لم ير الدكتور ​بول مرقص​ (محام ودكتور في الحقوق رئيس مؤسسة جوستيسيا للانماء وحقوق الانسان ) ان هناك فرصا كبيرة في لبنان لاستقطاب ​الودائع القبرصية​ لأن لا يوجد لدينا سياسة استقطابية لهذه الودائع ونحن المعروفون كلبنانيين بـ"ملوك الفرص الضائعة" والسبب ان  السياسة عندنا اهم من الاقتصاد والحياة الاجتماعية والمالية وقال الدكتور مرقص  في لقاء خاص معه لـ"النشرة الاقتصادية"  ان المطلوب هو ترشيد السياسة وعقلنتها من قبل الاقتصاد.

وكانت مناسبة لنسأله خلال اللقاء عن ​الجانب القانوني الحقوقي​ لعدد من القضايا مثل الحدود البحرية مع اسرائيل على ضوء اكتشاف النفط والغاز وصولا الى الشأن المحلي الحياتي مثل مصير مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الذي اقرته الحكومة الميقاتية عشية استقالتها.

وبدأ الحوار معه  بالسؤال:

*في ظل الازمة التي تعاني منها قبرص هل تعتبر ان لبنان في استطاعته استقطاب الاموال التي تأتي من المصارف التي كانت متواجدة في المصارف القبرصية ؟

ان لبنان يشهد له يتضييع الفرص ونحن قد اصبحنا ملوكاً في ذلك لاننا لا نحسن استقطاب الودائع التي تكون هاربة من اسواق تعاني من ازمات او نحن كما هو الحال في العديد من الدول العربية التي ادت فيها الثورات والحروب الى هروب الودائع دون ان يكون لدينا نحن اللبنانين سياسة لاستقطاب هذه الرساميل لاننا نعتبر ان السياسة بالمعنى المبذل اهم من الاقتصاد والحياة الاجتماعية والمالية وهو  بالكبع خطأ بنيوي نقع فيه دائما لاننا لا نراعي الميزات التي يتمتع بها لبنان من السرية المصرفية  والنظام الحر الليبرالي للتداول والتبادل بالعملات وبالتالي هذه المزايا الكثيرة نبقيها حبرا على ورق ففي لبنان لدينا سرية مصرفية مطلقة وقد اصبحت اكثر تشدداً من النموذج السويسري الذي اقتبس منه لبنان احكامه المصرفية في العام 1956 لان النظام السويسري قد تراجع بينما لبنان قد بقي على السرية المصرفية المتشددة الجاذبة للايداعات والتحويلات المصرفية الا انه لم يحسن يوما وضع سياسة اعلامية واقتصادية لاستقطاب الودائع وتحديدا بالنسبة للازمة في قبرص فانا اخشى ان نعيد تكرار  الاسطوانة المعطلة لدينا في ان نخفق باستقطاب الودائع اذن فالمطلوب هو ترشيد السياسة وعقلنتها من قبل  الاقتصاد وهذا امر نسعى اليه جاهدين بينما السياسيون ذاهبون الى امور اقل شئناً واهمية مع الاسف الشديد.

*كيف تصف تأثير هذه الودائع على الاقتصاد اللبناني ؟

ان استقطاب الودائع هو امر حميد وايجابي ولكن يجب ان نفرق بين 3 انواع من هذه الودائع : الودائع اللبنانية في المصارف اللبنانية في قبرص وهذا امر لا يقدم او يؤخر ولا يؤثر في شكل كبير ولا يحدث فرقا نوعيا  اذا اتت هذه الودائع الى لبنان لانها مودعة في فروع مصارف لبنانية في قبرص .

اما النوع الثاني فهي الودائع التي يشتبه في انها ناتجة عن عمليات تبيض اموال ولبنان لا مصلحة له في استقطابها لان لا مصلحة لنا في ان يعيش الاقتصاد اللبناني على الجريمة وان ينتعش من اموال تاتي من مصادر غير مشروعة .

