لفت الامين العام لإتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان ​توفيق دبوسي​ الى أنه لا حل في ظل الأزمة الإقتصادية الحاصلة الا ان نصمد ونبقي على إيماننا بالمؤسسات السياسية على الرغم من أنها لا تقوم بدورها اللازم، فلا يمكن للبنان ان يكون بمنأى عن الأحداث في المنطقة، ولكن يمكن الحد قدر الإمكان من الخسائر من خلال سياسة منفتحة وعدم التدخل في حروب الآخرين، و جاء ذلك في ندوة إقتصادية في نادي الصحافة في فرن الشباك تحت عنوان "هل من أمل في الصمود الإقتصادي بعد؟ وما هي الخسائر والأكلاف على الإقتصاد في كل لبنان" مع الزميلة ريما خداج في برنامج حوار بيروت عبر أثير إذاعة لبنان الحر، بمشاركة رئيس اللجنة الإقتصادية في غرفة بيروت ​صلاح عسيران​ ورئيسة تحرير النشرة الإقتصادية كوثر حنبوري، والصحافيين ليلى الداهوق و​لينا حشا​.

وهذه أبرز المداخلات والتعليقات التي دارت في الندوة:

+ توفيق دبوسي

اننا كهيئات إقتصادية من الطبيعي أن نكون أكثر الناس مسؤولية في المجتمع، والتحرك الذي حصل في 4 أيلول الماضي كان هدفه لفت نظر المسؤولين كي يتخذوا مواقف لتحسين الوضع، و أن التصعيد لا يمكن أن يكون سلبي لأن الهيئات تصعّد من أجل مصالح وطنية، وأي موقف سيكون مدروسا ومصدره الغيرة على الإقتصاد وعلى الوطن ككل.

معظم اللاجئين السوريين اوضاعهم متواضعة، و هم يتوجهون بالتالي إلى المناطق المتواضعة في لبنان، ونحن ذاهبون إلى المجهول، إن لم يكن هناك تنظيم لهذا الملف من النواحي الإنسانية والصحية والإجتماعية والإقتصادية والوطنية، إذ إن هذا الملف إنساني إجتماعي وإقتصادي وطني، وعلى الدولة اللبنانية أن تضع أولويات له، انما المشكلة أنه كيف يمكن للدولة اللبنانية التي لم تقدر على تنظيم ملفات مواطنيها أن توفر أوضاع جيدة للاجئين أو أن تضع أولويات لهذا الملف؟

إن هذا الواقع الذي نعيش فيه هو "مخيف"، وبحال لم يتوفر الأمن و الصحة و الإستقرار  للمواطن ، من الطبيعي أن لا يتوفر الإقتصاد الواعد، إن كامل الملف اللبناني يفتقد لعملية التخطيط، و المسؤولية الأولى تقع على الحكومة اللبنانية ، ويجب العمل على تنظيم ما يسمى بهيئة الطوارئ التي ستختص بجميع المجلات و بمختلف الإختصاصات للعمل على وضع حلول جادة  للأزمات الحالية.

إن مشكلتنا الكبيرة تكمن بأننا الحلقة الأضعف ، خصوصاً و ان الوضع في سوريا مأساوي ، ويجب أن نكون حاضرين "إنسانياً" فقط لمساعدة النازحين السوريين ، ومن المؤكد اننا نتحاكم نتيجة المواقف السياسية لبعض الأطراف اللبنانية ، ومن المعروف أن لبنان يتأثر في كل حدث ممكن أن يحصل في العالم ، و في بلدنا يوجد مناطق لا تتوفر فيها أبرز الشروط الصحية خصوصاً في " طرابلس ، عكار ، الهرمل " ، لذا كيف يمكن للبنان أن يستضيف لاجئين؟ يكفي اننا لا نقدر على الإهتمام بأنفسنا ، فالإهتمام يأتي عند قدرتنا على ذلك، و الحل يكمن في وضع مساعدات خاصة للنازحين السوريين .

