صلاح عسيران​ شخصية مكافحة سعت الى النجاح ووصلت بالجهد والشفافية والخبرة الى الهدف المحدد، طموح مجتهد لا ييأس فاستحق بجدارة أو يكون في عداد نخبة رجال الأعمال الذين كافحوا لبلوغ النجاح وساهموا في دعم اقتصادات بلادهم.

رجل أعمال متميز، عابر للحدود والقارات، يشكل عالم الأعمال مجاله الرحب، والنجاح هدفه، وزاده فضل الوالد عليه كما يحب أن يؤكد في كل مناسبة وعند كل محطة في حياته العملية.

هو الابن البكر لعائلة معروفة مكونة من ولدين و3 بنات ترعرع في بيروت في جو ثقافي وأكاديمي متنوع.

مسيرته العملية بدأت في مدرسة الحكمة التي أصر على دخولها رغم الوضع المالي غير المريح للعائلة، وذلك ايماناً منه بالمستوى التعليمي لهذه المدرسة.

بعد نيله الشهادة السنوية في العام 1973 توجه الى كلية العلوم في الجامعة اللبنانية التي سرعان ما تركها ليدخل كلية الحقوق مدفوعاً برغبة التعويض عما لم يستطع والده نظام عسيران تحقيقه، فالوالد كان دخل الى كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية أيام الاحتلال الفرنسي وترك هذه الكلية بعد إنهائه العام الجامعي الأول لأسباب وطنية حيث كانت الجامعة تدار من قبل الانتداب الفرنسي.

لم تكتمل مسيرة صلاح عسيران العملية في كلية الحقوق بسبب نشوب الحرب اللبنانية التي دفعته الى التوجه نحو السعودية لقضاء فترة قصيرة ريثما تنتهي الحرب ويعود الى لبنان. ومع تدهور الأوضاع اللبنانية وإطالة فترة الحرب اضطر عسيران الى العمل في السعودية كموظف عادي في شركة ايطالية تعمل في مجال المقاولات.

في السعودية تابع صلاح عسيران دراسته ليلاً الى جانب العمل واكتسب خبرة عملية واسعة في الايطاليين والأوروبيين الذين عمل معهم ومع الجهات الادراية والوزارية في السعودية حيث كان يتابع عقود العمل الموقعة بين الشركة الايطالية والجهات السعودية، وكان يعود الى لبنان سنوياً في شهر حزيران لتقديم الامتحانات في كلية الحقوق في بيروت ثم يعود الى السعودية الى أن تخرج محققاُ بذلك ما كان يطمح ويحلم به.

واقع العمل في السعودية دفعه الى الانخراط أكثر فأكثر في مجال الأعمال، وأبعده بالتالي عن مهنة المحاماة.

من شركة المقاولات الايطالية العاملة في السعودية انتقل صلاح عسيران الى تأسيس شركته الجديدة المستقلة التي شغل فيها في البدء كل المناصب، من المدير العام الى عامل الهاتف، أما مجال عمل الشركة فكان أولاً ضمن قطاع وكالات شركات المقاولات الأجنبية، وكان توجه الشركة نحو شركات المقاولات الآسيوية والكورية التي كانت دخلت السوق السعودي بقوة لمنافسة الشركات الأوروبية.

عمل عسيران بشكل مكثف ما بين 12 الى 14 ساعة يومياً حيث اكتسب خبرات غنية الى جانب تحقيقه المكسب المادي.

بعد عقد من الزمن في السعودية قرر التوسع خارج المنطقة التي كانت تعاني من فترة الانكماش الاقتصادي، واندفع متسلحاً بالمال والخبرة الى العمل في الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع صديق أميركي كان قد تعرف اليه في السعودية. بعد دراسة السوق الأميركية وقع اختياره على القطاع العقاري حيث بدأ بالاستثمار فيه وأصاب النجاح.

ومن مجال العقارات انتقل صلاح عسيران الى المعلوماتية فدخل في أوائل التسعينات شريكاً في شركة برامج معلوماتية أميركية التي وقعت تحت منافسة ثورة الانترنت، إلا أن اصرار عسيران على النجاح حال دون سقوط هذه الشركة التي عادت وحققت نجاحاً كبيراً.

تابع أعماله الناجحة في السعودية والولايات المتحدة الأميركية. وفي التسعينات عاد الى تركيز نشاطه مجدداً في السعودية بزخم أكبر، ومع نشوب حرب الخليج الأولى انتقل وعائلته الى الاقامة في العاصمة الفرنسية باريس وركز اهتماماته العملية على المنطقة الأوروبية.

بمحض الصدفة، بدأ عسيران في السويد، وبفضل الخبرة والمثابرة بات اليوم يملك في السويد محفظة استثمارية متنوعة صناعية وخدماتية.

لم يغب لبنان عن بال صلاح عسيران رغم نجاحاته الكبرى في العالم. في العام 1995   قرر الانتقال بعائلته الى بيروت، وأولى استثماراته كانت حصة في المؤسسة اللبنانية للارسال وأصبح عضو مجلس الادارة. كما أنشأ شركة "سبيل" للمياه المعبأة ودخل في استثمارات أخرى متنوعة.

تجربة عسيران في لبنان علمته الصعوبات التي تحيط في عالم الأعمال في هذا البلد بحسب تفكيره حيث اكتشف أن الأوضاع في لبنان غير سهلة لتطور العمل لأن البلد قائم على عوامل لا علاقة لها بالعمل، والعوامل الايجابية للاستثمار في لبنان معطلة.

سعى الى محاربة الأوضاع الاقتصادية المتردية في لبنان على غير جبهة، فدخل غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان في العام 2000، وعلى حدّ تعبيره فإن الغرفة شكلت موقعاً أمكنه الاطلاع على أمور كثيرة لا سيما محدودية قدرة البيئة الاقتصادية على تصويب المسار الانحداري للواقع اللبناني.