اما النوع الثالث من الودائع هي الودائع النظيفة التي تاتي من المال الشرعي وهو النوع الذي يجب استقطابه رغم انني لا ارى في لبنان فرصاً كبيراً لاستقطاب هذا النوع من الودائع والسبب ان المودع ينأى بنفسه عن البلاد التي بين الحين والاخر تقع في ازمات واضطرابات كما هو الحال اليوم في لبنان حيث نشهد موجات اغتيال واحداث امنية او ارجاء استحققات انتخابية كما يحدث من تفكير هجين  بتاجيل الانتخايبات او عدم اجرائها متذرعين بحكومة تصريف الاعمال علما ان تصريف الاعمال لا يعفي من اجراء الانتخابات وهذه الاحداث والظروف لا تشجع المستثمر على تحويل امواله الى لبنان خصوصاً وان ليس ثمة سياسة استقطابية في لبنان لهذه الودائع .

مع بداية دورة التراخيص للتنقيب عن النفط ووضع القانون  لها هل ما زال هناك من الناحية القانونية مشاكل مع اسرائيل ؟

طبعاً هنالك حدود بحرية متنازع عليها وهنالك اختلافات قد تكون بيننا وبين قبرص ولكن هناك نزاعات فعلية ربما ستؤل الى نزاع قضائي او وساطة للامم المتحدة وهذا الخيار ما ادعو اليه لانهاء الخلافات فيما يتعلق بالحدود وخصوصا بالنسبة للمنطقة الاقتصادية المحصورة والتي تحوي على كنوز نفطية ومنابع لمستخرجات التي تدر الاموال الكثيرة لانه كلما ابتعدنا عن الشاطئ كلما اصبحت الغنيمة النفطية اكبر وبالتالي هذه هي نقطة النزاع وريثما يتم ذلك، على لبنان استكمال اجراءاته الداخلية واستقطاب الشركات المولجة باستخراج النفط كما عليه لناحية ترسيم خط الشاطئ الذي على اساسه تحديد الحدود البحرية للبنان التي تتجاوز المياه الاقليمية اللبنانية اي 12 ميل كي تبلغ هذه المنطقة الاقتصادية الغنية بالمستخرجات النفطية والغازية .

على صعيد استثمار هذه الموارد هناك بدء ظهور تباينات حول كيفية استثمارها  ونامل ان لا تدخل السياسة في هذا المجال كي لا تفسده اكثر .

*في موضوع سلسلة الرتب والرواتب التي تم احالتها الى مجلس النواب وفي اليوم التالي اعلنت الحكومة استقالتها هل تعتبر سارية المفعول او ان الحكومة الجديدة يمكنها اتخاذ القرار مثل اعادة النظر فيه ؟

 المبدا ان الحكم استمرارية وبالتالي ان اي قرار تتخذه الحكومة يصبح ملزماً للحكومة المقبلة انما بالتدقيق يجب الاستفسار امام محلس النواب ما اذا كانت الحكومة قد ارسلت بالفعل مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب وهو بالمبدأ اقر كما اقرت حد ادنى من التفاصيل على مدى اكثر من جلسة حكومية والعبرة تكمن ان ياخذ مشروع القانون مساره متى ارسلته الحكومة الى المجلس وهذه النقطة يجب التدقيق بها امام دوائر مجلس النواب لمعرفة ما اذا كان المشروع بالفعل ارسل من الحكومة واحيل الى اللجان النيابية المختصة كي تدرسه الا ان العبرة هي في الاقرار الاخير لهذا القانون لانه يمكن ان ياخذ شكلا مختلفا عما ارسل عليه والعبرة في التصويت النهائي على النص النهائي لسلسلة الرتب والرواتب وقبل ذلك لا يمكن التنبؤ بحثيات وحذافير سلسلة الرتب والرواتب .