يجب ان ننوّه بدور مصرف لبنان وعلى رأسه الحاكم رياض سلامة الذي عليه إجماع لبناني و عربي ، و نحن نتمنى على جميع المسؤولين أن يكونوا بمستوى الحاكم ، كما نتمنى على الجميع أن يمتلك سياسة بعيدة المدى مثل مصرف لبنان .

و يجب الإشارة إلى نقطة بالغة الأهمية ، وهي أن أي مواطن لبناني يصرف مبلغ معين ، يذهب منه 25% إلى خزينة الدولة ( 10% قيمة مضافة و 15% ضرائب مختلفة ) ، لذلك أي دعم للمشاريع أكانت زراعية أو صناعية يخلق فرص عمل ، وهو إستثمار من قبل الدولة و ليس هبة. انا ادعو إلى إعادة الدعم الذي كان يعتمده مصرف لبنان ، لأنه أفضل توظيف يمكن أن تقوم به الدولة.

من جهة أخرى أصدر الإتحاد الأوروبي قراراً بأن " البطاطا اللبنانية " أصبحت مقبولة للدخول إلى الدول الأوروبية ، و أظن أن العسل سيصبح على الأبواب قريباً.

كما أن العلاقة اللبنانية - الخليجية ، هي علاقة إحترام و محبة ، ولبنان ساهم بتأهيل قطاع شبابي جيد، أفاد الدول العربية و الخليجية .

+ صلاح عسيران

لفت عسيران الى انه لا يوجد شك بان الوضع صعب، لكن الصورة ليست سوداوية الى هده الدرجة، فالإحصاء الصادر عن مصرف لبنان في نهاية تموز الماضي أظهر أن عدد الشيكات المرتجعة في أول 7 اشهر من عام 2013 تراجع بنسبة 32% قيمة وعددا مقارنة بالفترة نفسها من عام 2012.

وأضاف أن مستوى الفوائد تراجع عالميا، والسياح الخليجيين لم يزوروا لبنان هذا العام، لكن السياحة الإغترابية والداخلية ساعدت على تنشيط الوضع، فالصادرات اللبنانية كانت وتيرتها معقولة مقارنة بعام 2012، وتم تصدير الكثير من المواد الغذائية الى سوريا والعراق، لكن بسبب إنقطاع الطريق البري إرتفعت تكاليف الشحن عن طريق البحر.

ونوه الى أن الامل عندنا كرجال أعمال وعند الناس موجود، رافضا الجو القاتم فلبنان ليس فندقا نبقى فيه خلال الأوضاع الجيدة ونتركه في الازمات على حد تعبيره.

وتابع بالقول : إن الواقع الذي نعيش فيه هو صعب للغاية ، و نحن كرجال صناعة و منذ 9 سنوات نحاول مع الهيئات الإقتصادية العمل على حل أمرين و هما :

1_ إعفاء الصادرات الصناعية من ضريبة الأرباح

2_ تخفيض كلفة " مرفأ بيروت " على " كونتينر الصادرات "

حيث أن تكلفة كل " كونتينر صادرات " يتم شحنه من مرفأ بيروت تبلغ 600 دولار ، وكيف سنتمكن من تطبيق " روزنامة زراعية" و لبنان غير قادر على ضبط دخول مليون و 400 شخص من سوريا؟ فموضوع الرزنامة الزراعية أمر مستحيل للغاية نتيجة الفلتان الحاصل على الحدود.

