم بعلوم الحياة، على جمع الأموال في الشرق الأوسط. وحينها أدركت أن قطاع الرعاية الصحية ينمو بشكل حيوي في المنطقة، منذ بعض الوقت، وأدركت أيضا أن هناك نقص في شركات الأسهم الخاصة، أو الاستثمارات الخاصة، التي تختص في هذا المجال.

وكان المستثمرون يبحثون عن فرص للاستثمار في شركات الرعاية الصحية، وبدوري كنت على ثقة من أنني قادرة على التعرف على الفرص المربحة والتي لديها القدرة على النمو السريع، لذلك كنت أبحث عن شريك مع خبرة طويلة في أسواق الرعاية الصحية، كي نبدأ نشاطنا معا في الأسواق الناشئة.

كانت مجموعة "TVM Capital Group" أحد عملائي في "Boston BioCapital"، وتعاونا معا لاطلاق مشروع مشترك، الذي تمثل بشركة " TVM Capital MENA"، التي تتخذ من الامارات مقرا لها، والتي لديها نية الاستثمار في تنمية رأس المال وعمليات الاستحواذ الصغيرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وتركيا والهند. وكان من الصعب خلال الأزمة المالية في فترة 2008-2010، أن يتم تخصيص رأس مال ضخم لتطوير مثل هذه الخطة، لكننا تمكنا من خلال العزم والارادة الصلبة، من تحقيق الأمر.

الا أن الاستثمار في الأسواق الناشئة ليس سهلا دائما، اذ واجهنا عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، والصعوبة في زيادة رأس المال، اضافة الى الافتقار للمواهب الإدارية المحلية.

- ما هي أبرز أهداف " TVM Capital MENA"؟

"TVM Capital MENA" تلتزم بتقديم مقاربات متخصصة فعالة للاستثمار في قطاعات الرعاية الصحية والأدوية. رؤيتنا تتمحور حول ايجاد الأسواق الملائمة والشركات التي تمثل أهداف استثمارية جذابة، والتي تكون بحاجة إلى زيادة رأسمالها، أو تريد استبدال مساهميها الحاليين، وإعادة هيكلة أو تعزيز قاعدة المساهمين، اضافة الى الشركات حيث الإدارة لديها مصلحة في الاستفادة من الخبرات والشبكات الدولية التي نقدمها.

- لماذا كرست اهتمامك الى مجال الرعاية الصحية وعلوم الحياة؟

منذ البداية أردت الاهتمام بفكرة مهمة بالنسبة الي، شخصيا ومهنيا، وتطويرها إلى مشروع ناجح. واخترت هذا المجال بالتحديد، لأن الاستثمار في قطاع الرعاية الصحية، لا يؤدي فقط الى النجاح المادي، انما يكسب أيضا الرضا الشخصي، والشعور بالامتنان، لأنني تمكنت من إحداث فرق ما على صعيد تحسين نوعية الرعاية الصحية للناس.

عشت لفترة طويلة في الولايات المتحدة، حيث كانت البيئة المحيطة ريادية بامتياز، وكان من السهل للانسان السعي وراء أحلامه. لكن المجال الذي انا فيه يتطلب الالتزام الكامل والتفاني، ولولا المثابرة وعدم الاستسلام، لما تمكنت من النجاح.

- ما هي مشاريعك المهنية المستقبلية؟

الخطة الرئيسية هي المساهمة في تنمية "TVM Capital MENA"، لأنه لدينا بالفعل فريق عظيم ومحترف في دبي، ونريد توسيع نشاطاتنا وزيادة قاعدة موظفينا، لكي تصبح الشركة، ناجحة في مجال الأسهم، في الأسواق الناشئة في المنطقة. ونحن نعمل دائما " with the goal of doing well, while doing good "، أي بهدف اتمام أداء جيد، من خلال فعل الخير.

- ما هي العوائق برأيك التي تحد من تقدم المرأة اللبنانية؟

بعض النساء أكثر نجاحا من الأخريات، وخاصة تلك اللواتي يجدن التوازن بين العمل والأسرة والأمور الشخصية. لكن العائق الرئيسي الذي قد يؤثر على المرأة، هو عدم توفر الدعم من محيطها واطلاق الأحكام المسبقة، والباقي يبقى سهلا للتغلب عليه.

أعتقد أن أكثر ما تحتاج اليه المرأة هو الدعم من عائلتها وأصدقائها، والتشجيع من زوجها لكافة أهدافها المهنية. فللرجل دور مهم جدا في حياة المرأة المهنية، وبامكانه مساعدتها على تحقيق إمكاناتها الكاملة من خلال دعمه وتشجيعه.

ففي الشرق الأوسط، وعلى الرغم من كل التمييز الاجتماعي والتقليدي والقانوني ضد المرأة، لا بد من أن يكون الى جانبها زوج داعم في مجال الأعمال التجارية، والا فمسيرتها ستزداد صعوبة، ووصولها سيكون أبطأ. فهو بامكانه أن يساعدها على التغلب على الكثير من العقبات، التي من الممكن أن تواجهها اجتماعيا وثقافيا.

- كيف تقيمين وضع المرأة في لبنان اليوم من ناحية الحقوق؟

في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، لدينا طريق طويل لنقطعه. وفي لبنان، الذي يعتبر تاريخيا، رائدا في مجال حقوق المرأة بعد أن أقر بعض القوانين المهمة لتحقيق المساواة بين الجنسين منذ عقود عدة، تحقق القليل خلال السنوات الأخيرة.

توجد تغييرات صغيرة تحدث ببطء، لكن لا تزال هناك العديد من القضايا الرئيسية التي تحتاج إلى التصدي لها من أجل تمكين المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع. فأنا أصدم حين أسمع أننا في لبنان متخلفين على صعيد العديد من القضايا المهمة، مثل حقيقة أن المرأة اللبنانية لا تعتبر مواطنة كاملة، وهذا أمر غير مقبول أبدا. كما ان قانون الجنسية يمنع المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي منح جنسيتها إلى زوجها وأولادها، وهناك نقص هائل للتمثيل النسائي في البرلمان.

نعم بعض النساء في الشركات الخاصة، تخطين خطوات كبيرة، والعديد منهن حققن الكثير نسبة الى وضعهن القانوني في البلاد. ولكن حتى يتم اجراء تعديلات على النظام القانوني، فإن غالبية النساء سيبقين بوضع سلبي، ولن نرى أبدا المساواة الحقيقية.

لذلك أنا أريد إلهام المرأة واعطائها الأمل، اذ أنني أدرك أن النجاح هو رحلة طويلة، ولا يمكن أن تتم بليلة وضحاها، لكن علينا اتخاذ الخطوة الأولى نحو تحقيق أحلامنا، وعدم التخلي عنها أبدا.