وأشار الى إن الاحصاءات ليست غائبة كلياً بل هي موجودة إلى حد ما، و لا يمكننا أن نحمل المسؤولين في لبنان أكثر من طاقاتهم ، فالنظام اللبناني فشل منذ زمن. وقد نشر البنك الدولي تقرير يوضح الأرقام بناءً على تكليف من الحكومة اللبنانية ، ما يعطي مصداقية للأرقام ، فتقديرات البنك الدولي أوضحت أن كلفة النزوح السوري إلى لبنان بلغت  7.5 مليار دولار ، كما يمنع علينا الحد من النزوح في حين أن كل البلدان الخليجية منعت دخول النازحين السوريين الى أراضيها، بالإضافة إلى  تركيا التي منعت ذلك إلى حد ما، كما تمكنت مصر مجدداً من منع دخول اللاجئين السوريين إليها. وأثبت مخيم الزعتري في الأردن فشله بالرغم من حصوله على مساعدات أوروبية، و الأسوأ من ذلك لقد نتج عن قمة الكويت الإقتصادية التي عقدت في حزيران 2011 ( أوائل الأزمة السورية ) إعتماد لبنان  ما يقارب 357 مليون دولار لدعم النازحين ، و لم يصل لبنان اي قسم من هذه الأموال ، فالمطلوب من لبنان للأسف أن يتحمل أكثر من طاقاته دون أي دعم مالي.

أما بالنسبة لقرار مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق في لبنان: من وجهة نظر تلك الدول فهم يتصرفون تصرف دولة لحماية مصالحهم وشعبهم وسياستهم ورعاياهم ، و من المؤكد أن لبنان قد تأذى من هذا القرار ، انما نحن و الخليج " قصة غرام " و " علاقة تاريخية" قديمة جداً ، لذا علينا أن نتفهم خوفهم و وجعهم على مصالحهم .

بالأمس الغى البريطانيون إنذار رعاياهم لزيارة لبنان ، و هناك كلام أن الأسبوع المقبل سيلغي الإتحاد الأوروبي إنذار رعاياه بالسفر إلى لبنان ، و هنا اتمنى على مجلس التعاون الخليجي و نظراً للعلاقة القديمة ، أن يقدم أولاً على إلغاء إنذار رعاياهم بالسفر إلى بلدهم لبنان ، خصوصاً و أن الخليج هو رئة إقتصادية مهمة للبنان ، و العراق أيضاً على طريق الصواب في ذلك، حيث يوجد الاف العراقيين يأتون إلى لبنان للطبابة .

و سألت معدة البرنامج الزميلة ريما خداج ، عن إنعكاس  أزمة اللاجئين السوريين على الإقتصاد في كل لبنان ، مشيرة إلى أن لبنان هو المكان الأقرب للاجئين ، انما العملية غير منظمة بشكل فعلي ، وعلى الصعيد الإنساني فلبنان بواجبه على أكمل وجه، انما من الناحية المنطقية و العلمية و الإقتصادية لهذا الملف تأثير كبير و إنعكاس على الوضع الإقتصادي في لبنان .

وتابعت خداج :

لماذا لا يكون هناك تنظيم واضح المعالم لملف اللاجئين السوريين؟

كيف سنقوم بتنظيم "فوضى " اللاجئين ؟

هل وزارة الصحة و المستشفيات قادرة على إستوعاب أعداد أخرى كبيرة من اللاجئين ؟

ما هي قدرة المدارس الرسمية على إستقبال أعداد الطلاب السوريين ؟

+ ​كوثر حنبري​ :

الجمعة المقبلة ستنطلق " المجموعة الدولية لدعم لبنان " ، في 25 أيلول ، و السؤال الذي يطرح هنا : هل لبنان ملفه كامل و جاهز من حيث الاحصاءات ؟ هل نمتلك رقم حقيقي و مقرب لأعداد اللاجئين السوريين ؟ هل نعرف أرقام الطلاب الذين سيدخلون الى المدارس هذا العام ؟

فالمسؤولين بدأوا بتنظيم ملف عن المساعدات لهذا المؤتمر  منذ أقل من شهر ، بينما كان يجدر عليهم أن يقوموا بذلك سابقاً ، خصوصاً و أن أخر تقرير للبنك الدولي أشار إلى أن ما يقارب 170 ألف لبناني سينحلوا تحت " خط الفقر " نتيجة إزدياد أعداد السوريين الذين يأخذون مكان العامل اللبناني .

نحن لا نقدر على تأمين الأشياء البسيطة من المسؤولين لدينا ، خصوصاً في مجال رفع الأسعار ، حتى أن وزير الإقتصاد تمنى بالأمس بعدم رفع أسعار الكتب مع بداية الموسم الدراسي .

+ ليلى الداهوق

لا يمكن العيش دون أمل ، و أوجه التحية إلى رجال الإقتصاد في لبنان لأنهم كانوا وطنيين أكثر من السياسيين ، و اثبتوا من خلال وحدتهم خوفهم على الوضع الإقتصاد اللبناني ، حيث لا يمكننا أن ننكر وقفتهم .

لقد إحتل لبنان من أصل 148 دولة ، رقم 138 عالمياً من جهة البيئة المؤسساتية، و مرتبة 119 لجهة تطور البنى التحتية ، و مرتبة 148 فيما خص إستقرار مؤشرات الإقتصادية .

انني اقترح أن يتم التركيز على قطاعي الصناعة والزراعة ، فموضوع " الروزنامة الزراعية" أمر بالغ الأهمية ، و هو ما سيؤدي إلى تقوية القطاع الزراعي ، أما  بالنسبة للصناعة فيجب أن تقوم الدولة بدعم رجال الإقتصاد الصناعيين  بالاكلاف ، و من جهة أخرى ، يجب ضبط موضوع الجمارك الذي يؤثر على رجال الصناعة في لبنان بشكل سلبي .

نحن إنسانياً لا يمكن أن نتراجع عن مساعدة اخواننا السوريين ، انما هناك واقع يجب أن نؤكده بأن هذا الواقع يؤثر سلباً على وضع اللبناني الإقتصادي ، خصوصاً في مجالات السكن ، و المدرسي ، و العمل .

فاللبناني سيصبح على الطرقات ، حيث أن بعض المدارس اللبنانية بدأت تستغني عن الطالب اللبناني ، لإستقبال الطالب السوري ذات الوضع الدراسي السيئ ، ما سيؤدي إلى تراجع المستوى الدراسي اللبناني .

نحن لا ننكر دور القطاع المصرفي في هذه الفترة الحرجة ، و بحسب الدراسات أنه بقدر ما ينجح مصرف لبنان بدعم سياسة الإستقرار النقدي ، بقدر ما ينجح القطاع المصرفي بإستمرار ضخ السيولة للقطاعات الإقتصادية ، و هذا ما يؤكد بوجود بصيص أمل في هذه الفترة .

+ لينا حشا :

وجود اللاجئين السوريين موضوع مهم و مستجد علينا في لبنان ، انما موضوعنا الأكبر و الأعمق هو الحكومة اللبنانية ، التي نسمع اليوم بأنه يوجد جهود لإعادة تعويم حكومة الرئيس ميقاتي ، هذه الحكومة التي وصل معدل النمو فيها إلى 0%-1% ، بينما قد كان وصل في السابق إلى 8%-10% .

إن الطاقم السياسي الذي يحكم البلد اليوم هو غير صالح لهذه المهمة ، لذا فنحن بحاجة إلى إعادة تأهيل من خلال عقد إجتماعي جديد بين الدولة اللبنانية والمواطن .

اقترح أن تقوم الهيئات الإقتصادية و رجال الأعمال في لبنان  ، بدور " إعادة التوجيه " للشباب الذين يمتلكون مبادرات جديدة خاصة بسوق العمل .

نحن بحاجة إلى " إعادة ترشيد " ، فالصناعي الذي يتم إعادة ترشيده من خلال توجيهه إلى الصناعات الأقل تكلفة و التي تؤمن ربح أكبر .

و على سبيل المثال : ( زراعة الفطر ) لا تكلف كثيراً انما تعتبر من المشاريع المربحة .